المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المجتمع والشركات: مَن الذي يجب أن يتحمّل المسؤولية تجاه الآخر؟!!.. (1 من 3)


مخاوي الليل
01-02-2009, 06:53 AM
المجتمع والشركات: مَن الذي يجب أن يتحمّل المسؤولية تجاه الآخر؟!!.. (1 من 3)

د.محمد بن يحيى مفرح
ابتداءً من نموذج شركة أرامكو التي قامت بدور كبير في النهوض بمجتمع المنطقة الشرقية من خلال تطوير أحياء سكنية متكاملة وإنشاء المستشفيات وبناء المدارس والعناية الفائقة بموظفيها.. وليسَ انتهاءً بنموذج مؤسسة المقاولات (صغيرة تعمل من الباطن) التي وظّفت حافلةَ العمال لنقل الطلاب (الفقراء) مِن قريتهم الصغيرة إلى منطقة المدارس إيماناً بأهمية تعليم هذه الفئة.. هناك العشرات من النماذج الرائعة التي برزتْ وظهرت في تبني الشركات الخاصة لواجبها تجاه المجتمع.. وهناك في المقابل الآلاف من النماذج التي ما زالت تنتظر من يتصدى لها في مجال خدمة المجتمع.. وكّل عنصر في المجتمع فردًا أم مؤسسة (حكومية أو خاصة أو خيرية) له دور وعليه مسؤولية تجاه المجتمع، وإذا لم يقمْ أي منهم بدوره فإنّ ذلك سيؤثر في المجتمع بقدْر تأثير هذا العنصر وأهمية الدور الذي يقوم به.. فالمسؤولية تجاه المجتمع تكبر وتصغر بقدر الإمكانات ومدى الحضور المفترض للجهة المعنية في المجتمع.

ثلاثة تحديات لا يتحدث عنها أحد:
التحدي الأول: توجد مطالبة واتفاق شبه جماعي على أهمية أن تتحمل الشركات الخاصة ورجال الأعمال مسؤوليتهم تجاه المجتمع، ولكنْ نادراً ما يتحدث أحدٌ عن مسؤولية المجتمع تجاه الشركات، وأعني بالمجتمع الجهات الحكومية وغير الربحية مثل التطوعية المتخصصة ومثل الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وأعني أيضاً أفراد المجتمع المستفيدين، وأعني أيضاً وسائل الإعلام.
التحدي الثاني: الذين يتحدثون عن المسؤولية الاجتماعية في المؤتمرات والندوات يغلّبون التركيز على الجوانب غير التطبيقية، ولا يستشهدون إلا بكبرى الشركات والمشاريع التي تكلّف عشرات الملايين، ما جعل أكثرَ الشركات المتوسطة الحجم والمؤسسات الفردية ورجال الأعمال يظنون أنّ الأمر لا يعنيهم.. ثمّ تتوالى التصريحات والتلميحات إلى أنّ حجم مشاركات القطاع الخاص محدود جداً تجاه مسؤوليته الاجتماعيةّّ!!.
وقد لمستُ ذلك بوضوح من خلال مشاركتي مع بعض الشركات ونقاشاتي مع عدد من رجال الأعمال، ووجدتُ أن هناك خوفاً واعتقاداً خفياً بأنّ تبني المسؤولية الاجتماعية يعني أعباءً إدارية كبيرة وتكاليف بالملايين.. وغير ذلك من العقبات.
التحدي الثالث: لماذا لا يلمس – المجتمعُ - أثراً واضحاً للجهود الكبيرة التي تبذلها كافة المنظمات المعنية بهذا الموضوع؟! هناك جهود من الجهات الحكومية، وإدارات الغرف التجارية، ومشاريع الشركات المساهمة والعائلية والفردية، وتوجهات رجال الأعمال، ناهيك عن المساهمات العملاقة التي تقدمها المؤسسات التطوعية والخيرية.. ومع ذلك مازال لدينا عاطلون وفقراء وأميون؟! يبدو أن هناك سبباً منطقياً وراء ذوبان نتائج كلّ هذه الأعمال في موجة الاحتياجات الكبيرة لمجتمعنا الكبير.
إنني أهدف من طرح هذا المقال بصورته العملية، إلى الإسهام في زيادة الوعي والاهتمام بخدمة المجتمع بين منسوبي القطاع الخاص بكافة مؤسساته من خلال النماذج العملية والأفكار التي يمكن أن تُحدث فرقاً في المجتمع.. وإلى المساعدة في رسم صورة التكامل المطلوب بين كافة القطاعات، والمسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع تجاه القطاع الخاص لإظهار المسؤولية الاجتماعية في إطارها الصحيح، وتركت التركيز على مناقشة النواحي النظرية مثل التفريق بين (المسؤولية الاجتماعية) و(خدمة المجتمع) و(تنمية المجتمع) و(العمل الخيري).. فلذلك العديد من الكتاب والمختصين..

ماذا يريدُ المجتمع من (الشركة) ومن (رجل الأعمال):
المجتمع يريد من الشركة أن تقوم بالمسؤولية الاجتماعية بمعناها الحقيقي الشامل، أي تلتزم بالأنظمة والقوانين، وتراعي النواحي الصحية والبيئية، وتحفظُ حقوق العاملين، وتلتزم بالمنافسة العادلة البعيدة عن الاحتكار، وتحققُ رضاء المستهلك.. ويريد من إدارة الشركة أن تكون صادقة واضحة بعيدة عن الفساد الإداري والمالي والأخلاقي..
المجتمع يريد من رجل الأعمال أن يعمل مع موظفيه بأسلوب يخدم تجارته ويخدمهم في آن واحد.. أن يضمن سلامتهم ويمنحهم حقوقهم، ويهيئ البيئة الوظيفية المناسبة لهم ويطبق مبادئ عدم التفرقة بينهم..
المجتمع يريد أن يسهم صاحبُ النشاط التجاري في التنمية بشكل دائم بأسلوب يخدم الاقتصاد ويحسّن مستوى معيشة الآخرين ويعمل على فتح باب تأسيس مشاريع أخرى لاستيعاب البطالة..
ولأنّ الشركات ورجال الأعمال متعددون ومختلفون.. ولأنّ المجتمعات المحيطة بهم مختلفة ومتعددة.. فإنّ المسؤولية ستغطي حقولاً مختلفة اجتماعية وقانونية وترفيهية وبيئية... كما أنها حتماً ستشمل مجتمع الموظفين والموردين والعملاء وصولاً إلى البيئة المحيطة والسلطات الرسمية والشركات الأخرى والجهات الخيرية والتطوعية.
لقد تطورت ثقافة المجتمع بحيث يمكنه تحديد الممارسات التي تخالف تبني مبادئ المسؤولية الاجتماعية في إطارها العام.. منها ارتفاعُ أسعار المنتجات والخدمات في فترة الغلاء والتضخم.. ثمّ بقائها بالمستوى نفسه رغم الانخفاض الكبير الذي حصل لكثير من أسعار المدخلات مثل أسعار النفط والنقل والمحاصيل الزراعية والحيوانية..إلخ.

المفهوم الحقيقي للمسؤولية الاجتماعية ليس صعب المنال ولا يُعدّ التزاماً قانونياً:
إنّ غاية مطالب المسؤولية الاجتماعية من كلّ شركة ورجل أعمال – حسب الإمكانات والتخصص - هي تنظيم وإدارة الأعمال وفق مبادئ وقواعد أخلاقية، ومكافحة الفساد وتجنبه، والمشاركة مع طبقات المجتمع الفقيرة والمتوسطة على أساس ربحي، وحماية البيئة وتطويرها ورعاية مواردها الأساسية كالمياه والغابات والحياة البرية والتربة والآثار، والتزام حقوق الإنسان والعمل والعمال، ومساعدتهم في تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية مثل الادخار والتأمين والرعاية لهم ولعائلاتهم ومشاركتهم في الأرباح.
فإذا كان هذا هو ما تنصّ عليه جميع (أو أغلب) أدبيات (المسؤولية الاجتماعية).. فهل نتخيل أن أحداً من رجال الأعمال أو الشركات والمؤسسات في بلادنا يصعب عليه القيام بذلك؟ لنْ نبالغ إن زعمنا أنّ الغالبية العظمى بفضل الله لديها الالتزام والاهتمام تجاه هذا الموضوع بسبب ما يحملونه من قيم إيمانية وروح إنسانية، إلا أنّ هذا الاهتمام والالتزام لمْ يتحوّل بعدُ إلى آليات عملٍ واضحة ومنهجية.. لأسباب عديدة، منها ضعف مستوى الإدارة وعدم الوصول إلى مستويات عالية من الجودة واعتماد مؤشرات قياس الأداء، ومنها حداثة التوجه وعدم وجود أو وضوح آليات عملية تتبعها الشركات.
وبعيداً عن الخوض مع -بعض- مدارس (المسؤولية الاجتماعية) التي تُلزم الشركات ورجال الأعمال بتحمّل تكاليف خاصة كنسبة ثابتة مثلاً من الدخل السنوي للمنظمات.. أو تطالبهم بتجنب استخدام المجتمع وسيلةً للدعاية أوْ المظهر الاجتماعي.. فإنه يكفينا هنا التذكير بمعايير مسؤولية المنظمات تجاه المجتمع التي أقرها البنك الدولي وهي: الإدارة والأخلاق الجيدة للشركة، وواجباتها تجاه العاملين والبيئة، ومساهمتها في التنمية الاجتماعية.
إن فكر (المسؤولية الاجتماعية) يقوم على أساس اقتصادي ودائمٍ حيث يتمّ العمل بمشاركة الناس، ويستمرّ حتى بعد غياب صاحب الفكرة، ويضمن حدوث التغيير في المجتمع بتوفيق الله تعالى.. إنه الفكر الذي يؤيد الدراسات والتجارب التي تُظهر أنّ هناك فرصاً كبيرة للنجاح الاقتصادي من خلال الاستثمارات الموجّهة بمشاركة الفقراء على سبيل المثال، وإذا لم تتصد الشركات ورجال الأعمال لهذا النوع من الفرص فلنْ تستطيع أن تتصدى لها الجهات الحكومية أو الخيرية.
مجالات وفرص خدمة المجتمع مِن قِبل القطاع الخاص:
مجالات خدمة المجتمع كثيرة.. تتعدد بتعدد أنشطة الشركات ومنتجاتها وخدماتها، وتتعدد بتعدد الموردين والعملاء وشبكة العلاقات الذين تخاطبهم المؤسسة فعلياً.. إلا أنه يمكننا استعراض (أمثلة) واقعية في مجتمعنا للعديد من المجالات والفرص العامة التي يمكن للقطاع الخاص أن يوجّه خدماته للمجتمع مِن خلالها وفق التقسيمات التالية:
تقديم التبرعات والمساعدات المالية والعينية لأغراض تنموية، ومن نماذج ذلك حصول (صندوق دعم البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن) على تبرعات من شركة مجموعة بن لادن السعودية ورجلي الأعمال الشيخ محمد العمودي والمهندس عبد الله بقشان بمبلغ 25 مليون ريال من كلّ منهم، ومن الأمثلة أيضاً تبرّع الشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات "سبكيم" بمبلغ 500 ألف ريال لصالح الجمعية الخيرية لذوي الاحتياجات الخاصة بالجبيل الصناعية (إرادة).
رعاية وتنظيم الدورات التدريبية والتطويرية في المجالات الفنية والمهارية والإدارية التي تلبي الاحتياجات الواقعية لسوق العمل، وقدْ تصدت لهذا المجال العديدُ من الشركات نظراً لحاجة المجتمع الكبيرة الواضحة إليه.. ومن نماذج ذلك برامج شركة سعودي أوجيه لتدريب الشباب على ما يتناسب مع سوق العمل، ومثل مركز العثيم النسائي لخدمة المجتمع الذي درّب 1028 امرأة خلال العام الماضي، وأكاديمية العثيم للتدريب والتطوير المجاني التي أنشئت عام 1420هـ.
تبني إطلاق ومتابعة المشاريع الصحية والطبية الاجتماعية، مثل مبادرة شركة الاتصالات السعودية لدعم بناء وتجهيز 28 مركزاً للرعاية الصحية الأولية من خلال مشروع (الوفاء الصحي) الذي يشمل مختلف مناطق المملكة، ومثل قيام رجل الأعمال الشيخ عبد العزيز بن علي الشويعر بالتبرع بتكلفة توسعة مستشفى النقاهة بالرياض بقيمة مليوني ريال، وتبني عدد من رجال الأعمال لإنشاء وتأسيس مستوصفات تعالج الفقراء وتقدم الخدمات بأسعار زهيدة لا تزيد على خمسة ريالات.
مشاريع توفير المساكن لفئات الدخل المختلفة من المجتمع، مثل مشروع (المسكن الميسر) الذي تتبناه مجموعة بن سعيدان العقارية بالاتفاق مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بغرض رفع نسبة تملك المساكن في السعودية، ومثل قيام مصرف الراجحي برعاية المعرض النسائي الأول للإسكان والتمويل العقاري وتقديم ندوات ومنتجات تمويلية للسيدات.
تمويل المشاريع الصغيرة وتأهيل ومساعدة الشباب والأسرة بغرض تأسيس مشاريعهم الخاصة وتزويدهم بالخبرات الفنية والموارد المالية، ومن أبرز أمثلة الشركات التي برزت في هذا الجانب برامج عبد اللطيف جميل (باب رزق جميل) التي تتواجد في عدة مناطق سعودية.
اختيار فئات تنقصها خدمات محددة والعمل على استيفائها، مِن النماذج قيام مجموعة السريع للتجارة والصناعة بتنظيم حفل خاص ومساعدة 55 شاباً على الزواج، ومثل قيام رجل الأعمال المهندس باسم الشريف بتأسيس أوّل مركز خاص (مركز الرعاية) بجدة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة من الذكور الذين تزيد أعمارهم على 12 عاماً.
تقديم الخدمات الاجتماعية لموظفي الشركة وعائلاتهم كإنشاء نادٍ رياضي أو مكتبة للقراءة، مثل شركة أرامكو التي دأبت منذ إنشائها على خدمة وترفيه موظفيها بإنشاء مدارس ومستشفيات ونوادٍ رياضية ومحطةِ تلفزيون داخلية..
إقامة المعارض المتخصصة في شتى المجالات والتي يمكن أن تخاطب فئة ما وتخدم أهدافاً محددة، مثل قيام الشركة السعودية للكهرباء بإقامة معرض السلامة الصحي، وقيام كلية دار الحكمة في جدة بإقامة معرض للتصميم الجرافيكي الذي يعرض أعمال طالبات الكلية ويستهدف شركات الدعاية والإعلان.
رعاية وتنظيم الاحتفالات والبرامج السياحية والرياضية والترفيهية الموجّهة لبعض شرائح المجتمع بغرض تفعيل دورهم أو نشر مفاهيم تصبّ في خطّ التنمية المستدامة، مثل مشاركة الشركة السعودية للنقل الجماعي في رعاية احتفالات عيد الفطر المبارك مع أمانة مدينة الرياض، وقيام شركة موبايلي للاتصالات برعاية فعاليات رياضية مثل سباق المارثون وغيره.
تقديم الوقت والخبرات لتأسيس مشروع تنموي، ومن نماذج ذلك قيام مجموعة ديفا الاستشارية بتخصيص (وقف الوقت) وإنفاق 5000 ساعة لتأسيس موقع إلكتروني (عالم التطوع العربي) يهدف إلى أن يكون المرجع الرئيسي في العمل التطوعي، إضافة إلى تقديمهم خدمات استشارية مجانية للجمعيات الخيرية.
دعم تأسيس ونشاطات الجمعيات التطوعية والمجالس النفعية المتخصصة غير الهادفة للربح، ومن نماذج ذلك قيام المستشفى السعودي الألماني بتخصيص قاعاته وتحمل مصاريف الضيافة لعقد لقاءات ومناسبات عدد من الجمعيات الخيرية ومحاضرات المجلس السعودي للجودة بالمنطقة الغربية وغيرها من الأنشطة.
تنظيم مسابقات جماهيرية وتقديم سحوبات وجوائز وهدايا في مناسبات مختلفة لشرائح مختلفة من المجتمع، مثل قيام شركة المراعي بتنظيم مسابقة رسوم الأطفال تحت عنوان (مهنتي أرسمها بريشتي) لطلاب المرحلة الابتدائية، ومثل تنظيم شركة يوسف ناغي المحدودة لمسابقة الطبخ للسيدات، ومثل قيام مدارس منارات الرياض الأهلية برعاية مسابقة تلاوة القرآن الكريم وحفظه لطالبات متوسطات شمال الرياض، ومثل جائزة الجميح للتفوق العلمي وتحفيظ القرآن.
إطلاق منتجات جديدة أو فتح فروع جديدة تلبي احتياجاً في المجتمع لفئة مستهدفة، مثل قيام شركات الاتصالات بإطلاق عدة باقات وخدمات وبرامج تلبي حاجات شرائح مختلفة مِن المجتمع.
رعاية المناسبات الثقافية والتوعوية المختلفة مثل المؤتمرات والندوات وحملات التوعية وغيرها، مثل رعاية شركة الزامل الصناعية المعرض الأول لطالبات قسم التصميم الداخلي في كلية العمارة بجامعة الملك فيصل، ورعاية شركة زين لحملة مرض السكري التوعوية التي نفذتها جامعة الملك سعود.
إصدار مطبوعات تعريفية متخصصة لخدمة المجتمع والتخاطب معه إعلامياً، مثل قيام كلية اليمامة بإصدار نشرة أعمدة الشهرية، وقيام المستشفيات وشركات الأدوية بإصدار نشرات دورية توعوية للتعريف بسبل الوقاية من الأمراض .
تقديم الاستشارات الإدارية والفنية والمتخصصة التي تحتاج إليها فئات المجتمع المختلفة بناء على معرفة الشركة وكفاءاتها، مثل قيام عيادة الرياض بتقديم استشارات هاتفية مجانية في القضايا الطبية والصحية، وقيام شركة سنجارة لخدمات النشر والإعلام الدولية بتقديم استشارات مجانية في إدارة المجلات وتوزيعها وتأسيس القنوات الفضائية وغير ذلك.
تبني البرامج والخدمات التعليمية من خلال البعثات والمنح الدراسية للمتفوقين أو الدراسات والبحث العلمي أو توزيع الحقائب لأبناء الأسر المحتاجة أو المساهمة في برامج محو الأمية في المناطق النائية وغير ذلك، مثل قيام شركة دلة البركة بتوزيع آلاف الحقائب الدراسية للأسر المحتاجة بالتعاون مع جمعية البر وتقديم منح دراسية للطالبات المتفوقات.
فهذه نماذج عديدة وأساسية ذُكرت، والمجال مفتوح للعديد من الأفكار والإبداعات التي يمكن أن تقدم في شتى المجالات.
لماذا تتبنى الشركات برامج المسؤولية الاجتماعية؟
المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الخاصة تتزايد باعتبارها من أهمّ مراكز التأثير في المجتمع نظراً لما تتمتع به مِن ثقلٍ مادي، ولارتباطها الوثيق بواقع الناس اليومي سواء كانوا عملاء لمنتجاتها وخدماتها، أو موردين، أو مجاورين لمنشآتها، أو عاملين فيها، أو شركاء في رأس مالها أو مالكين لأسهمها.. وعليه فإنّ بإمكانها التأثير سلبًا أو إيجابًا من خلال ما تتخذه من قرارات وما تؤديه من أفعال.. وأيضاً لأنها جزء من المجتمع فهي قدْ تتأثر بما يُتخذ في محيطه من قرارات رسمية أو شعبية، ما يجعل مستوى نجاحها يتحدد بناء على علاقتها بمجتمعها.
إن قيام الشركات ورجال الأعمال بجهود وأعمال المسؤولية الاجتماعية يعني بالضرورة تحمّل التكاليف وبذل الجهود التي قد تقلّ وقد تكثر.. فما الذي يدعوهم لفعل ذلك؟ الواقعُ أن أسباب القطاع الخاص في تبني أعمال خدمة وتنمية المجتمع تعود في غالب أسبابها إلى توقع العوائد والاستقرار المادي بشكلٍ أو بآخر على المدى القريب والمتوسط والبعيد.. وهذا يُعدّ نوعاً من الفكر المتقدم الذي صُنف لفترة من الزمان تحت اسم "التسويق والعلاقات العامة" كما يذكر ذلك منظرو الإدارة الحديثة. ولذا فعلى القطاع الخاص أن يعي أنّ عائد المسؤولية الاجتماعية يتحقق على المدى الطويل، وقد اطلعتُ على دراسة تشير إلى أن الشركات التي تعتنق مفهوم المسؤولية الاجتماعية يزيد معدل الربحية فيها أكثر من 13 في المائة عن تلك التي ليس لديها برامج.
يبقى أن هناك مبادرات تُؤدى بدافع (شخصي) من رجال الأعمال أو متخذي القرار في إدارة الشركات، وبهدفٍ متجرد عن أي رغبة في الحصول على عوائد مادية أو إعلامية، وإنما الهدف رضاء الله تعالى وكسب الأجر الأخروي، وهذا قد يكون سبباً في خفاء كثير من الأعمال الرائدة والمباركة التي تُقدم لتنمية المجتمع..
فيما يلي نستعرض حصراً وتصنيفاً للأسباب التي تدعو القطاع الخاص إلى التواصل مع المجتمع:
التسويق للمنتجات والخدمات ورفع نسبة المبيعات وتحقيق أرباح مباشرة: تعمد بعض الشركات عند إطلاق منتج أو خدمة إلى تنظيم برنامجٍ يوجّه للمجتمع في أسلوب تسويقي مبتكر، وتطلق الخدمة أو المنتج من خلاله، وبالتالي تحصل على دعاية مباشرة وغير مباشرة وتزكية ضمنية. ومن أمثلة ذلك قيام إحدى الشركات التي تنتج (فوطاً صحية نسائية) بتنظيم ملتقى نسائي لمناقشة مشكلات الفتيات عند سنّ البلوغ. وقد تقوم شركة بتنظيم معرضٍ بغرض تصريف بضائع متراكمة لديها فتعلن عن التبرع بنسبة من مبيعات المعرض لجهة خيرية محددة، أو تقدم خصماً على المنتجات حتى يشتريها الناس ويقدموها لفئة من المحتاجين.
تحسين الصورة العامة للشركة والظهور في الإعلام بشكل مشرّف: تحرص كل جهة على بقاء صورتها واسمها وعلامتها التجارية في إطار متميز ولامع في الوسط الذي تعمل فيه، كما تحرص على نشر أخبارها في وسائل الإعلام بأسلوب إيجابي يعزز من معرفة مختلف أوساط المجتمع الذي تنتمي إليه بها ويربطهم باسمها. ولذلك فقد تشارك في برامج الرعاية الاجتماعية، وقد توزع منشورات توعوية، وقد تقيم حفلاً للمتفوقين وتوزع هدايا لهم، وقد تشارك بأوراق عمل في لقاءات علمية.. إن تبني وتطبيق مبدأ المسؤولية الاجتماعية يُعتبر من أهم عوامل الجذب لتحفيز المستهلكين لشراء خدمات ومنتجات الشركات حيث يتمّ النظر إليها شريكاً وصديقاً بسبب ما رُسم في أذهانهم من صورة إيجابية.
تقليد المنافسين: تعيش شركات القطاع الخاص في بيئة تنافسية يسعى كلّ طرف فيها للتميز وإثبات وجوده أمام العملاء المستهدفين.. لذلك فقد تقوم جهة ما بتنظيم عمل موجه للمجتمع.. ثمّ تقوم جهة أخرى بتنظيم عمل آخر فقط كنوع من ردة الفعل، ولا شكّ أن هذا ينافي وجود الخطط والأهداف والعمل المؤسسي والمفهوم الشرعي لقبول العمل.
الاستجابة أو الرغبة في التخلص من بعض الضغوط الرسمية أو الاجتماعية، والتي قد تضطر عدداً من الجهات الربحية إلى تبني أعمال تخدم المجتمع مثل تأهيل بعض المواطنين للعمل أو إقراضهم ومنحهم تسهيلات مالية ليؤسسوا أعمالاً خاصة.
رغبة المالك في سدّ احتياجات أو نشر مفاهيم إيجابية أو تأسيس مبادئ حضارية أو التبرع لعمل الخير.. فكلّ هذه أسباب قد تدعو جهة ما لتبني عمل موجه للمجتمع بتوجيه مباشر من المالك، وربما لا يبدو في ذلك أي ارتباط أحياناً بعوائد ربحية. فقد تبنت إحدى الجهات الربحية إقامة حملة لتنظيف شواطئ البحر، وتبنت جهة أخرى حملة موجهة إلى الأطفال للرفق بالحيوان، وتبنت جهة ثالثة التبرع لإقامة مبنى لإحدى الجهات الخيرية، وتبنت جهة رابعة تقديم قروض للأسر الصغيرة التي ترغب تنفيذ بعض الأعمال والتربح منها مثل شراء ماكينة خياطة ملابس ونحوها. ومن ذلك المساهمة في تطوير المظهر العام للمجتمع الذي تعمل به الشركة فتبني طريقاً أو تجمّل ميداناً عاماً، وبناء الوعي داخل الشركة تجاه قضايا من نوع خاص تهم الإدارة أو الملاك.
الشركات التي تتوسّع خارج السعودية تتبني برامج مسؤولية اجتماعية أسوة بالشركات في الدول المتقدمة، والعكس بالنسبة للشركات العالمية التي تواجدت في السعودية والتي تقوم ببرامج ضمن توجه الإدارة العامة.
إن حرص الشركات على تحقيق أهدافها لا يأتي من خلال جهود فردية مبعثرة.. بل لابدّ من استراتيجية ونظام متكامل.. فالتطبيق العملي أظهر أن الدور الاجتماعي والالتزام الأخلاقي للشركات هو أيضاً استثمار يعود عليها بزيادة الربح والإنتاج، وتقليل النزاعات والاختلافات بين الإدارة وبين العاملين فيها والمجتمعات التي تتعامل معها، ويزيد أيضاً من انتماء العاملين والمستفيدين إلى هذه الشركات.

جهود المجتمع.. تتضافر لتنمية مفهوم خدمة المجتمع:
برزت الكثير من الجهود المشكورة -لمنظمات حكومية وخاصة وغير ربحية- تسهم في بناء ثقافة مسؤولية القطاع الخاص تجاه المجتمع، ولا شكّ أن ذلك أمر صحي لا سيما أنه لا يمكن إلزام الشركات بتبني الإنفاق على برامج خدمة المجتمع.. وهنا أرى أنه من المناسب استعراض أهم هذه الجهود بغرض الاستفادة منها والتكامل معها وتصويبها استدعى الأمر مِن قبل المتخصصين.
* الغرف التجارية: الغرفة التجارية بالرياض لها قصب السبق والريادة في تبني برامج التنمية الاجتماعية، وقد أسست إدارة مستقلة تتولى الإشراف على أنشطة خدمة المجتمع والأعمال التطوعية تفعيل الحضور في مختلف محافل العمل الخيري وخدمة المجتمع، وأخرجتْ دراسة موثقة عن سبل وآليات تفعيل المسؤولية الاجتماعية، كما أطلقتْ جائزة الغرفة لخدمة المجتمع والتي تعدّ وحدها مبادرة كبيرة ورائدة لا يستوعب المقال أهميتها وأتمنى من المهتمين الاطلاع عليها.
بلْ إن الغرفة التجارية بالرياض قامت بتحمل المسؤولية مباشرة من خلال احتضان العديد من الجمعيات واللجان الخيرية والاجتماعية وتوفير المقرّ لها في بداية مراحل التأسيس ودعمها بصور عديدة إلى أن تتمكن من الوفاء بواجباتها، ومِن ذلك الجمعية الخيرية للأيتام ومركز الأمير سلمان الاجتماعي والجمعية السعودية للإعاقة السمعية، وتوفير مقرّ للجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم، وأسهمتْ في دعم أنشطة جمعية البر وجمعية النهضة النسائية وجمعية الوفاء الخيرية.. وامتدّ عملها إلى تبني ودعم أنشطة الجمعيات العلمية المتخصصة والمهنية مثل جمعية التسويق الخليجية، وجمعية الاقتصاد السعودية، وجمعية المحاسبة السعودية، والجمعية السعودية للإدارة، حيثْ قدمت الغرفة إعانات مالية لهذه الجمعيات واستضافتْ فعالياتها.
وأيضاً قامت الغرفة التجارية بالرياض بتبني مشاريع رائدة مثل إنشاء حديقة عامة، وطرح فرص استثمارية للتخلص من النفايات وإعادة تدويرها بما يسهم في الحفاظ على سلامة البيئة، وقامت بتبني إنشاء مجلس للمسؤولية الاجتماعية يتولى توفير المساندة لبرامج المؤسسات من منتسبي الغرفة وتحفيز التجارب المتميزة، ويشجع تبادل التجارب، ويقترح برامج ابتكارية لخدمة المجتمع، ويقدم خدمات استشارية للمؤسسات، هذا إلى جانب إعداد وتنفيذ برنامج تعريفي يتضمّن تنظيم ملتقى سنوي للمسؤولية الاجتماعية، وندوات ومحاضرات تثقيفية، وإصدار كتيبات ومطويات في هذا المجال، وإقامة دورات تدريبية وورش عملٍ للعاملين في مجال المسؤولية الاجتماعية.
ونستعرض أيضاً جهود الغرفة التجارية بجدة التي أبرمتْ اتفاقية مع الغرفة التجارية بالرياض للتعاون في تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية وتبادل الخبرات وتطوير الأفكار من خلال (مركز جدة للمسؤولية الاجتماعية) الذي له أيضاً بصمات وجهود حثيثة، وأطلقتْ (جائزة مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية للبنوك) والتي تُمنح لأكبر نسبة مئوية يحققها البنك من البرامج الاجتماعية المستدامة، وتهدف البرامج المستقبلية إلى دعم التنمية المستدامة في محافظة جدة والليث ورابغ وبعض القرى، ولديهم مشروع قافلة البصريات لقرى المملكة والهادف إلى تقديم العلاج الوقائي والمبكر لكبار السن والفقراء، وبرنامج حملة التبرع بالدم الذي سيمدّ المجتمع ويدعم الجهات الصحية وبنك الدم بالكميات التي يحتاج إليها من الدم.
والغرفة التجارية في الشرقية التي احتضنت فكرة تأسيس "لجنة أصدقاء المرضى" منذ 25 عاماً ووقفت وراءها ودعمتها ابتداء من توفير المقرّ الذي ساعد على انطلاق اللجنة في عملها، ولها جهود أخرى مثل لجنة خدمة المجتمع، وصندوق المناسبات العامة، وأقامتْ عدداً من البرامج العامة لنشر الوعي بالمسؤولية الاجتماعية والتأكيد من خلالها على أهمية وقيمة العمل "التطوعي" وضرورته، وعملت على تشجيع رجال الأعمال لتقديم كثير من المشاريع التي خدمتْ مجتمع المنطقة الشرقية.
ولن نستطيع حصر جهود ومبادرات الغرف التجارية لتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية، إلا أننا نؤكد أن العديد منها قد بذل جهوداً مشكورة.. في مقابل القلة مِن الغرف التي لمْ تقدم محاضرة واحدة في منطقتها للتوعية بأهمية هذا الموضوع.
* مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية: قامتْ بمبادرة رائدة في تكوين (فريق المسؤولية الاجتماعية) الذي يضمّ عدداً من ممثلي الجهات الحكومية والخيرية والغرف التجارية والقطاع الخاص بهدف إيجاد آليات لتفعيل إسهام القطاع الخاص في خدمة العمل الخيري والاجتماعي، والمساهمة في ترسيخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية، ودراسة البرامج والتجارب المحلية والعالمية وتعميم الناجح منها، وتوفير المساندة للتجارب الجديدة، ودراسة احتياجات المجتمع من خطط التنمية المستدامة لتحديد المجالات التي يمكن توجيه مساهمات القطاع الخاص إليها حسب أولوياتها. والفريق بمثابة هيئة استشارية ومرجعية تقدم كلّ وسائل الدعم الممكنة لبرامج المسؤولية الاجتماعية، وتدريب منسوبي إدارات المسؤولية الاجتماعية على التخطيط وآليات التنفيذ. ويواصل الفريق جهوده بالتنسيق مع الغرف التجارية الصناعية في عدد من مناطق المملكة لتنفيذ برامج توعوية وعقد أنشطة المسؤولية الاجتماعية وتحديد احتياجات المناطق من مشروعات التنمية.
* وزارة الشؤون الاجتماعية: يتزامن هذا المقال مع إطلاق ملتقى (الشراكة والمسؤولية الاجتماعية بين القطاع العام والقطاع الخاص) تحت عنوان (مجتمعنا...مسؤوليتنا) الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين وتشرف عليه وزارة الشؤون الاجتماعية في خطوة رائدة ومباركة منها. وهي فرصة للقطاع الخاص ورجال الأعمال للتعرف إلى ضخامة حجم عمل الوزارة التي تشرف على جمعيات تعاونية زراعية واستهلاكية وعامة، وتشرف على جمعيات خيرية تزيد عن 350 جمعية في التخصصات كافة مثل التدريب والتأهيل والرعاية الصحية والإسكان الخيري والإغاثة والتوعية والتي تخدم شرائح عديدة، ولديها وحدة الإرشاد الاجتماعي لتقديم الاستشارات الوقائية والعلاجية، وبرامج الإعانات الاجتماعية لأسر المعوقين والمساجين وإعانات الدراسة والزواج..إلخ، وبرامج الطفولة والأيتام ورعاية المسنين والأحداث، ولديهم مكاتب الإشراف النسائي ومراكز التأهيل ودور الحضانة والتوجيه والملاحظة الاجتماعية ومؤسسات رعاية الفتيات.. إن لدى هذه الوزارة جهوداً كبيرة ورائدة بحاجة إلى جهاتٍ خاصة تتعاون معها وتتكاتف لتجعل من برامج الوزارة برامجَ تنموية تُسهم في الاقتصاد بأثر إيجابي بتوفيق الله تعالى. وهناك عدد من الشركات التي قد قامت بجهود مشتركة مع الوزارة منها شركة العثيم التي تبنت حملة برّ الوالدين، ونظّمت حفلاً لدور الرعاية الاجتماعية للمسنين ضمن برامج الوزارة.
يبقى أن نتساءل لماذا لم تذكر الوزارة (القطاع الثالث الخيري) في ملتقى الشراكة القائم بين القطاعين الخاص والعام والذي قامتْ بتنظيمه؟!!.. مع أنّ العالم بأسره قدْ أجمع على دور القطاع الثالث في التنمية الاقتصادية للدول.. والوزارة هي الأعلم بحجم الجهود الخيرية التي تُبذل في الدولة من عشرات السنين كاستراتيجية لا تقبل المساومة وقد كان لها بفضل الله الأثر الكبير!!.
* الهيئة العامة للاستثمار: والتي بادرت بإطلاق مبادرة "مؤشر وجائزة المسؤولية التنافسية للشركات السعودية" التي شملت المسؤولية الاجتماعية بمفهومها الواسع – سبق وأشرنا إليه- بالتعاون مع مؤسسة الملك خالد الخيرية التي لها مبادرات رائدة في إطلاق عددٍ من الجوائز النوعية في المجتمع. وهذه المبادرة تأتي في سبيل تشجيع الشركات على اعتماد أفضل الممارسات التي تسهم في إثراء القيمة البشرية والاجتماعية وتؤدي إلى تعزيز القدرة التنافسية للمملكة، وقد أعلنت أسماء الشركات الفائزة خلال منتدى التنافسية الدولي الثالث الذي عقد في الرياض خلال الأيام الماضية.. وكان على رأسها البنك الأهلي التجاري نتيجة لما حققه من تميز في عدة جوانب منها جذب وتطوير المواهب من خلال برنامج سفراء الأهلي ونشر تقرير التنمية المستدامة، والحقيقة أن البنك الأهلي قدْ تبنى برامج نوعية لإثراء وبناء ثقافة المسؤولية الاجتماعية في السعودية ومِن ذلك تمويل كرسي علمي في جامعة الملك سعود وإعداد دراسة جول نظرة المجتمع السعودي للمسؤولية الاجتماعية للشركات. كما فازت بالجائزة أيضاً مجموعة الزامل للصناعة بناء على معايير التقييم في الابتكار في الخدمة والمنتج وللمجموعة جهود كبيرة في تدريب الشباب السعودي، كما أن لرئيسها رجل الأعمال الدكتور عبد الرحمن الزامل الكثير من الإسهامات الاجتماعية المباركة. وفازت مجموعة الفنار بناء على مميزات منها برنامج تطوير الموردين وجذب وتطوير المواهب.
إن هذه الجائزة من شأنها تنمية الوعي وإثارة التنافس بين شركات القطاع الخاص لتبني برامج المسؤولية الاجتماعية، ومع ذلك فإننا نأمل أن نرى الجائزة في الأعوام القادمة، وقد قامتْ بطرح مجالات ومستويات ومعايير تمنح الشركات المتوسطة والمؤسسات الفردية وبرامج خدمة المجتمع -التي قدمت التنمية الحقيقية لعشرات الآلاف- فرصةً للتنافس على الجائزة والتكريم الإعلامي. وأن يظهر للجميع أن الجائزة إنما هي في حقيقتها خطة عمل ومنهجية استراتيجية للمنظمات في تبني هذا المفهوم.
* الجمعية الوطنية للمسؤولية الاجتماعية: وهي جمعية ناشئة (تحت التأسيس) تسعى إلى وضع خطط استراتيجية طموحة من أجل إكساب المسؤولية الاجتماعية طابع العمل المنظم، وتشجيع وترسيخ برامج المسؤولية الاجتماعية في كلّ المجالات بما يعود إيجاباً ونفعاً على جميع الفئات المستحقة، كما أنها وعدتْ بإطلاق جائزة عالمية للمسؤولية الاجتماعية، ومِن أهدافها التنسيق مع منظمة التقييس العالمية ISOحول تبني وإطلاق وإعلان المعايير والمواصفات القياسية الدولية ISO26000 للمسؤولية الاجتماعية في السعودية، وهذه المعايير ستصبح مرجعية لتقييم حجم الإسهامات في المسؤولية الاجتماعية.
* الجمعية السعودية للإدارة: أعلنت عن مبادرة 1001 فكرة للمسؤولية الاجتماعية لتُضمّن في كتاب "أفكار عظيمة لتنمية مستديمة"، والذي يهدف بناء بنك للمعلومات وتقديم أفكارٍ ومقترحات لمعالجة المشاكل التنموية في المملكة، بحيث يُوزع على المؤسسات والشركات لكي تكون أكثر استجابة لمتطلبات المسؤولية الاجتماعية بمفهومها الواسع، ووعدتْ بجوائز قيمة وعضوية شرفية في الجمعية للأفكار الذكية والرائدة الفائزة.
* "تمكين" أول شركة متخصصة في السعودية تُعنى بالمسؤولية الاجتماعية للشركات في مجال الأبحاث والدراسات، وتهدف إلى رفع مستوى الوعي بالأدوار المتنامية للشركات ومسؤولياتها تجاه المجتمع والبيئة التي تعمل بها.
* "استدامة للاستشارات" مركز متخصص في تقديم استشارات وبرامج المسؤولية الاجتماعية، يحمل رسالة ربط منشآت الأعمال بالمجتمع من خلال تقديم برامج المسؤولية الاجتماعية وفق المعايير الدولية المتفق عليها؛ لإحداث توازن بين الدعم الحكومي والدعم الخاص للرقي بالمجتمع اقتصادياً وبيئياً.
هذه في نظري أبرز الجهود التي اطلعتُ عليها، وهناك غالباً جهود أخرى كثيرة لا يتسع المقال لاستقصائها أولم أستطع الإطلاع على تفاصيلها لعدم توثيقها ونشرها بشكل يمكننا من الاستفادة منها. وربما من المناسب هنا أن أشير إلى أنني لستُ مع الدعوة المثالية إلى توحيد كلّ هذه الجهود في صندوقٍ واحد أو مرجعية مشتركة.. بل أرى أنّ وضع هذا النوع من الأعمال تحت وصاية الإجراءات الروتينية سوف يقتل الإبداع ويصادم رغبات أصحاب الأعمال.. لكني بكلّ تأكيد مع الدعوة إلى التنسيق والتكامل وتبادل الخبرات والمعرفة بين المعنيين بموضوع المسؤولية الاجتماعية للشركات.

<!-- body -->