مخاوي الليل
01-02-2009, 06:54 AM
إنتاج الطاقة النظيفة من الفحم: الفوائد والسلبيات والآثار
د. ياسر طه مكاوي
د. ياسر طه مكاوي
يعتبر الفحم coal أحد أهم مصادر الطاقة التقليدية فيما لا يقل عن 42 دولة حول العالم, حيث يتم استخدامه بصورة أساسية في إنتاج الطاقة الحرارية في شكل بخار الماء، الذي بدوره يستخدم في إنتاج الكهرباء عن طريق التوربينات.
الولايات المتحدة, والتي يشار إليها أحياناً بـ Saudi Arabia of Coal، تعتبر ثاني دولة في العالم إنتاجاً واستهلاكا للفحم بعد الصين, حيث تنتج 50 في المائة من طاقتها الكهربائية منه, أما في أوروبا فتأتي بولندا على رأس قائمة الدول المنتجة والمستهلكة، للفحم حيث يشكل المصدر لنحو 95 في المائة من إنتاجها الكهربائي.
أهم ما يميز الفحم عن باقي مصادر الطاقة التقليدية أنه متوافر بكميات كبيرة في أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية وبأسعار رخيصة نسبياً, إلا أنه يتسبب في زيادة الانبعاثات الحرارية بنسبة كبيرة تصل نحو 20 في المائة. تشمل هذه الغازات كلا من: أكاسيد الكربون، النيتروجين، والكبريت، التي تتسبب في أضرار بيئية مختلفة.
على الرغم من ذلك يتوقع أن يبلغ عدد المحطات الكهربائية العاملة على الفحم الحجري نحو 7500 محطة بحلول عام 2015, أي بزيادة 80 في المائة عن العدد الحالي، حتى إن بعض الدول الشرق أوسطية الغنية بالنفط كإيران وعُمان تخطط لاستخدام الفحم لضمان إنتاج الطاقة من مصادر متعددة. فكيف إذاً يفكر العالم في التوسع في استخدام الفحم للطاقة على الرغم من الضغوط الدولية للحد من تلوث البيئة؟
الإجابة عن هذا السؤال تكمن في ما يعرف بتكنولوجيا الفحم النظيفة Clean Coal Technology. تتركز هذه التكنولوجيا اليوم بشكل رئيسي على طريقتين: الأولى استخلاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون بعد الحرق, والثانية تحويل الفحم إلى غاز أو وقود سائل فيما يعرف بعملية تغويز الفحم Gasification.
كلا الطريقتين لا تزالان تحت التطوير، وهناك عدد من العقبات الاقتصادية والتقنية التي يعمل الباحثون على حلها. فتكنولوجيا تخزين ثاني أكسيد الكربون, التي تتركز أبحاثها بشكل رئيسي في أوروبا وخصوصاً بريطانيا, لا تزال تعتبر مكلفة جداً. أحد البنوك الاستثمارية قدر تكاليف إنشاء نموذج لوحدة استخلاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون في أوروبا بنحو مليار يورو، لذلك هناك شكوك كبيرة اليوم في تطبيقها على نطاق واسع في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية.
بجانب هذا هناك بعض التحفظات من ناحية سلامة طرق التخزين, إن كان في باطن الأرض أو أعماق البحار, وتخوف من الآثار البيئية الضارة على المدى الطويل (انظر مقالي السابق بتاريخ 30 نوفمبر الماضي لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع). في المقابل تجب الإشارة إلى أن هذه التقنية يمكن إضافتها إلى أي من محطات الفحم العاملة حالياً دون الحاجة إلى إجراء أي تعديلات كبيرة عليها, وبذلك ليست هناك حاجة إلى وقف عمل المحطة لفترة طويلة كما هو الحال في مثل معظم أعمال الصيانة والتعديل الأخرى.
أما تقنية تحويل الفحم إلى غاز أو وقود، فتعتمد أساساً على حرق الفحم في مفاعلات مميعة تحت ظروف كيماوية وحرارية محكمة، حيث يمكن الاستفادة من الحرارة الناتجة في إنتاج بخار الماء اللازم لإدارة توربينات بخارية، في الوقت نفسه الذي يستفاد فيه من الغاز الناتج في إدارة توربينات غازية أو في تحويله إلى هيدروجين أو وقود سائل. لذلك يطلق على هذه العملية Integrated gasification combined cycle (IGCC), حيث إنها تجمع ما بين التوربينات الغازية والحرارية في دورة واحدة. حرق الفحم في مثل هذا النوع من المفاعلات يعطي فرصة أفضل للتحكم في كمية انبعاث أكاسيد الكربون والنيتروجين والكبريت، كما أنه يرفع من كفاءة إنتاج الكهرباء.
http://www.aleqt.com/a/191102_16394.jpgأهم ما يميز الفحم عن باقي مصادر الطاقة التقليدية أنه متوافر بكميات كبيرة في أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية وبأسعار رخيصة نسبياً, إلا أنه يتسبب في زيادة الانبعاثات الحرارية بنسبة كبيرة تصل نحو 20 في المائة.
على الرغم من أن هذه التقنية ما زالت تحت التطوير والتجربة، إلا أنها وجدت اهتماما واسعاً في السنوات الخمسة الماضية, وذلك تزامناً مع الاهتمام العالمي بالحد من الأضرار البيئية الناجمة عن حرق الفحم. أيضا يعلق الجميع آمالاً كبيرة على هذه التقنية في إنتاج الهيدروجين اللازم لإنتاج الكهرباء عن طريق خلايا الوقود.
الولايات المتحدة أعلنت تبنيها تقنية تغوير الفحم كحل للاستمرار في استخدام الفحم للطاقة، وقد أعلنت إحدى الشركات الأمريكية في الفترة الأخيرة مشروعا بتكلفة 1.5 مليار دولار لإنشاء أكبر محطة في العالم لإنتاج الكهرباء من الفحم. ويبدو أن منطقة الخليج العربي أيضاً موعودة بالدخول في مجال الطاقة النظيفة من الفحم، حيث أشارت تقارير صادره قبل أكثر من عامين، إلى أن مسقط تدرس خططا لإنشاء أول محطة لإنتاج الكهرباء من الفحم بتكلفة تقارب المليار دولار. أما في الإمارات فقد ألمحت كل من أبو ظبى ودبي إلى رغبتهما في استخدام تقنيات الفحم النظيفة لإنتاج الكهرباء.
إن تطوير مصادر الطاقة وتنويعها, خصوصاً من مصادر نظيفة أو متجددة, هو خيار استراتيجي يجب على جميع الدول العمل على تحقيقه.
<!-- body -->
د. ياسر طه مكاوي
د. ياسر طه مكاوي
يعتبر الفحم coal أحد أهم مصادر الطاقة التقليدية فيما لا يقل عن 42 دولة حول العالم, حيث يتم استخدامه بصورة أساسية في إنتاج الطاقة الحرارية في شكل بخار الماء، الذي بدوره يستخدم في إنتاج الكهرباء عن طريق التوربينات.
الولايات المتحدة, والتي يشار إليها أحياناً بـ Saudi Arabia of Coal، تعتبر ثاني دولة في العالم إنتاجاً واستهلاكا للفحم بعد الصين, حيث تنتج 50 في المائة من طاقتها الكهربائية منه, أما في أوروبا فتأتي بولندا على رأس قائمة الدول المنتجة والمستهلكة، للفحم حيث يشكل المصدر لنحو 95 في المائة من إنتاجها الكهربائي.
أهم ما يميز الفحم عن باقي مصادر الطاقة التقليدية أنه متوافر بكميات كبيرة في أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية وبأسعار رخيصة نسبياً, إلا أنه يتسبب في زيادة الانبعاثات الحرارية بنسبة كبيرة تصل نحو 20 في المائة. تشمل هذه الغازات كلا من: أكاسيد الكربون، النيتروجين، والكبريت، التي تتسبب في أضرار بيئية مختلفة.
على الرغم من ذلك يتوقع أن يبلغ عدد المحطات الكهربائية العاملة على الفحم الحجري نحو 7500 محطة بحلول عام 2015, أي بزيادة 80 في المائة عن العدد الحالي، حتى إن بعض الدول الشرق أوسطية الغنية بالنفط كإيران وعُمان تخطط لاستخدام الفحم لضمان إنتاج الطاقة من مصادر متعددة. فكيف إذاً يفكر العالم في التوسع في استخدام الفحم للطاقة على الرغم من الضغوط الدولية للحد من تلوث البيئة؟
الإجابة عن هذا السؤال تكمن في ما يعرف بتكنولوجيا الفحم النظيفة Clean Coal Technology. تتركز هذه التكنولوجيا اليوم بشكل رئيسي على طريقتين: الأولى استخلاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون بعد الحرق, والثانية تحويل الفحم إلى غاز أو وقود سائل فيما يعرف بعملية تغويز الفحم Gasification.
كلا الطريقتين لا تزالان تحت التطوير، وهناك عدد من العقبات الاقتصادية والتقنية التي يعمل الباحثون على حلها. فتكنولوجيا تخزين ثاني أكسيد الكربون, التي تتركز أبحاثها بشكل رئيسي في أوروبا وخصوصاً بريطانيا, لا تزال تعتبر مكلفة جداً. أحد البنوك الاستثمارية قدر تكاليف إنشاء نموذج لوحدة استخلاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون في أوروبا بنحو مليار يورو، لذلك هناك شكوك كبيرة اليوم في تطبيقها على نطاق واسع في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية.
بجانب هذا هناك بعض التحفظات من ناحية سلامة طرق التخزين, إن كان في باطن الأرض أو أعماق البحار, وتخوف من الآثار البيئية الضارة على المدى الطويل (انظر مقالي السابق بتاريخ 30 نوفمبر الماضي لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع). في المقابل تجب الإشارة إلى أن هذه التقنية يمكن إضافتها إلى أي من محطات الفحم العاملة حالياً دون الحاجة إلى إجراء أي تعديلات كبيرة عليها, وبذلك ليست هناك حاجة إلى وقف عمل المحطة لفترة طويلة كما هو الحال في مثل معظم أعمال الصيانة والتعديل الأخرى.
أما تقنية تحويل الفحم إلى غاز أو وقود، فتعتمد أساساً على حرق الفحم في مفاعلات مميعة تحت ظروف كيماوية وحرارية محكمة، حيث يمكن الاستفادة من الحرارة الناتجة في إنتاج بخار الماء اللازم لإدارة توربينات بخارية، في الوقت نفسه الذي يستفاد فيه من الغاز الناتج في إدارة توربينات غازية أو في تحويله إلى هيدروجين أو وقود سائل. لذلك يطلق على هذه العملية Integrated gasification combined cycle (IGCC), حيث إنها تجمع ما بين التوربينات الغازية والحرارية في دورة واحدة. حرق الفحم في مثل هذا النوع من المفاعلات يعطي فرصة أفضل للتحكم في كمية انبعاث أكاسيد الكربون والنيتروجين والكبريت، كما أنه يرفع من كفاءة إنتاج الكهرباء.
http://www.aleqt.com/a/191102_16394.jpgأهم ما يميز الفحم عن باقي مصادر الطاقة التقليدية أنه متوافر بكميات كبيرة في أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية وبأسعار رخيصة نسبياً, إلا أنه يتسبب في زيادة الانبعاثات الحرارية بنسبة كبيرة تصل نحو 20 في المائة.
على الرغم من أن هذه التقنية ما زالت تحت التطوير والتجربة، إلا أنها وجدت اهتماما واسعاً في السنوات الخمسة الماضية, وذلك تزامناً مع الاهتمام العالمي بالحد من الأضرار البيئية الناجمة عن حرق الفحم. أيضا يعلق الجميع آمالاً كبيرة على هذه التقنية في إنتاج الهيدروجين اللازم لإنتاج الكهرباء عن طريق خلايا الوقود.
الولايات المتحدة أعلنت تبنيها تقنية تغوير الفحم كحل للاستمرار في استخدام الفحم للطاقة، وقد أعلنت إحدى الشركات الأمريكية في الفترة الأخيرة مشروعا بتكلفة 1.5 مليار دولار لإنشاء أكبر محطة في العالم لإنتاج الكهرباء من الفحم. ويبدو أن منطقة الخليج العربي أيضاً موعودة بالدخول في مجال الطاقة النظيفة من الفحم، حيث أشارت تقارير صادره قبل أكثر من عامين، إلى أن مسقط تدرس خططا لإنشاء أول محطة لإنتاج الكهرباء من الفحم بتكلفة تقارب المليار دولار. أما في الإمارات فقد ألمحت كل من أبو ظبى ودبي إلى رغبتهما في استخدام تقنيات الفحم النظيفة لإنتاج الكهرباء.
إن تطوير مصادر الطاقة وتنويعها, خصوصاً من مصادر نظيفة أو متجددة, هو خيار استراتيجي يجب على جميع الدول العمل على تحقيقه.
<!-- body -->