مخاوي الليل
19-03-2009, 01:50 AM
الصناعة النفطية وتحديات المرحلة الراهنة "الجزء الثاني"
د. نعمت أبو الصوف
في الجزء الأول تم تحديد التحديات الرئيسة التالية التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الحاضر: دورة الازدهار والكساد في الإمدادات والصناعة النفطية Boom Bust Cycle، مستقبل الطلب العالمي على النفط، إنتاج وتطوير حقول نفطية جديدة، سياسات تغير المناخ والطاقات الجديدة والمتجددة والنظيفة، وطبيعة الوقود المستقبلي المستخدم في مجال النقل ونوعيته. في المقالة السابقة تم أيضا التطرق إلى التحدي الأول، الخاص بدورة الازدهار والكساد في الإمدادات والصناعة النفطية، بصورة تفصيلية. في هذه المقالة سيتم التعرف على بعض التحديات الرئيسة التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الراهن وإلى أهم تداعياتها على مستقبل هذه الصناعة الحيوية في ديمومة عجلة التطور العالمي والنمو الاقتصادي.
مستقبل الطلب العالمي على النفط: السؤال المهم هنا هو: ما آفاق النمو المستقبلي في الطلب العالمي على النفط؟ لقد كانت فكرة ذروة النفط Peak oil محل نقاش ساخن في هذا العقد بالتحديد خلال فترات مختلفة في الماضي، هذه الفكرة مبنية على أساس أن الإنتاج العالمي من النفط سيصل قريبا إلى ذروته ثم يبدأ في الانخفاض بشكل لا مناص منه. اليوم هناك نقاش من نوع آخر حول فكرة الذروة يلوح في الأفق، لكن هذه المرة مبني على فكرة الذروة في الطلب العالمي على النفط وليس الإنتاج العالمي للنفط, حيث يوجد اليوم إجماع سائد بين المحللين على أن الطلب على البنزين في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، وصل إلى ذروته عام 2007، ومن المتوقع أن ينخفض خلال العقد المقبل. هل يعد هذا أيضا مؤشرا على ما سيحدث للطلب العالمي على النفط؟ إن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية من المتوقع أن تؤثر سلبا في نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2009، للسنة الثانية على التوالي، مثل هذا التراجع في الطلب على النفط لم يحدث منذ أوائل 1980. السؤل هنا: هل يمثل هذا التراجع مجرد ظاهرة مؤقتة، قد تزول بعد انتعاش الاقتصاد العالمي ويعاود الطلب على النفط استئناف معدلات نمو أكثر؟ أو أن تقلبات السوق في الآونة الأخيرة حركت العوامل التي تحد من نمو الطلب على النفط، بما فيها تسريع تنمية بدائل للنفط، والتغيرات في سلوك المستهلك؟ الآثار المحتملة من وصول الذروة في الطلب العالمي على النفط هي آثار بعيدة المدى أكثر مما هي آنية، وستكون لها تأثيرات سلبية كبيرة في الاستثمارات النفطية في القطاع الاستخراجي Upstream والتحويلي Downstream على حد سواء.
إنتاج وتطوير حقول نفطية جديدة: التحدي المهم في هذا المجال يتعلق بالكيفية التي ستستجيب بها الصناعة النفطية نتيجة للمتغيرات التي عصفت بها في الآونة الأخيرة، خصوصا الانهيار الكبير في أسعار النفط عام 2008 والركود الاقتصادي العالمي. وهل يمكن لفترة مستمرة من انخفاض أسعار النفط والتكاليف تؤدي إلى فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير؟ حيث إن طبيعة الفرص في الاستكشاف والتطوير والإنتاج المتاحة لمختلف الجهات، سواء بين الحكومات المضيفة أو الشركات الدولية، تميل إلى التقلب حسب أسعار النفط. في التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت أسعارالنفط منخفضة، قام عدد من البلدان بتوسيع نطاق الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير، بما في ذلك عروض صفقات التنقيب في الهند، والبرازيل، والنرويج، وغرب إفريقيا. في المقابل ارتفاع أسعار النفط في الفترة من 2002 إلى 2008، حفز كثيرا من الحكومات المضيفة على تشديد الشروط التعاقدية والمالية وزيادة الضرائب، كما أن تكاليف عمليات شراء الموجودات Assets acquisitions ازدادت أيضا، وفي بعض الحالات كان الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير صعبا للغاية. حيث التنافس على المواد والحصول على الأيدي العاملة الماهرة قد ازداد، الحصول على الفرص الجديدة في الاستكشاف والتطوير أصبحت أكثر صعوبة، والشركات التي تسعى إلى الحصول على فرص جديدة استخدمت وسائل جديدة ومتنوعة لتقديم عروضهم للحكومات المضيفة. والسؤال هنا: هل فترة انخفاض الأسعار تؤدي إلى مزيد من الفرص لشركات الاستكشاف والإنتاج من خلال عمليات الاندماج Consolidation ومن خلال الاحتياجات المتزايدة من قبل الحكومات المضيفة لتطوير وزيادة إنتاجها للتعويض عن انخفاض الأسعار؟ وهل يمكن للشركات الناشئة أن تستثمر الانخفاض الحالي في أسعار النفط لمصلحتها وإيجاد فرص أكبر لاختيار مكان وكيفية المنافسة على المشاريع المستقبلية، التي يمكن أن تستمر حتى في حالة استعادة أسعارالنفط العالمية عافيتها من جديد؟ من دراسة وتقييم آثار انخفاض الطلب على النفط وكذلك انخفاض أسعار النفط التي شهدها العالم في منتصف الثمانينيات، 1998 وأوائل عام 1999، نستنتج أن الصناعة النفطية نجحت خلال تلك المراحل في الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير، ولكن لفترات محدودة فقط. ولكن مع ذلك تبقى جميع هذه التساؤلات عن فرص الشركات في الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير من التحديات الرئيسة التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الحاضر، والتي تحتاج إلى كثير من البحث والتحليل للوصول إلى الإجابات المطلوبة.
هذا وسيتم في المقالة اللاحقة استعراض بقية التحديات الرئيسة التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الحاضر.
د. نعمت أبو الصوف
في الجزء الأول تم تحديد التحديات الرئيسة التالية التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الحاضر: دورة الازدهار والكساد في الإمدادات والصناعة النفطية Boom Bust Cycle، مستقبل الطلب العالمي على النفط، إنتاج وتطوير حقول نفطية جديدة، سياسات تغير المناخ والطاقات الجديدة والمتجددة والنظيفة، وطبيعة الوقود المستقبلي المستخدم في مجال النقل ونوعيته. في المقالة السابقة تم أيضا التطرق إلى التحدي الأول، الخاص بدورة الازدهار والكساد في الإمدادات والصناعة النفطية، بصورة تفصيلية. في هذه المقالة سيتم التعرف على بعض التحديات الرئيسة التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الراهن وإلى أهم تداعياتها على مستقبل هذه الصناعة الحيوية في ديمومة عجلة التطور العالمي والنمو الاقتصادي.
مستقبل الطلب العالمي على النفط: السؤال المهم هنا هو: ما آفاق النمو المستقبلي في الطلب العالمي على النفط؟ لقد كانت فكرة ذروة النفط Peak oil محل نقاش ساخن في هذا العقد بالتحديد خلال فترات مختلفة في الماضي، هذه الفكرة مبنية على أساس أن الإنتاج العالمي من النفط سيصل قريبا إلى ذروته ثم يبدأ في الانخفاض بشكل لا مناص منه. اليوم هناك نقاش من نوع آخر حول فكرة الذروة يلوح في الأفق، لكن هذه المرة مبني على فكرة الذروة في الطلب العالمي على النفط وليس الإنتاج العالمي للنفط, حيث يوجد اليوم إجماع سائد بين المحللين على أن الطلب على البنزين في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، وصل إلى ذروته عام 2007، ومن المتوقع أن ينخفض خلال العقد المقبل. هل يعد هذا أيضا مؤشرا على ما سيحدث للطلب العالمي على النفط؟ إن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية من المتوقع أن تؤثر سلبا في نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2009، للسنة الثانية على التوالي، مثل هذا التراجع في الطلب على النفط لم يحدث منذ أوائل 1980. السؤل هنا: هل يمثل هذا التراجع مجرد ظاهرة مؤقتة، قد تزول بعد انتعاش الاقتصاد العالمي ويعاود الطلب على النفط استئناف معدلات نمو أكثر؟ أو أن تقلبات السوق في الآونة الأخيرة حركت العوامل التي تحد من نمو الطلب على النفط، بما فيها تسريع تنمية بدائل للنفط، والتغيرات في سلوك المستهلك؟ الآثار المحتملة من وصول الذروة في الطلب العالمي على النفط هي آثار بعيدة المدى أكثر مما هي آنية، وستكون لها تأثيرات سلبية كبيرة في الاستثمارات النفطية في القطاع الاستخراجي Upstream والتحويلي Downstream على حد سواء.
إنتاج وتطوير حقول نفطية جديدة: التحدي المهم في هذا المجال يتعلق بالكيفية التي ستستجيب بها الصناعة النفطية نتيجة للمتغيرات التي عصفت بها في الآونة الأخيرة، خصوصا الانهيار الكبير في أسعار النفط عام 2008 والركود الاقتصادي العالمي. وهل يمكن لفترة مستمرة من انخفاض أسعار النفط والتكاليف تؤدي إلى فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير؟ حيث إن طبيعة الفرص في الاستكشاف والتطوير والإنتاج المتاحة لمختلف الجهات، سواء بين الحكومات المضيفة أو الشركات الدولية، تميل إلى التقلب حسب أسعار النفط. في التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت أسعارالنفط منخفضة، قام عدد من البلدان بتوسيع نطاق الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير، بما في ذلك عروض صفقات التنقيب في الهند، والبرازيل، والنرويج، وغرب إفريقيا. في المقابل ارتفاع أسعار النفط في الفترة من 2002 إلى 2008، حفز كثيرا من الحكومات المضيفة على تشديد الشروط التعاقدية والمالية وزيادة الضرائب، كما أن تكاليف عمليات شراء الموجودات Assets acquisitions ازدادت أيضا، وفي بعض الحالات كان الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير صعبا للغاية. حيث التنافس على المواد والحصول على الأيدي العاملة الماهرة قد ازداد، الحصول على الفرص الجديدة في الاستكشاف والتطوير أصبحت أكثر صعوبة، والشركات التي تسعى إلى الحصول على فرص جديدة استخدمت وسائل جديدة ومتنوعة لتقديم عروضهم للحكومات المضيفة. والسؤال هنا: هل فترة انخفاض الأسعار تؤدي إلى مزيد من الفرص لشركات الاستكشاف والإنتاج من خلال عمليات الاندماج Consolidation ومن خلال الاحتياجات المتزايدة من قبل الحكومات المضيفة لتطوير وزيادة إنتاجها للتعويض عن انخفاض الأسعار؟ وهل يمكن للشركات الناشئة أن تستثمر الانخفاض الحالي في أسعار النفط لمصلحتها وإيجاد فرص أكبر لاختيار مكان وكيفية المنافسة على المشاريع المستقبلية، التي يمكن أن تستمر حتى في حالة استعادة أسعارالنفط العالمية عافيتها من جديد؟ من دراسة وتقييم آثار انخفاض الطلب على النفط وكذلك انخفاض أسعار النفط التي شهدها العالم في منتصف الثمانينيات، 1998 وأوائل عام 1999، نستنتج أن الصناعة النفطية نجحت خلال تلك المراحل في الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير، ولكن لفترات محدودة فقط. ولكن مع ذلك تبقى جميع هذه التساؤلات عن فرص الشركات في الحصول على فرص جديدة في الاستكشاف والتطوير من التحديات الرئيسة التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الحاضر، والتي تحتاج إلى كثير من البحث والتحليل للوصول إلى الإجابات المطلوبة.
هذا وسيتم في المقالة اللاحقة استعراض بقية التحديات الرئيسة التي تجابه الصناعة النفطية في الوقت الحاضر.