المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث في الحُبّ


hazmi jeddah
02-02-2008, 07:21 PM
أهلُ الحِجاَزِ يقولون ( اَحُبِّكْ )؛ فيها كثيرٌ من السّخَافة !

وبكسْر الحَاء يقول أهل نَجْدٍ وكَثير مِنْ مُسْتَوْطِنِي الجَزيرة ( اَحِبِّكْ )؛ وعِنْدهَا نَحِسُّ بِبعْضِ الجَلاَفَة !

الإنْجِليزُ يَنْطِقُونَها بِـ ( آيْ لُفْ يُو)؛ وهُنا تَفْقِدُ العِبارة كثير مِنْ مَعْنَاها الوُجْداني بسبب طُولِها !

أمّا الفَرنْسيّون فتخْرجُ الكلمة من شِفَاهِهِم وهي خَاوية من أيّ شعور؛ حينما يقولونها هكذا .. ( جُوتِيمْ ) !

الإيطاليّون يَلْفِظونَها ( تِيَامُو )؛ وهي كلمة أقربُ ـ كما تُلاحظ ـ إلى اسم رَقْصةٍ لاَتينيّة !


العربُ القدماء وحْدهم، هُمُ الذين أحْسَنُوا وأجَادوا اختيار حُروف ونُطْق هذه الكلمة.

( أُحِبُّكِ ) حيثُ يُعبّرُ المَرْء بالألف وكأنّه يَسْتَجْلِبُ الآهَات من بين ضُلوعه وأعماقِ أحْشَائه وما يشْعرُ بهِ أثناء تلك اللحظات. وبالحاء مَسَاحةً وتعبيراً عن قَدْرِ هذا الذي يعْتريه ويُسْعِده. وعند الباء المُشدّدة تَلْتَقي شَفَتيْه وكأنّه يَضمُّ الدُّنْيَا وكلّ مَا يَعْنِيه ويَهمّه فيها. ثُمّ يهْدي ذلك كلّه لهَا بالكاف قائلاً؛ لكِ .. وَأنتِ وحْدكِ !

من شأْن العرب عادة أن يجعلوا للشيء الحقير والدنيء عندهم اسم أو اسْمين على الأكثر، بينما يُبالغون بوضْعِ الكثيرِ من الأسماء لكلّ ما هو عَظيم ومُهِمّ وسَامي لديهم.

فمثلاً .. وُجِدَ أنّ "الكَلْب" لا تَحْملُ العربيّة له إلاّ أسماءً ومَعَانِيَ قليلة جداً؛ بَلْ قرأتُ أنّه لا يُوجد للكلْبِ في العربيّة غير هذا اللفْظ.

في حِين وُجِدَ أنّ "الأَسَد" له أكثر من مئة اسْم في العربيّة !


وكذلك كانت أسماء الحُبّ والمَحبّة لديهم؛ " لمّا كان الفهْم لهذا المُسمّى أشد، وهو بقلوبهم أَعْلَق " ـ كما يُعلّقُ ابن القيّم.

وهي مئة وأربعة أسماء، ذَكَر "الثعالبي" منها ـ في كتابه القيّمِ جدّاً (فقه اللُّغة وأسرار العربية) ثلاثة عشر اسماً، وأفرد تعريفاً لكلّ اسم من تلك الأسماء.


ستُذهل حقّاً حينما تُطالع مَعَانِ هذه الأسماء في هذا الكتاب وغيره من كُتب العرب؛ حيثُ سيتبيّن لكَ مَدَى إدراك العرب وفهْمهم لمراحل وتفاصيل وخُطُوب هذا الشعور الإنسانيّ العظيم.