العرب أهلي
04-12-2004, 03:00 AM
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0>
<TBODY>
<TR>
<TD dir=rtl vAlign=top width="50%">
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><B><FONT face="Arabic Transparent" size=3>إعداد الأستاذ / مصطفى عاشور<?XML:NAMESPACE PREFIX = O /><O:P> من موقع الإسلام على الإنترنت</O:P></FONT></B></P></TD></TR>
<TR>
<TD dir=rtl vAlign=top colSpan=2>
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0>
<TBODY></TBODY></TABLE><!--p style="margin-left: 6; margin-right: 6; margin-top: 3; margin-bottom: 3" align="right"><b><font size="4">المصدر</font></b></p-->
<CENTER></CENTER><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=5></FONT><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=4></FONT><B><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=6></FONT></B><B><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=6></FONT></B><B><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=6></FONT><FONT face="Simplified Arabic" size=4></FONT></B>
<TABLE width=50 align=left border=0>
<TBODY>
<TR>
<TD><IMG height=162 src="http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/03/images/pic21c.jpg" width=211 border=0></TD></TR>
<TR>
<TD>
<P align=center><B><FONT face="Traditional Arabic" size=3>جزء من خط القطار</FONT></B></P></TD></TR></TBODY></TABLE>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>يعتبر خط سكة حديد الحجاز من أروع إنجازات السلطات العثماني <A href="http://www.islam-online.net/Arabic/history/1422/11/article02.shtml" target=_blank><FONT color=#000099>عبد الحميد الثاني</FONT></A> من الناحية السياسية والدينية والحضارية؛ إذ استطاع هذا المشروع العملاق الذي امتد العمل فيه ثماني سنوات متتالية أن يقدم خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، تمثلت في اختصار وقت هذه الرحلة الشاقة التي كانت تستغرق شهورًا، يتعرضون فيها لغارات البدو ومخاطر ومشاق الصحراء، فأصبحت الرحلة بعد إنشاء هذا الخط الحديدي الذي بلغ طوله (1320) كم تستغرق أيامًا معدودة ينعمون فيها بالراحة والأمان.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وعاش المسلمون في كافة البلدان حلم إنشاء الخط الحجازي، وتابعوا مراحل إنشائه، وتبرعوا له من أموالهم، وغطت هذه التبرعات ثلث تكاليفه، وتفجرت الحماسة الدينية في قلوب المسلمين، فالتفوا حول الخلافة العثمانية وسلطانها بعد فترة طويلة من الركود.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وتخيل الكثيرون أن البعث والصحوة بين المسلمين اقترب زمانها، وتجلت هذه المشاعر الفياضة في حماسة العمل وسرعة إنجازه، وعندما وصل أول قطار إلى المدينة المنورة حاملا الحجاج انهمرت الدموع، وانهالت الدعوات للسلطان <A href="http://www.islam-online.net/Arabic/history/1422/11/article02.shtml" target=_blank><FONT color=#000099>عبد الحميد</FONT></A>.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقدم بعض الحاقدين والناقمين على السلطان ممن عاصروه أو المؤرخين من خصومه تفسيرات تعسفية ادعوا فيها أن هدف إنشاء الخط الحجازي كان قمع الثورات في الحجاز، ولخدمة أهدافه العسكرية، وتوجهاته الاستبدادية. والواضح أن هؤلاء الخصوم لا يتركون فرصة للتقليل من شأن السلطان عبد الحميد الثاني إلا وجهوا فيها سهام حقدهم ونقدهم إلى شخصه، حتى أعماله العظيمة طبعوها بطابع الاستبداد.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>سياسة عليا<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كان إنشاء خطوط السكك الحديدية لربط أجزاء الدولة العثمانية المترامية الأطراف سياسة عليا للسلطان عبد الحميد الثاني، فالشام والحجاز لم يشهدا خطوطًا حديدية إلا في عهده، فكان الخط الحديدي من يافا إلى القدس سنة (1306هـ = 1888م) أول الخطوط الحديدية في الشام، واستهدف السلطان من إنشائه خدمة الحجاج المسيحيين القادمين من أوروبا بحرًا إلى يافا، وبلغ طول هذا الخط (87) كم، كذلك تم إنشاء خط حديدي بين دمشق وبيروت بطول (147) كم كان يقطعها القطار في ست ساعات.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كان الحجاج المسلمون يلاقون صعوبات كبيرة أثناء تأديتهم هذه الفريضة قبل إنشاء الخط الحجازي، منها طول المسافة حيث كان طريق الحج العراقي يقترب من (1300) كم، وتستغرق الرحلة فيه شهرًا كاملاً. أما طريق الحج المصري فيبلغ من سيناء (1540) كم، ويستغرق أربعين يومًا، ويزيد خمسة أيام من طريق عيذاب. وطريق الحج الشامي يمتد (1302) كم، وتستغرق الرحلة فيه أربعين يومًا. أما حجاج المناطق النائية من العالم الإسلامي فكانت رحلتهم تستغرق ستة عشر شهرًا وأكثر؛ وهو ما جعل بعض الأغنياء يتقاعسون عن أداء الحج، نظرًا لطول المسافة ومشاق السفر، وندرة المياه، وغارات البدو وقتلهم لبعض الحجاج وسلب أموالهم.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>بواعث الإنشاء.. والتمويل <O:P></O:P></B></FONT></P>
<DIV align=left>
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width=100 align=left border=0>
<TBODY>
<TR>
<TD><IMG height=187 src="http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/03/images/pic21d.jpg" width=211 border=0></TD></TR>
<TR>
<TD>
<P align=center><B><FONT face="Traditional Arabic" size=3>أحد قطارات الخط متحطما بالقرب من معان بالسعودية</FONT></B></P></TD></TR></TBODY></TABLE></DIV>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تكاد تنحصر أهداف السلطان عبد الحميد في إنشاء الخط الحجازي في هدفين أساسيين مترابطين، أولهما: خدمة الحجاج بإيجاد وسيلة سفر عصرية يتوفر فيها الأمن والسرعة والراحة. أما الهدف الثاني: فدعم حركة الجامعة الإسلامية التي كانت تهدف إلى تكتيل جميع المسلمين وتوحيد صفوفهم خلف الخلافة العثمانية لمواجهة الأطماع الأوروبية في العالم الإسلامي. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقامت حركة الجامعة الإسلامية على دعامتين أساسيتين، هما: الخلافة والحج، لذلك أراد أن يتخذ من الحج وسيلة عملية كي يلتف المسلمون حول الخلافة، وربط إنشاء الخط الحديدي الحجازي بحركة الجامعة؛ فيظهر أمام العالم الإسلامي بصورة الخليفة حامي وخادم الحرمين الشريفين، وبذلك يستقطب المسلمين نحو حركة الجامعة الإسلامية.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>واجهت المشروع صعوبات تمويلية، منها ضخامة تكلفته التي قدرت بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية، والأزمة المالية التي تواجهها الدولة العثمانية، فضلاً عن ذلك فإن السلطان عبد الحميد أراد أن يضفي على مشروعه الطابع الإسلامي؛ ومن ثم أراد أن يتم إنشاء المشروع برأسمال إسلامي دون اللجوء إلى بيوت المال الأجنبية الربوية، فوجه عبد الحميد نداءً إلى <FONT face="Simplified Arabic" size=4>العالم الإسلامي عبر سكرتيره "عزت باشا العابد" للتبرع</FONT> للمشروع. ولقي هذا النداء استجابة تلقائية من مسلمي العالم وانهالت التبرعات، وكان اتساع نطاق هذه التبرعات مظهرًا عمليًا لحركة الجامعة الإسلامية. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تبرع السلطان بمبلغ (320) ألف ليرة من ماله الخاص. وتبرع شاه إيران بخمسين ألفًا، وأرسل خديوي مصر عباس حلمي الثاني كميات كبيرة من مواد البناء، وتألفت في سائر الأقطار الإسلامية لجان لجمع التبرعات.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4> وأصدرت الدولة العثمانية طوابع تمغات لمصلحة المشروع، وأصدرت أوامر بقطع 10% من رواتب موظفي الدولة لصالح المشروع، وجمعت جلود الأضاحي وبيعت وحولت أثمانها إلى ميزانية الخط، وبذلك انتقلت حماسة إنشاء الخط الحجازي إلى العالم الإسلامي، وكان مسلمو الهند من أكثر المسلمين حماسة له؛ وهو ما أثار غضب بريطانيا، فوضعت العراقيل أمام حملات جمع التبرعات حتى إنها رفضت أن يرتدي المسلمون الهنود الذين اكتتبوا في الخط الأوسمة والنياشين العثمانية.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>ولم تقتصر تبرعات وإعانات المسلمين على الفترات التي استغرقها بناء الخط فحسب، بل استمر دفعها بعد وصوله إلى المدينة المنورة؛ أملاً في استكمال مدّه إلى مكة المكرمة. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>تنفيذ وعقبات<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تشكلت لجنتان -بعد قرار السلطان عبد الحميد- للإشراف على تنفيذ المشروع، الأولى برئاسة عزت باشا العابد ومقرها إستانبول، والأخرى للتنفيذ ومقرها دمشق برئاسة والي الشام. وقام مهندس عثماني بمسح المنطقة التي يمر بها الخط بين دمشق والمدينة المنورة، وكانت سياسة الدولة العثمانية آنذاك هي الاعتماد على المهندسين المسلمين وعدم جلب مهندسين أجانب إلا عند الضرورة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وتتبع الخط الحجازي بصفة عامة الطريق القديم الذي كانت تسلكه قوافل الحجاج، ولم يحد عنه إلا في بعض المناطق الوعرة، وتم تخصيص بعض القوات العسكرية لحماية العاملين في المشروع من غارات البدو.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>واحتفل ببدء المشروع في (جمادى الآخرة 1318هـ = سبتمبر 1900م) وابتدأ العمل في منطقة المزيريب من أعمال حواران ببلاد الشام، ثم قررت الحكومة العثمانية إيصال الخط الحجازي إلى دمشق، لذلك قررت إنشاء خط درعا – دمشق، وباشرت العمل من دمشق ومزيريب في وقت واحد، وعهدت إلى مهندسين ألمان بإنشاء الخط، لكنها لم تسمح إلا للمهندسين المسلمين بالعمل في مد الخط في المنطقة الواقعة بين العلا والمدينة المنورة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>صادف المشروع عقبات كثيرة، كان على رأسها نقص المياه، وأمكن التغلب على ذلك بحفر آبار وإدارتها بمضخات بخارية أو طواحين هواء، وجلبت المياه في صهاريج تسير على أجزاء الخط التي فرغ من مدّها. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>ولمواجهة نقص العمال وتوفير النفقات استخدمت قواتٌ من الجيش العثماني بلغ عددها زهاء ستة آلاف جندي ومائتي مهندس كانوا يعملون في الخط بصفة دائمة. كذلك كانت السيول الجارفة إحدى العقبات التي شكلت خطورة كبيرة وحقيقية على الخط الحجازي في مرحلتي البناء والتشغيل؛ لذلك قام المهندسون بإنشاء مصارف للسيول على طول الخط الرئيسي.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>أما الرمال المتحركة التي تعرض صلابة الخط للخطر وتؤدي إلى انقطاع الحركة بتحرك الخط عن مكانه فأمكن التغلب عليها بتغطية منطقة الرمال المتحركة بطبقة من الصلصال، وبُني سد حجري ضيق يمتد موازيًا للخط الحجازي ليحول دون خطر تغطيته بالرمال المتحركة. أما مشكلة الوقود فتم استيراد الفحم من الخارج وأقيمت مستودعات ضخمة لتخزينه. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>تكلفة ومعدل إنجاز<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تعد تكاليف الخط الحجازي من أقل تكاليف خطوط السكك الحديدية في الدولة العثمانية على الإطلاق رغم ضخامة وكثرة منشآته، فقد بلغ مجموع تكاليفه -بما في ذلك القطارات والعربات وسائر المباني على طول الخط- حوالي أربعة ملايين و283 ألف ليرة عثمانية. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كما تميزت معدلات الإنجاز في إنشاء الخط بارتفاع ملحوظ؛ إذ وصل متوسط معدل الإنجاز السنوي حوالي (182) كم وهو معدل مرتفع جدًا آنذاك،مقارنة بمعدلات الإنجاز الأخرى.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقد وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في (22 رجب 1326هـ = 23 أغسطس 1908م) وأقيم الاحتفال الرسمي لافتتاح الخط الحديدي بعد ذلك بأسبوع ليصادف تولي السلطان عبد الحميد الثاني السلطنة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>نتائج الخط<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>أسدى الخط الحجازي خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام؛ حيث استطاع حجاج الشام والأناضول قطع المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة في خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يومًا، مع العلم أن الوقت الذي كان يستغرقه القطار هو (72) ساعة فقط، أما بقية الأيام الخمسة فكانت تضيع في وقوف القطار في المحطات وتغيير القاطرات. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وحشد الخط عاطفة المسلمين خلف شعار الجامعة الإسلامية، وهذا ما دفع السفير البريطاني في إستانبول ليؤكد أن عبد الحميد ظهر أمام ثلاثمائة مليون مسلم بمظهر الخليفة والزعيم الروحي للمسلمين حين مد سكة حديد الحجاز.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وساعد الخط الحجازي في نهضة تجارية واقتصادية لمدن الحجاز، وكافة المدن الواقعة على امتداد الخط، ومنها مدينة حيفا التي تحولت إلى ميناء ومدينة تجارية هامة، وكذلك المدينة المنورة. كذلك ظهرت مجتمعات عمرانية نتيجة استقرار بعض القبائل والتجمعات البدوية على جانبي الخط في بعض الجهات واشتغالهم بالزراعة. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>ومن مظاهرة حركة العمران التي صاحبت إنشاء الخط إضاءة المدينة المنورة بالكهرباء لأول مرة، حيث ابتدأت إنارة الحرم النبوي الشريف يوم افتتاح سكة الحديد، وتم جعل المدينة المنورة محافظة مستقلة مرتبطة مباشرة بوزارة الداخلية العثمانية.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقد استخدم الخط الحجازي في بعض الأغراض العسكرية، ولا يتنافى هذا مع كونه أنشئ أساسًا لأغراض غير عسكرية، فأسهم في توطيد سلطة الدولة في المناطق الثائرة في بعض المناطق في قلب الجزيرة العربية، ووفر حماية قوية للأماكن المقدسة في مكة والمدينة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>تخريبه <O:P></O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>استمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة ما يقرب من تسع سنوات نقلت خلالها التجار والحجاج، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى ظهرت أهمية الخط وخطورته العسكرية على بريطانيا؛ فعندما تراجعت القوات العثمانية أمام الحملات البريطانية، كان الخط الحجازي عاملاً هامًا في ثبات العثمانيين في جنوبي فلسطين نحو عامين في وجه القوات البريطانية المتفوقة. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وعندما نشبت الثورة العربية بقيادة الشريف حسين واستولت على معظم مدن الحجاز، لم تستطع هذه القوات الثائرة السيطرة على المدينة المنورة بسبب اتصالها بخط السكة الحديدية ووصول الإمدادات إليها، واستطاعت حامية المدينة العثمانية أن تستمر في المقاومة بعد انتهاء الحرب العالمية بشهرين؛ لذلك لجأ الشريف حسين –تنفيذًا لمشورة ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس- إلى تخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه في عدة أجزاء منه، وكانت الذريعة التي سوّلت للحسين القيام بهذا العمل اللاأخلاقي التخريبي تتمثل في احتمال قيام "أحمد جمال باشا" قائد الجيش العثماني الرابع باستغلال سكة حديد الحجاز في نقل قواته لضرب الثورة العربية في عقر دارها.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>محاولات تشغيل <O:P></O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كان الخط الحجازي يمر في أراضي الدولة العثمانية، وعقب انتهاء الحرب العالمية الأولى أصبح الخط يمر في أراضي أربع دول نتيجة لتغير الخريطة السياسية للشرق العربي الآسيوي وتفتيته إلى عدة دول وكيانات سياسية، وهي سوريا والأردن وفلسطين والسعودية، فسيطرت كل دولة على الجزء الذي يمر في أراضيها، وأيدت عصبة الأمم ذلك التقسيم على يد القانوني السويسري "أوجين بورل" سنة (1344هـ = 1925م)<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وتعددت محاولات إعادة الحياة لهذا الخط الحجازي، ومنها عقد مؤتمر في الرياض سنة (1375هـ = 1955م) جمع سوريا والأردن والسعودية، ولم توضع قراراته موضع التنفيذ، وتوقف العمل بالمشروع، وبعد أحد عشر عامًا من نسيان المشروع، تشكلت لجان وعقدت اجتماعات وصدر مرسوم بتشكيل هيئة عليا للخط الحجازي من وزراء المواصلات في البلدان الثلاث لكن لم تظهر أية بوادر واقعية لتشغيله.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وفي عام (1399هـ = 1978م) تم الاتفاق بين البلدان الثلاثة على إنشاء خط عريض جديد يربط بين هذه الأقطار، ووضعت دراسات المشروع، ووقع الاختيار على شركة "دوش كنسول" لتحضير دراساته وخرائطه، وكانت نتيجة الدراسات إيجابية، فتوالت اجتماعات اللجان واعتمدت قرارات بأن تنفذ كل دولة من الدول الثلاثة على نفقتها الجزء الذي يمر في أراضيها، لكن يبدو أن مشروع الخط الحجازي قد وضع في قبر النسيان، منتظرا بعثا أو نشورا نأمل أن يكون.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4><B><U> من مصادر الدراسة:<O:P> </O:P></U></B></FONT></P>
<UL>
<LI>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>السيد محمد الدقن: سكة حديد الحجاز الحميدية – الطبعة الأولى – 1405 هـ = 1985م.<O:P> </O:P></FONT></P>
<LI>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>عبد العزيز محمد الشناوي: الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة – 1983.<O:P> </O:P></FONT></P>
<LI>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>موفق بني المرجة: صحوة الرجل المريض – مؤسسة صقر الخليج للطباعة والنشر – الكويت – 1984.</FONT> </P></LI></UL></TD></TR></TBODY></TABLE>
<TBODY>
<TR>
<TD dir=rtl vAlign=top width="50%">
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><B><FONT face="Arabic Transparent" size=3>إعداد الأستاذ / مصطفى عاشور<?XML:NAMESPACE PREFIX = O /><O:P> من موقع الإسلام على الإنترنت</O:P></FONT></B></P></TD></TR>
<TR>
<TD dir=rtl vAlign=top colSpan=2>
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0>
<TBODY></TBODY></TABLE><!--p style="margin-left: 6; margin-right: 6; margin-top: 3; margin-bottom: 3" align="right"><b><font size="4">المصدر</font></b></p-->
<CENTER></CENTER><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=5></FONT><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=4></FONT><B><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=6></FONT></B><B><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=6></FONT></B><B><FONT face="Simplified Arabic" color=#ff0000 size=6></FONT><FONT face="Simplified Arabic" size=4></FONT></B>
<TABLE width=50 align=left border=0>
<TBODY>
<TR>
<TD><IMG height=162 src="http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/03/images/pic21c.jpg" width=211 border=0></TD></TR>
<TR>
<TD>
<P align=center><B><FONT face="Traditional Arabic" size=3>جزء من خط القطار</FONT></B></P></TD></TR></TBODY></TABLE>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>يعتبر خط سكة حديد الحجاز من أروع إنجازات السلطات العثماني <A href="http://www.islam-online.net/Arabic/history/1422/11/article02.shtml" target=_blank><FONT color=#000099>عبد الحميد الثاني</FONT></A> من الناحية السياسية والدينية والحضارية؛ إذ استطاع هذا المشروع العملاق الذي امتد العمل فيه ثماني سنوات متتالية أن يقدم خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، تمثلت في اختصار وقت هذه الرحلة الشاقة التي كانت تستغرق شهورًا، يتعرضون فيها لغارات البدو ومخاطر ومشاق الصحراء، فأصبحت الرحلة بعد إنشاء هذا الخط الحديدي الذي بلغ طوله (1320) كم تستغرق أيامًا معدودة ينعمون فيها بالراحة والأمان.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وعاش المسلمون في كافة البلدان حلم إنشاء الخط الحجازي، وتابعوا مراحل إنشائه، وتبرعوا له من أموالهم، وغطت هذه التبرعات ثلث تكاليفه، وتفجرت الحماسة الدينية في قلوب المسلمين، فالتفوا حول الخلافة العثمانية وسلطانها بعد فترة طويلة من الركود.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وتخيل الكثيرون أن البعث والصحوة بين المسلمين اقترب زمانها، وتجلت هذه المشاعر الفياضة في حماسة العمل وسرعة إنجازه، وعندما وصل أول قطار إلى المدينة المنورة حاملا الحجاج انهمرت الدموع، وانهالت الدعوات للسلطان <A href="http://www.islam-online.net/Arabic/history/1422/11/article02.shtml" target=_blank><FONT color=#000099>عبد الحميد</FONT></A>.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقدم بعض الحاقدين والناقمين على السلطان ممن عاصروه أو المؤرخين من خصومه تفسيرات تعسفية ادعوا فيها أن هدف إنشاء الخط الحجازي كان قمع الثورات في الحجاز، ولخدمة أهدافه العسكرية، وتوجهاته الاستبدادية. والواضح أن هؤلاء الخصوم لا يتركون فرصة للتقليل من شأن السلطان عبد الحميد الثاني إلا وجهوا فيها سهام حقدهم ونقدهم إلى شخصه، حتى أعماله العظيمة طبعوها بطابع الاستبداد.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>سياسة عليا<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كان إنشاء خطوط السكك الحديدية لربط أجزاء الدولة العثمانية المترامية الأطراف سياسة عليا للسلطان عبد الحميد الثاني، فالشام والحجاز لم يشهدا خطوطًا حديدية إلا في عهده، فكان الخط الحديدي من يافا إلى القدس سنة (1306هـ = 1888م) أول الخطوط الحديدية في الشام، واستهدف السلطان من إنشائه خدمة الحجاج المسيحيين القادمين من أوروبا بحرًا إلى يافا، وبلغ طول هذا الخط (87) كم، كذلك تم إنشاء خط حديدي بين دمشق وبيروت بطول (147) كم كان يقطعها القطار في ست ساعات.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كان الحجاج المسلمون يلاقون صعوبات كبيرة أثناء تأديتهم هذه الفريضة قبل إنشاء الخط الحجازي، منها طول المسافة حيث كان طريق الحج العراقي يقترب من (1300) كم، وتستغرق الرحلة فيه شهرًا كاملاً. أما طريق الحج المصري فيبلغ من سيناء (1540) كم، ويستغرق أربعين يومًا، ويزيد خمسة أيام من طريق عيذاب. وطريق الحج الشامي يمتد (1302) كم، وتستغرق الرحلة فيه أربعين يومًا. أما حجاج المناطق النائية من العالم الإسلامي فكانت رحلتهم تستغرق ستة عشر شهرًا وأكثر؛ وهو ما جعل بعض الأغنياء يتقاعسون عن أداء الحج، نظرًا لطول المسافة ومشاق السفر، وندرة المياه، وغارات البدو وقتلهم لبعض الحجاج وسلب أموالهم.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>بواعث الإنشاء.. والتمويل <O:P></O:P></B></FONT></P>
<DIV align=left>
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width=100 align=left border=0>
<TBODY>
<TR>
<TD><IMG height=187 src="http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/03/images/pic21d.jpg" width=211 border=0></TD></TR>
<TR>
<TD>
<P align=center><B><FONT face="Traditional Arabic" size=3>أحد قطارات الخط متحطما بالقرب من معان بالسعودية</FONT></B></P></TD></TR></TBODY></TABLE></DIV>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تكاد تنحصر أهداف السلطان عبد الحميد في إنشاء الخط الحجازي في هدفين أساسيين مترابطين، أولهما: خدمة الحجاج بإيجاد وسيلة سفر عصرية يتوفر فيها الأمن والسرعة والراحة. أما الهدف الثاني: فدعم حركة الجامعة الإسلامية التي كانت تهدف إلى تكتيل جميع المسلمين وتوحيد صفوفهم خلف الخلافة العثمانية لمواجهة الأطماع الأوروبية في العالم الإسلامي. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقامت حركة الجامعة الإسلامية على دعامتين أساسيتين، هما: الخلافة والحج، لذلك أراد أن يتخذ من الحج وسيلة عملية كي يلتف المسلمون حول الخلافة، وربط إنشاء الخط الحديدي الحجازي بحركة الجامعة؛ فيظهر أمام العالم الإسلامي بصورة الخليفة حامي وخادم الحرمين الشريفين، وبذلك يستقطب المسلمين نحو حركة الجامعة الإسلامية.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>واجهت المشروع صعوبات تمويلية، منها ضخامة تكلفته التي قدرت بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية، والأزمة المالية التي تواجهها الدولة العثمانية، فضلاً عن ذلك فإن السلطان عبد الحميد أراد أن يضفي على مشروعه الطابع الإسلامي؛ ومن ثم أراد أن يتم إنشاء المشروع برأسمال إسلامي دون اللجوء إلى بيوت المال الأجنبية الربوية، فوجه عبد الحميد نداءً إلى <FONT face="Simplified Arabic" size=4>العالم الإسلامي عبر سكرتيره "عزت باشا العابد" للتبرع</FONT> للمشروع. ولقي هذا النداء استجابة تلقائية من مسلمي العالم وانهالت التبرعات، وكان اتساع نطاق هذه التبرعات مظهرًا عمليًا لحركة الجامعة الإسلامية. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تبرع السلطان بمبلغ (320) ألف ليرة من ماله الخاص. وتبرع شاه إيران بخمسين ألفًا، وأرسل خديوي مصر عباس حلمي الثاني كميات كبيرة من مواد البناء، وتألفت في سائر الأقطار الإسلامية لجان لجمع التبرعات.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4> وأصدرت الدولة العثمانية طوابع تمغات لمصلحة المشروع، وأصدرت أوامر بقطع 10% من رواتب موظفي الدولة لصالح المشروع، وجمعت جلود الأضاحي وبيعت وحولت أثمانها إلى ميزانية الخط، وبذلك انتقلت حماسة إنشاء الخط الحجازي إلى العالم الإسلامي، وكان مسلمو الهند من أكثر المسلمين حماسة له؛ وهو ما أثار غضب بريطانيا، فوضعت العراقيل أمام حملات جمع التبرعات حتى إنها رفضت أن يرتدي المسلمون الهنود الذين اكتتبوا في الخط الأوسمة والنياشين العثمانية.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>ولم تقتصر تبرعات وإعانات المسلمين على الفترات التي استغرقها بناء الخط فحسب، بل استمر دفعها بعد وصوله إلى المدينة المنورة؛ أملاً في استكمال مدّه إلى مكة المكرمة. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>تنفيذ وعقبات<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تشكلت لجنتان -بعد قرار السلطان عبد الحميد- للإشراف على تنفيذ المشروع، الأولى برئاسة عزت باشا العابد ومقرها إستانبول، والأخرى للتنفيذ ومقرها دمشق برئاسة والي الشام. وقام مهندس عثماني بمسح المنطقة التي يمر بها الخط بين دمشق والمدينة المنورة، وكانت سياسة الدولة العثمانية آنذاك هي الاعتماد على المهندسين المسلمين وعدم جلب مهندسين أجانب إلا عند الضرورة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وتتبع الخط الحجازي بصفة عامة الطريق القديم الذي كانت تسلكه قوافل الحجاج، ولم يحد عنه إلا في بعض المناطق الوعرة، وتم تخصيص بعض القوات العسكرية لحماية العاملين في المشروع من غارات البدو.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>واحتفل ببدء المشروع في (جمادى الآخرة 1318هـ = سبتمبر 1900م) وابتدأ العمل في منطقة المزيريب من أعمال حواران ببلاد الشام، ثم قررت الحكومة العثمانية إيصال الخط الحجازي إلى دمشق، لذلك قررت إنشاء خط درعا – دمشق، وباشرت العمل من دمشق ومزيريب في وقت واحد، وعهدت إلى مهندسين ألمان بإنشاء الخط، لكنها لم تسمح إلا للمهندسين المسلمين بالعمل في مد الخط في المنطقة الواقعة بين العلا والمدينة المنورة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>صادف المشروع عقبات كثيرة، كان على رأسها نقص المياه، وأمكن التغلب على ذلك بحفر آبار وإدارتها بمضخات بخارية أو طواحين هواء، وجلبت المياه في صهاريج تسير على أجزاء الخط التي فرغ من مدّها. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>ولمواجهة نقص العمال وتوفير النفقات استخدمت قواتٌ من الجيش العثماني بلغ عددها زهاء ستة آلاف جندي ومائتي مهندس كانوا يعملون في الخط بصفة دائمة. كذلك كانت السيول الجارفة إحدى العقبات التي شكلت خطورة كبيرة وحقيقية على الخط الحجازي في مرحلتي البناء والتشغيل؛ لذلك قام المهندسون بإنشاء مصارف للسيول على طول الخط الرئيسي.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>أما الرمال المتحركة التي تعرض صلابة الخط للخطر وتؤدي إلى انقطاع الحركة بتحرك الخط عن مكانه فأمكن التغلب عليها بتغطية منطقة الرمال المتحركة بطبقة من الصلصال، وبُني سد حجري ضيق يمتد موازيًا للخط الحجازي ليحول دون خطر تغطيته بالرمال المتحركة. أما مشكلة الوقود فتم استيراد الفحم من الخارج وأقيمت مستودعات ضخمة لتخزينه. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>تكلفة ومعدل إنجاز<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>تعد تكاليف الخط الحجازي من أقل تكاليف خطوط السكك الحديدية في الدولة العثمانية على الإطلاق رغم ضخامة وكثرة منشآته، فقد بلغ مجموع تكاليفه -بما في ذلك القطارات والعربات وسائر المباني على طول الخط- حوالي أربعة ملايين و283 ألف ليرة عثمانية. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كما تميزت معدلات الإنجاز في إنشاء الخط بارتفاع ملحوظ؛ إذ وصل متوسط معدل الإنجاز السنوي حوالي (182) كم وهو معدل مرتفع جدًا آنذاك،مقارنة بمعدلات الإنجاز الأخرى.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقد وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في (22 رجب 1326هـ = 23 أغسطس 1908م) وأقيم الاحتفال الرسمي لافتتاح الخط الحديدي بعد ذلك بأسبوع ليصادف تولي السلطان عبد الحميد الثاني السلطنة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>نتائج الخط<O:P> </O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>أسدى الخط الحجازي خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام؛ حيث استطاع حجاج الشام والأناضول قطع المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة في خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يومًا، مع العلم أن الوقت الذي كان يستغرقه القطار هو (72) ساعة فقط، أما بقية الأيام الخمسة فكانت تضيع في وقوف القطار في المحطات وتغيير القاطرات. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وحشد الخط عاطفة المسلمين خلف شعار الجامعة الإسلامية، وهذا ما دفع السفير البريطاني في إستانبول ليؤكد أن عبد الحميد ظهر أمام ثلاثمائة مليون مسلم بمظهر الخليفة والزعيم الروحي للمسلمين حين مد سكة حديد الحجاز.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وساعد الخط الحجازي في نهضة تجارية واقتصادية لمدن الحجاز، وكافة المدن الواقعة على امتداد الخط، ومنها مدينة حيفا التي تحولت إلى ميناء ومدينة تجارية هامة، وكذلك المدينة المنورة. كذلك ظهرت مجتمعات عمرانية نتيجة استقرار بعض القبائل والتجمعات البدوية على جانبي الخط في بعض الجهات واشتغالهم بالزراعة. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>ومن مظاهرة حركة العمران التي صاحبت إنشاء الخط إضاءة المدينة المنورة بالكهرباء لأول مرة، حيث ابتدأت إنارة الحرم النبوي الشريف يوم افتتاح سكة الحديد، وتم جعل المدينة المنورة محافظة مستقلة مرتبطة مباشرة بوزارة الداخلية العثمانية.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وقد استخدم الخط الحجازي في بعض الأغراض العسكرية، ولا يتنافى هذا مع كونه أنشئ أساسًا لأغراض غير عسكرية، فأسهم في توطيد سلطة الدولة في المناطق الثائرة في بعض المناطق في قلب الجزيرة العربية، ووفر حماية قوية للأماكن المقدسة في مكة والمدينة.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>تخريبه <O:P></O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>استمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة ما يقرب من تسع سنوات نقلت خلالها التجار والحجاج، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى ظهرت أهمية الخط وخطورته العسكرية على بريطانيا؛ فعندما تراجعت القوات العثمانية أمام الحملات البريطانية، كان الخط الحجازي عاملاً هامًا في ثبات العثمانيين في جنوبي فلسطين نحو عامين في وجه القوات البريطانية المتفوقة. <O:P></O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وعندما نشبت الثورة العربية بقيادة الشريف حسين واستولت على معظم مدن الحجاز، لم تستطع هذه القوات الثائرة السيطرة على المدينة المنورة بسبب اتصالها بخط السكة الحديدية ووصول الإمدادات إليها، واستطاعت حامية المدينة العثمانية أن تستمر في المقاومة بعد انتهاء الحرب العالمية بشهرين؛ لذلك لجأ الشريف حسين –تنفيذًا لمشورة ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس- إلى تخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه في عدة أجزاء منه، وكانت الذريعة التي سوّلت للحسين القيام بهذا العمل اللاأخلاقي التخريبي تتمثل في احتمال قيام "أحمد جمال باشا" قائد الجيش العثماني الرابع باستغلال سكة حديد الحجاز في نقل قواته لضرب الثورة العربية في عقر دارها.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=center><FONT face="Arabic Transparent" color=#ff0000 size=4><B>محاولات تشغيل <O:P></O:P></B></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>كان الخط الحجازي يمر في أراضي الدولة العثمانية، وعقب انتهاء الحرب العالمية الأولى أصبح الخط يمر في أراضي أربع دول نتيجة لتغير الخريطة السياسية للشرق العربي الآسيوي وتفتيته إلى عدة دول وكيانات سياسية، وهي سوريا والأردن وفلسطين والسعودية، فسيطرت كل دولة على الجزء الذي يمر في أراضيها، وأيدت عصبة الأمم ذلك التقسيم على يد القانوني السويسري "أوجين بورل" سنة (1344هـ = 1925م)<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وتعددت محاولات إعادة الحياة لهذا الخط الحجازي، ومنها عقد مؤتمر في الرياض سنة (1375هـ = 1955م) جمع سوريا والأردن والسعودية، ولم توضع قراراته موضع التنفيذ، وتوقف العمل بالمشروع، وبعد أحد عشر عامًا من نسيان المشروع، تشكلت لجان وعقدت اجتماعات وصدر مرسوم بتشكيل هيئة عليا للخط الحجازي من وزراء المواصلات في البلدان الثلاث لكن لم تظهر أية بوادر واقعية لتشغيله.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>وفي عام (1399هـ = 1978م) تم الاتفاق بين البلدان الثلاثة على إنشاء خط عريض جديد يربط بين هذه الأقطار، ووضعت دراسات المشروع، ووقع الاختيار على شركة "دوش كنسول" لتحضير دراساته وخرائطه، وكانت نتيجة الدراسات إيجابية، فتوالت اجتماعات اللجان واعتمدت قرارات بأن تنفذ كل دولة من الدول الثلاثة على نفقتها الجزء الذي يمر في أراضيها، لكن يبدو أن مشروع الخط الحجازي قد وضع في قبر النسيان، منتظرا بعثا أو نشورا نأمل أن يكون.<O:P> </O:P></FONT></P>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 0px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4><B><U> من مصادر الدراسة:<O:P> </O:P></U></B></FONT></P>
<UL>
<LI>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>السيد محمد الدقن: سكة حديد الحجاز الحميدية – الطبعة الأولى – 1405 هـ = 1985م.<O:P> </O:P></FONT></P>
<LI>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>عبد العزيز محمد الشناوي: الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة – 1983.<O:P> </O:P></FONT></P>
<LI>
<P style="MARGIN: 6px; TEXT-INDENT: 30px" align=right><FONT face="Arabic Transparent" size=4>موفق بني المرجة: صحوة الرجل المريض – مؤسسة صقر الخليج للطباعة والنشر – الكويت – 1984.</FONT> </P></LI></UL></TD></TR></TBODY></TABLE>