المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عودة الانتعاش تتطلب توسيع نطاق الطلب الكلي


مخاوي الليل
02-04-2009, 12:08 PM
عودة الانتعاش تتطلب توسيع نطاق الطلب الكلي



كمال درفيس
المنافسة كانت تعني أن المدير الذي يقبل بعائد نسبته 4 في المائة، في حين يحقق جميع المديرين الآخرين عائداً نسبته 8 في المائة، أو 10 في المائة، سيخسر وظيفته.
إننا نتحدث عن نهاية الأزمة الاقتصادية، بينما هي آخذة في التعمق، وربما تعين باستمرار أن تتم مراجعة التوقعات الاقتصادية بشكل تنازلي. لكن هناك إمكانية لحدوث انتعاش اقتصادي سريع نسبياً شريطة أن تحدث أربعة أمور. أولاً، يجب على السلطات الحكومية أن تعيد هيكلة وكتابة الميزانيات العمومية في القطاع المالي عند اللزوم، عبر الاستيلاء على البنوك، بدلاً من الانتظار، مهما كان طول الفترة. ثانياً، ينبغي أن يحل الإنفاق العام محل الطلب الخاص المتعثر، من أجل عكس الاتجاه النزولي اللولبي قبل أن يتحول إلى هزيمة منكرة. ثالثاً، يجب أن يتم القيام بذلك عن طريق التعاون الدولي، كي تتقلص الاختلالات العالمية في الحسابات الجارية التي أسهمت في حدوث هذه الأزمة، بدلاً من أن تزداد. رابعاً، يجب أن يتم تقديم المساعدات للبلدان الأكثر ضعفاً، كي لا تُدفع إلى حالة من اليأس الهدام. هل سيسمح السياسيون بتحقيق كل هذه الأمور في الوقت المناسب حتى نتجنب حدوث كارثة؟ إذا سارت الأمور في هذا الاتجاه، فمن المحتمل أن يُستأنف النمو خلال عام 2010، لكن حتى في ظل هذا السيناريو المتفائل، سيكون العالم قد تغير على نحو لا رجعة فيه.
http://www.aleqt.com/a/210736_26318.jpg
ذلك أن قوة الأحداث ستؤدي إلى زيادة الدور الحكومي وإلى اتساع مداه. فسيتعين أن تتم إدارة الموجودات التي تم الاستيلاء عليها والبرامج الجاري تنفيذها، وذلك لفترة من الوقت على الأقل. إلى ذلك، الفكرة القائلة إن الأسواق تستطيع أن تنظم نفسها دون أي تدخل واضح من السياسة العامة لا يؤمن بها أحد بالمرة. وهذا يعني أن المجتمعات في سائر أنحاء العالم ستبحث عن سبيل أفضل للجمع بين الإجراءات الحكومية والأسواق الخاصة. إن شكلاً متطرفاً من أشكال الأيديولوجية التي تقوم على أساسيات السوق كان هو المهيمن منذ ثمانينيات القرن الماضي. وبلغت هذه الأيديولوجية أوجها مع نهاية القرن. وكان المحللون الذين يهللون لها يتوقعون أن يتضاعف متوسط مؤشر داو جونز للشركات الصناعية أكثر من ثلاث مرات ليصل إلى 36000 نقطة خلال عشر سنوات. لقد انهارت هذه الأيديولوجية: لأن مؤشر داو بالكاد عند 20 في المائة من ذلك المستوى. ومن المشاكل المهمة التي يواجهها العديد من الأسواق، هي النظر إلى الأجل القصير وسلوك القطيع. وقلة من العاملين في القطاع المالي شعروا بأن بيت الورق على وشك أن ينهار، لكن المنافسة كانت تعني أن المدير الذي يقبل بعائد نسبته 4 في المائة، في حين يحقق جميع المديرين الآخرين عائداً نسبته 8 في المائة، أو 10 في المائة، سيخسر وظيفته. ويتعين أن يشتمل جزء من عملية إعادة التوازن على إطار تنظيمي وإدارة للشركات يربطان المكافآت بالأداء في المدى الطويل. هل سيكون الاقتصاد العالمي قادراً مرة أخرى على تحقيق النتائج التي نتوقعها؟ هل يستطيع أن يصل النمو في المدى الطويل إلى نسبة 3 في المائة، أو 4 في المائة التي بدت ممكنة قبل الأزمة؟ نظرة إلى جانب العرض تظهر أن الإجابة نعم. ذلك أن آسيا التي تعتمد على معدل الادخار العالي فيها تستثمر نحو 40 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي (مقارنة بمتوسط عالمي قدره 22 في المائة). وبالتالي ستسهم بحصة متزايدة من الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يدفع معدل الاستثمار المحتمل إلى أعلى. وثورة المعلومات تسهل عملية النشر السريع للتكنولوجيا والمعرفة، الأمر الذي يمكن الزيادات القوية في الإنتاجية من أن تسير جنباً إلى جنب مع معدلات الاستثمار العالية في الأسواق الناشئة. إن الحدود التكنولوجية في تقدم، وهذا ينبغي أن يمكن الاقتصادات النامية من تحقيق نمو محترم. وتحقيق نمو طويل المدى قريب من 2 في المائة في الناتج الإجمالي المحتمل في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وبنسبة 6 – 7 في المائة في آسيا، و4 – 5 في المائة بقية بلدان العالم يبدو أمراً معقولاً فيما يتعلق بجانب العرض. وربما يؤدي هذا إلى ارتفاع النمو طويل المدى للاقتصاد العالمي من 3 إلى 3.5 في المائة، مع استمرار ثقل آسيا في الزيادة خلال العقد المقبل. على أن إمكانية تحقيق هذا النمو تعتمد على الكيفية التي يدار بها الطلب الكلي. وينبغي أن يحدث أمران كي يستأنف الطلب توسعه – الذي كان مدفوعاً في الماضي بفقاعات الموجودات والمستهلكين الأمريكيين – لكن على نحو أكثر استدامة. ففي المستقبل القريب جداً، يتعين على الدول ذات الفائض في حساباتها الجارية، وهي ألمانيا واليابان وقبلهما الصين، أن تلعب دوراً أكبر في توسع الطلب وزيادته. وفي المدى الطويل، يجب أن يتحول توزيع الدخل داخل البلدان وفي سائر أنحاء العالم إلى مستويات أقل تركيزاً بيد الأغنياء، الأمر الذي يدعم توسعاً ذا قاعدة عريضة في الطلب الاستهلاكي. هناك احتياجات كثيرة لم يتم الوفاء بها حتى في الاقتصادات المتقدمة. إن تحركاً نحو قدر أقل من عدم المساواة في توزيع الدخل من شأنه أن يمكن الشرائح ذات الدخل المتدني من الإنفاق. ويهدف الرئيس باراك أوباما، كما ورد في مقترحاته الخاصة بالميزانية، إلى إيجاد توزيع أكثر توازناً للدخل، من خلال إصلاح قطاعات الضريبة والرعاية الصحية والتعليم، الأمر الذي يساعد الولايات المتحدة والعالم على التحرك في هذا الاتجاه، شريطة أن ترافق ذلك سياسات ملائمة على صعيد الاقتصاد الكلي في الدول ذات الفائض. وبغير ذلك، فإن الحاجة لنمو الطلب يمكن أن تتصادم مع تزايد عجز الحساب الجاري للولايات المتحدة ومع الاختلالات العالمية العصية على الإدارة. ينبغي أن تعلمنا الأزمة أن ندير الخطر على صعيد عالمي، لا أن نقلل من شأن الضرر الذي يحتمل أن يتأتى من أحداث تعتبر غير مرجحة الوقوع ويصعب توقعها. إن تكاليف الأزمة المالية ربما تكون ضئيلة، مقارنة ببعض المخاطر طويلة المدى التي تتعلق بتغير المناخ العالمي على نحو لا يمكن عكسه، أو بالأمراض الوبائية، أو بانتشار الأسلحة النووية. ويمكن أن تكون الأزمة أيضا فرصة للتحسن الجوهري. وإذا علمتنا هذه الأزمة أن الجدية لها أهمية الكفاءة في الشؤون البشرية، فستكون هي الفرصة التي نبحث عنها.
الكاتب كان وزير للاقتصاد في تركيا، وحتى هذا الشهر كان رئيساً لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة. وهو على وشك أن ينضم إلى مؤسسة بروكنجز في واشنطن، مع العمل في جامعة سابنجي في إسطنبول.

<!-- body -->