المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أزمة الإسكان والقيود المكبلة للعرض


مخاوي الليل
09-04-2009, 02:47 AM
أزمة الإسكان والقيود المكبلة للعرض



د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
إن توفير السكن المناسب وفق خيارات ملائمة لاحتياجات المواطنين ضمن برامج محددة يتم وضعها مسبقاً تعتبر واحدة من الأمور التي يفترض أن يتم التنسيق بخصوصها بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص. وبهذه المقولة لا نكون قد اخترعنا الدراجة كما يقول المثل. فعلى هذا المنوال تسير الأمور في العديد من بلدان العالم. فالأمريكيون ليس وحدهم في هذا العالم الذين يحلمون بتملك بيوت خاصة بهم.
ولذلك توجد في العديد من البلدان شركات عقارية كبيرة متخصصة في بناء الشقق أو البيوت. وكثيراً ما تعتمد تلك الشركات على الأفراد في تمويل المباني التي تنشئها. فيدفع الطامحون في تملك المساكن، على سبيل المثال، نصف قيمة العقار الذي يرغبون في الحصول عليه فوراً. أما بقية المبلغ فيتم تقسيطه على دفعات مريحة إلى حين أن يتم الانتهاء من بناء الشقق أو البيوت المستهدفة. وعادة ما ينتهي تسديد الأقساط مع اكتمال المبنى. ولذلك فإن تسليم المفتاح يتم مع آخر قسط ينتهي سداده. فالمواطنون في العديد من البلدان، والحالة تلك، يعتبرون بمثابة مستثمرين شأنهم شأن الشركات العقارية التي تبني المساكن لهم.
أو لنأخذ مثلاً تجربة الإسكان التعاوني الإسلامية المحدودة في كندا التي أنشئت في عام 1980. فهذه الشركة تأسست من أجل خدمة المسلمين الذين لا يرغبون في الحصول على فوائد على مدخراتهم أو دفع فوائد على قروض الإسكان/ الرهن التي يحصلون عليها. فمن خلال شراء أسهم الشركة يتمكن الراغبون في تملك المساكن عبر تلك الأسهم من الحصول على ما يحتاجون إليه. فإذا كانت الإمكانية محدودة والأسهم المشتراة ليست كافية فإن صاحب تلك الأسهم يظل مستأجراً للشقة أو المنزل إلى حين سداد المبلغ المستحق.
إذاً فإن هناك طرقاً عدة لتمويل شراء المساكن دون اللجوء إلى المصارف. ولكن استبعاد المصارف، القادرة على ضخ أموال طائلة عن طريق القروض التي تقدمها للناس والشركات العقارية، من هذه الدورة أمر من شأنه أن يحد من التطور العقاري. فليس الكل لديهم السيولة الكافية لدفع تكلفة بناء المساكن الراغبين فيها خلال فترة قصيرة ولنقل خمس سنوات مثلاً.
ولذلك فإن إنشاء شركات عقارية ضخمة قادرة على بناء المجمعات السكنية التي تناسب وحداتها مختلف شرائح المجتمع من حيث الذوق والقدرة المالية أمر ضروري مثلما هو ضروري تطوير الأداء المصرفي لخدمة هذه العملية. فبناء تلك المجمعات أمر ييسر على القطاع الحكومي توفير البنية الأساسية الأزمة لها.
ونحن في المملكة، التي تنطلق فيها هذه الأيام فعاليات الدورة الثانية عشرة لمعرض الرياض العقاري، في أشد الحاجة لإنشاء شركات عقارية قادرة على تلبية الطلب المتزايد على المساكن وفي أمس الحاجة كذلك لوجود نظام متطور للتمويل العقاري وذلك حتى يتمكن للقطاع الخاص من دعم التوجه الحكومي لحل مشكلة الإسكان. فصندوق التنمية العقارية لا يستطيع بمفردة أن يغطي الطلب المتزايد عليه. خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن المجتمع السعودي يعد واحداً من أسرع المجتمعات نمواً على مستوى العالم. ففي خلال الفترة الواقعة بين 1975 وحتى 2007 نمى سكان المملكة من 7,3 ملايين نسمة إلى 24,24 مليون نسمة. أي أنه تضاعف، خلال ثلاثين عاماً، بأكثر من ثلاث مرات تقريباً. من ناحية أخرى فإن مجتمعنا يعتبر من المجتمعات الشابة. فنسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً وصلوا في عام 2005 إلى 34,5% من إجمالي سكان المملكة. في حين لم يتعد السكان البالغون من العمر 65 عاماً فأكثر سوى 2,8% من إجمالي السكان.
ولهذا فإن معدل الطلب على الوحدات السكنية في المملكة حتى عام 2020 من المتوقع أن يصل إلى 2,4 مليون وحدة سكنية تحتاج إلى استثمار 1,2 تريليون ريال من أجل بنائها. من هنا فإن تفعيل قرارات مجلس الوزراء بإنشاء هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية تعنى بالإسكان وقرار مجلس الشورى الخاص بالرهن العقاري وكذلك الإسراع في إنشاء هيئة عامة للعقار من شأنها أن تعطي دفعاً قوياً لنهضة عمرانية مستقبلية قادرة على مواجهة التحديات الديموغرافية التي أخذنا نصطدم بها وجهاً لوجه من ناحية. من جهة أخرى فإن فك القيود التي كبلت قوى العرض لابد له وأن يؤدي إلى تقلص الفجوة التي نشأت بين العرض والطلب على المساكن جراء تلك القيود وإلى توازن أسعار العقار في المستقبل.