المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خاطرة حزينة تعصف بالقلوب


جداوي
14-12-2004, 03:00 AM
<P>في زمنٍ شحت فيه العواطف ، وجفت فيه المشاعر ، كان لابد من استحلاب ، الإحساس <BR>والشعوربمعاناة الآخرين ، والتذكير بأن وراء جدار العز والغناء ، تُبنى قصورا من <BR>الأحزان وتشيد !! ولعل متعطف ينظر إلى هذه الجموع ، نظرة حنان وعطف ، فيسعى بما <BR>أوتي من سبيل ، لخلاصها ورفع معاناتها والشعور بمشاعرها ، ومد يد العون لها !! وقد <BR>وصانا ديننا الحنيف على فئة خاصة ، من المجتمع ، هي فئة ( اليتامى ) المحرومين من <BR>نعمة الوالدين ، الحنونين ، وقد جاء في القران قوله تعالى (( فأما اليتيم فلا <BR>تقهر)) !! ومن هنا فهذه الخاطرة ، المؤثرة التي قاوم كاتبها ، كثيرا ليبلّغها ، لكم <BR>، ترمي إلى إضاءة في طريق مظلم نحو هؤلاء المعدومين المحرومين !! وليعذرني الإخوة <BR>والأخوات ، لسخونتها على الفؤاد ، وخلختها ، لثغور المشاعر المتراصة ، فإن هذا أمر <BR>لابد منه حينما نتذكر هذه الفئة ، التي نسأل الله أن يمدنا ويمدها بعونه !! جلست في <BR>صحن الدار !! في يديها اليمنى (حلاوة) وفي الأخرى (فشار) !! بينما تحوم ذبابة حول <BR>عينيها !! وقد غطى ( القلق) ما تبقى من خديها !! يتملكها إحساس أنها من عالم آخر !! <BR>في عز الصيف ترتجف من البرد !! تنظر إلى طفل يجري إلى المطبخ بسرعة !! تقمع بصرها <BR>عن اللحاق به !! لأنها قد عرفت قدرها وهي صغيرة !! حزينة كسيرة !! لاتحلم بأن تكون <BR>مثله!! فهو بأب وأم !! وهي بقية العائلة المغادرة بلا رجعة !! عمرها خمس سنوات !! <BR>وقد مضى على رحيل عائلتها ثلاثة أشهر !! لا زالت الأرض ندية !! والرائحة موجودة !! <BR>على كلٍ ليست رائحة الموت !! ولكنها رائحة الأحباب (الوالد والدة ، وأختها <BR>وأخيها)!! تقوم من الليل تصرخ مرعوبة من حلم مزعج !! تعرض في محيطها ، المشهد <BR>الأخير !! لفراق والديها !! حينما أخذ والداها أخيها الصغير (المحموم) (احمد)وعمره <BR>سنة !! ليذهبا به إلى الطبيب في ليلة شـــاتية مطيرة !! وقد أصرت أختها (منال) التي <BR>تصغرها بسنتين على الذهاب معهم !! بعد صراخها ، وإلحاحها !! بينما قبلت (هند) أن <BR>تبقى عند جارتهم (أم سعد) !! ولم يكن في خلدها أنه الحجر القادم لها من السماء!! <BR>[SIZE=5]وقبيل الفجر بنصف ســاعة ، هالها ما رأت !! لماذا يقبل الناس عليها بهذا <BR>الوقت !! وهم ينتحبون ، ويسبحون في بحر من الدموووووووع !! لافرق بين رجل وإمرأة !! <BR>وكبير وصغير !! لقد جاء القدر من السماء ، بفناء عائلة (هند) بكاملها !! لتبقى هي ، <BR>مسكينة ، يتيمة !! ليشهد العالم ، مأسأة تدل وتبرهن أن الأرض ليست بجنة الخلد !! <BR>فقد كانت نهاية أهلها نهاية مأسأوية !! انحرفت السيارة ، من آثار العواصف والسيول <BR>!! لتخالط دمـــاء العائلة الراحلة ، وجسدها سيول الأرض!! هال هند صراخ هؤلاء <BR>وافزعوها من النووووم !! بينما تسابق الجميع إلى تطويق هند ، وتقبيلها !! <BR>والدمووووع ، تسيل من عيونهم كما سالت دماء عائلتها !! أصابها صراخهم ، وهي تنظر <BR>إلى من هنا وهناك ، ومن عند فم الباب!! ومن تسمع صوته ولاتراه ، بلحظة بكاء ـ مخيفة <BR>!! يتقدم منها جد سعد ، وهو يقاوم عرجته وعبرته !! ويصيح بالجميع وينهرهم ( خوفتم <BR>الطفلة) !! تقدم إليها واقترب واقترب واقترب وما أن رأى عينيها البريئتين !! ألا <BR>ويسقط عندها ، وينتخب كأسا مرا من علقم الدمع !! الذي ، تمازج مع (كحته) ، وضيق <BR>نفسه !! قاوم وتشجع ، ورفع نظره إليها !! وهي ساكنة ، في ذهول ، والدهشة تتملك <BR>وجهها الصغير !! أخذ يقبلها ، ويقبل يديها !! بدأت هند ببرآتها ، تنظر يمينا وشمالا <BR>!! تريد أن تخرج من هذا الموقف (المرعب) هي تعلم أن شيئا ما قد حدث !! لكنها تجهله <BR>!! فلا تجد بدا من الخرس والسكوت !! وبعد أن هدأت العاصفة الماطرة ، أمامها !! <BR>تساءلت ، ( ابروووح لمي ) !! قالت لها ، أم سعد : نامي الآن وسترينها إن شاء الله <BR>!! دعوها تنام ، وترقد بسلام ، فأمامها ، أيام ستحرق لنا ولها الأجفان !! مر اسبوع <BR>كامل ، من الحادث !!وهند تدووور في بيت أم سعد !! لاتدري أين ذهب أهلها !! تتسأل ، <BR>فلا يستطيع أحد أن يجيبها !! غير أن الجميع ما أن يراها ، وإلا ويبكي!! (شيبان) <BR>الحارة ، ونســائها ، وأطفالها !! عملوا لرؤويتها مناحة ، توارى عنها قمر الليل <BR>المضي!! وتجاوبت معها (عتمة الليل البهيم) !! تطوع أحدهم بإخبارها ، وأن عائلتها قد <BR>ماتت !! وشرحوا لها من قواميس البرآءة معنى (الموت) !! قالوا : ذهبت عائلتك الى <BR>الجنة !! (إن شاء الله) !! فردت ببرآتها : كيف يذهبون ويتروكنني ؟؟!! فدخلوا معها <BR>في دوامة ، الإستطراد البريئ!! المنتهي ، بالفشل الذريع !! وبعد اسبوعين ، تذكرت <BR>هند قطتها !! التي كانت تلف وتدور داخل البيت !! فقدت شعاعا متسللا من ثقب جدار <BR>غرفتها !! كانت الشمس ترسله لها ، عند قدميها في الصباح !! فقدت دميتها الجميلة <BR>التي تحبها !! فقدت لعبها ، ودولابها وسريرها !! تسمع في اذنها ، ضحكات أخيها <BR>الصغير !! وترى أختها نوال ، وهي تشدها ، وتلاعبها !! رأت أمها ، وهي تخرج إليها من <BR>المطبخ (بالملاّس) !! تطاردها ،مغضبة بعد أن أوقعت أحمد على الأرض !! فقدت وجه <BR>أبيها وهو يدخل عليهم وقت القيلولة !! فتتسابق هي وأخويها إليه !! فيكون أحمد هو <BR>آخر الواصلين !! عندها قررت أن تغادر الى بيتها ، في هذا الوقت !! فآخر عهدها <BR>ببيتها منذؤ تلك الليلة المشؤمة !! لعل والداها وأخويها ينتظرانها هناك !! تحينت <BR>هند الفرصة وخرجت من بيت أم سعد !! وليتها لم تفعل !! ليتها لم تفعل!! هاهي تبلغ <BR>الباب !! حركت يد الباب فلم يفتح !! كررت المحاولات ، فلم يفتح !! أخذت تطرق الباب <BR>!! وتنادي أمها ، وأخويها فقط !! إنها تتذكر أن والدها ليس موجودا ، في هذا الوقت ( <BR>على العادة) !! حاولت ، صرخت ، نادت !! لم يفتح الباب ولم يكلمها أحد !! تذكرت ، أن <BR>والدتها كانت تضع مفتاحا !! تحت قطعة السجادة عند الباب !! رفعته فوجدت المفتاح !! <BR>لم يعلم أحد من الأحياء عن المفتاح غيرها !! أخذت المفتاح ، وفتحت الباب !! <BR>آآآآآآآآآآآه ، فتحت الباب ودخلت !! يالاهي ، كيف أكتبها !! آآآآآآه ، يا لاهي ، <BR>كيف أرى ما أكتب !! ( لحــــــــــظة توقف) ........................... دعونا <BR>نقاوم المشهد القادم !! دخلت هند بيتها ، الذي طالما ، أش....عته <BR>....آآآآآآآآآآآآآه !! اشع ...... تهو ..... لعبا وصخبا ، ومرحا !! ركضت بسرعة الى <BR>غرفة أمها !! وهي تتلهف لرؤيتها !! آآآآه لم تجدها !! لم تجدها !! يا لاهي لم تجدها <BR>!! التفت بسرعة ، الى غرفتها وغرفة أخويها !! لم تجد أحدا هناك !! توجهت صوب المطبخ <BR>، وفتحت ولم تجد احدا !! أرادت ، تحويل اللحظة ، الى شعور مؤنس وجميل !! رفعت يدها <BR>الصغيرة ، صوب (كوب) مرفوع !! وأنزلته ، وسحبت كرسيا ووضعته وصعدت عليه !! لتصل إلى <BR>(صنبور) ماء التحلية !! وجدت به مــاء حلوا !! فشربت ، وغسلت ، وجهها الصغير !! <BR>ولعلها في تلك اللحظة ، تهيئ نفسها ، حينما تستدير !! آآآآآآآآآه ..حي ..نم اااااا <BR>... تستدير أن ترى ، أحدا من عائلتها ليخبرها الخبر!! ( لحظة توقف) !!!! <BR>............................. لكنها مع الأسف ، استدارت فلم تر إلا جدران المطبخ <BR>!! تذكرت مكتب والدها !! فقزت من الكرسي بسرعة ، وتوجهت إليه !! لكنها وجدته مغلقا <BR>!! تسمعت ، فلم تسمع شيئا !! انبطحت أرضا ، وأخذت تحاول أن ترى شيئا من تحت الباب <BR>!! لكن ..هيهاااااااات !! قامت ، ووقفت بالصالة !!لاتدري ما ذا تفعل !! أخذت تنظر <BR>في البيت !! هنا وهناك ، وهي واقفة في مكانها !! نعم إنه بيتها ، هي تعرفه !! لكن <BR>أين أهلها ؟؟!! حركت قدمها ، صوب غرفة والدتها !! هنا تسود الخاطرة وتزداد سوادا !! <BR>دخلت غرفة أمها !! هذا السرير ، وهذا الدولاب ، وهذه التسريحة!! تنظر ، إلى جدران <BR>الغرفة !! تقف أمام المرآآآآة ، تنظر الى وجهها الصغير !! طالما وقفت أمامها ، في <BR>مرات سابقة !! وكانت تزاحم أمها ، عندها !! ذهبت ألى السرير ، وقفزت عليه !! وكأنها <BR>تريد ، أن تسحب لحظات لعبها هنا !! لعل طيف من غاب ، يحضر معها !! نظرت إلى السقف ، <BR>وأطالت النظر !! وفجأة ، وفجأة !! قامت من السرير بسرعة ، ووقفت !! لقد تذكرت شيئا <BR>، مهما خلف باب دولاب أمها !! نعم ، ،نعم !! إنها صورة العائلة ، كلها !! صورتها مع <BR>أمها ، ووالدها ، وأخويها !! فتحت الدولاب !! فإذا عائلتها ، الحنونة المغادرة ، <BR>تكون هنا!! هذه أمها الجميلة ذات الأربع والعشرين تبتسم بحشممتها !! وهذا والدها ، <BR>بكامل إناقته يبتسم لها ، وقد حمل في الصورة أحمد أخيها الصغير !! الذي يظهر في <BR>الصورة ، ينظر في الصورة إلى والده !! بينما تقف هي مع أختها (منال) جنبا الى جنب ، <BR>وقد طوقت أختها بذراعها !! تأملت الصورة ، بصمت !! قطعت نظرها ، والتفت ألى الغرفة <BR>، وكأنها تريد أن تسمع صوتا يناديها !! عاودت النظر الى الصورة !! تذكرت انها قالت <BR>لأمها يوما ما ..وهي تقف أمام الدولاب !! انظري يا أمي ، صورة والدي معنا ، كيف <BR>يبدو هو ؟!! فأسرعت أمها في لحظة ، غرام خاصة الى تقبيل والدها في الصورة !! وهي <BR>تبتسم من الخجل ، أمام بنتها !! هنا ..استحضرت هند الموقف ، فأرادت أن تقبل الصورة <BR>، لكنها لم تستطع لإرتفاعها !! فاكتفت بأن تقبل يدها ، وتضعها على الصورة !! مرت <BR>عشر دقائق ، وهي في لحظة سعادة غامرة !! كأنها بينهم.. ومعهم !! ثم .. تغير وجهها ، <BR>ووضعت يدها على فمها !! وبدأت تعزف لحنا متصاعدا من البكاء !! لحنا متصـــاعدا من <BR>البكــــــاء!! لحنا متصــــاعدا من البكـــاء!! وفي لحظة ...تكلم الصورة !! وتنظر <BR>إليها !! ثم انفجرت ، بالبكاء ، ماماااااااااااااااااا!! <BR>ماماااااااااااااااااااااااا!! ماماااااااااااااا!! وبدأ صراخها يرتفع ، وهي <BR>لاتنادي إلا على أمها !! تمد يدها اليمنى إلى الصورة ، واليسرى تزيح بها دموعها من <BR>عيونها !! ارتج البيت بالبكاء ، ولو قيل إن دولابا ، وسريرا ، وأبوابا بكت لبكت هنا <BR>!! مسكينة ...مسكينة !! أين أنتي يا أم سعد !! كانت أم سعد ، وأولادها في تلك <BR>اللحظة يبحثون عنها !! سمعوا الصراخ والبكاء !! صوب بيت أبي أحمد (رحمه الله) !! <BR>فعرفوا أنها هناك !! تسابقوا إليها ، ودخلوا البيت !!فوجدوها واقفة أمام صورة <BR>عائلتها !! وهي تشير إليها !! حملتها أم سعد وهي تحتضنها ، وقد بللت اليتيمة ثيابها <BR>!! من هول ما أصابها !! أخذتها أم سعد ، الى بيتها !! واقفلوا الباب ، واحكموا <BR>الإغلاق !! ليتم بتر الحزن ، من قلب هند الصغير !! هند ستكبر ، والله حافظها ، <BR>ومولاها !! وانتهت هذه الخاطرة الحزينة العاصفة بقلوب من كان له قلب !! </P>
<P>&nbsp;</P>

ابو رتال
18-12-2004, 03:00 AM
الله يرحم جميع موتانى وموتى المسلمين والله يكون بعونها .