لحظه حب
10-03-2007, 07:54 AM
لعلّ من السهولة ملاحظة (الرهاب) الذي يلازم الشخصيّة العربيّة عند تعاملها مع الجنس الآخر ؛ من مظاهرارتباك ، لتلعثم ، لإحراج ، لخجل مرضيّ ، بل و حتّى لمحاولة الانعزال كليّاً عن كلّ ما يمتّ للجنس الآخر بصلة و لو كان ذلك في إطار العمل أو الدراسة أو العلاقة الرصينة .
و لعلّ من السهولة كذلك ملاحظة ربط هذا الرهاب بالفهم المغلوط للدين ، من غير النظر لتراث إسلاميّ كان رمزاً للعلاقة الراقية البنّاءة بين الجنسين ، من غير أدنى إسفاف أو ابتذال .
هل يعود السبب في ذلك لحالة الانحدار الفكريّ التي يعيشها العرب ، بما لم يترك لهم مجالاً إلاّ للتشبّث بقضايا جانبيّة كهذه ؟ أم هل يكمن السبب في حالة الانغلاق التي تفرضها البيئة العربيّة المحافظة ، و التي اصطدمت في السنوات الأخيرة بثورة الانفتاح الإعلاميّ و المجتمعيّ ؟ لماذا ينظر معظم الرجال العرب للفتاة الغريبة عنهم بإحدى نظرتين : إمّا على اعتبارها أخت ، أو على محمل آخر تماماً بغضّ النظر عن التسميات كزميلة أو صديقة ؟ هل تعدّ علاقة الزمالة البريئة الراقية من المستحيلات في الوطن العربيّ ؟ ألا يسبّبّ هذا الانغلاق المأزوم انحرافاً بمجرّد التحرّرّ من قيود الوطن العربيّ ، أو على الأقلّ عدم إفادة أيّ طرف من جوانب شخصيّة و نفسيّة الجنس الآخر ؟
محاولة للإجابة عن كلّ ذلك من منظور اجتماعيّ و شرعيّ و نفسيّ ..
نماذج من (الزمالة) العربيّة!
تحتار (غادة ،28عاماً) في تصرّف من كانت تعتبره " صديقاً لها " ، لتكتشف أنّه هو من "كان يرسل لها رسائل غراميّة على بريدها الإلكترونيّ لمدّة أشهر متواصلة ".
فقد كانت غادة تتحدّث مع هذا الصديق ب"براءة و حسن نيّة " ، ليأتي اليوم الذي "خذل فيه الحظّ هذا الصديق حيث استأذنته في استخدام كمبيوتره المتنقّل لأنّ كمبيوترها معطّل ، لتتفاجأ بأنّ البريد الذي يصلها كان محفوظاً على صفحة الإنترنت المستخدمة من قِبله ".
و تتابع غادة قائلة : " أصابني الوجوم من هذا التصرّف الذي بدر من شخص متزوّج و مثقّف و متعلّم " ، كما تشير لكلمات والدتها التي تبادرت لذهنها لحظتها من أنّ " نظرة الرجال لا يمكن أن تسمو عن هذا الحدّ بالنسبة لأيّ فتاة غريبة تسعى لبناء صداقة أو زمالة معهم " .
قد ختمت غادة تلك التجربة عبر "بريد أرسلته لذات العنوان ، موضّحة أنّها قد اكتشفت الحقيقية " ، لتكون ردّة فعل ذلك الرجل هي " الاختفاء شبه التامّ عن علاقة الزمالة المزعومة ".
من تجربة غادة ، لتجربة أخرى تسردها (أم أحمد ، 33عاماً) عن " المهندس الذي صمّمّ ديكور مكتبها المحاسبة " ، و الذي تفاجأت به " يرنّ عليها في ساعة متأخّرة من الليل لتجاذب أطراف الحديث " ، بعد أن أخذت بحسن نيّة "زياراته المتكرّرّة لمكتبها بعد أن انتهى عمله " ، فيما يبدو على حسب قول أم أحمد "أنّه اعتبر ذلك قبولاً لنوعيّة الصداقة التي يريدها هو ".
و تعتري أم أحمد "الدهشة" من تفكير هذا الرجل على الرغم من كونه هو من "علّق صوّر عائلتها على حائط المكتب من ضمن الديكور ، و يعلم كم هي متعلّقة بزوجها و أبنائها لكثرة حديثها عنهم ".
و تفسّر ذلك ب "العقليّة الذكوريّة الشرقيّة التي لا تلبث أن تنظر للمرأة من منظور العشق و الجسد ، حتى و إن تمّ ادّعاء غير ذلك ".
غير أنّه ليست النساء وحدهنّ فقط من يشتكين من "الفهم الخاطئ و المغلوط لمفهوم الزمالة و الصداقة " ، حيث أنّ (علي ،29عاماً) يؤكّد أنّ الكثير من زميلاته في العمل "يحاولن إيقاعه في حبّهنّ عبر تودّدّات كثيرة و (مسجات) على هاتفه الخلويّ ". فيما علي الذي لازال أعزباً ، ينوّه لكونه "لا يعيرهنّ اهتماماً من النوع الذي يتقن إليه ، لأنّ من طبعه الزهد فيمن يبادرن هنّ لبناء علاقة غرام معه ".
و يفسّر علي ذلك بعقليّة الإناث التي "تميل للتفكير برابطة الزواج قبل الحبّ ، فيما عقليّة الرجال تريد علاقة صداقة و من ثمّ قد تتطوّر هذه الصداقة لحبّ فزواج . في حين أنّ الأنثى تريد اختصار كلّ هذه المراحل ".
يعلّق على ذلك أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنيّة الدكتور عبد المهدي السودي ، قائلاً : " العلاقة بين الجنسين في مجتمعاتنا النامية هي أسيرة تجاذب بين طرفيّ نقيض ؛ حيث الأعراف و التقاليد التي لا تسمح بالاختلاط بل تجرّمه ، و بين الانفتاح الذي يلحّ على حتميّة الاختلاط في الجامعات و أماكن العمل و المناسبات الاجتماعيّة ".
و يضيف السودي قائلاً : "ثمّة صورة نمطيّة لا مناص للرجل الشرقيّ منها ، و هي أنّ الفتاة المحترمة المحافظة لا تختلط بالجنس الآخر ، لذا لا نتعجّب حين نرى الشابّ لا يقدم على خطبة فتاة لديها زمالات و صداقات كثيرة حتى و لو كانت بريئة ، بل إنّ أغلبيّة الشباب لا يعتبرون حتى الاختلاط المبرّرّ بريئاً ".
و يرى السودي أنّ "تغيير هذا العرف يستلزم عقوداً طويلة ، كما أنّه ليس بالسهولة التي يتصوّرها البعض..
المتديّنون و العلاقة بين الجنسين
(وسام ،23 عاماً) يتحدّث عن تجربته في إحدى المدارس الدينيّة السلفيّة ، حيث "الجوّ المشحون بطريقة رهيبة ضدّ الاختلاط ، ليس فقط من ناحيّة نظريّة تصرّ على تجريم الاختلاط بجميع أنواعه و بغضّ النظر عن الضرورة ، بل و كذلك في تظليل صور الفتيات في كتب اللغة الإنجليزيّة ".
و يتابع وسام : "لا أستطيع نسيان مناظر الطلاّب و هم يفردون الفسحة بين الحصص لمسح التظليل عن هذه الصور من خلال غمس قطنة في (الكولونيا) و مسح التظليل ، على الرغم من كونها صور عاديّة ! ".
فيما (نيفين ، 25 عاماً) تتحدّث عن زميلها المتديّن في العمل ، حيث "لا ينظر إلى زميلاته أبداً إن اضطرّ للحديث إليهنّ " ، عدا عن تحاشيه "تقديم خدمات الكمبيوتر لهنّ على الرغم من كون تلك مهنته ، و طلبه من زميله القيام بذلك ".
و تتساءل نيفين باستنكار عن "الحكم الشرعيّ الذي يستند إليه هذا الزميل في عدم جواز التعامل بل و حتّى النظر للفتيات اللواتي أمامه على الرغم من احتشامهنّ ، و هل سيقع المحظور إن نظر لوجوههنّ أو بادلهنّ
التحيّة؟! ".
يعلّق أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنيّة ، الدكتور محمد منصور على ذلك من منظور شرعيّ قائلاً : " ثمّة جانبين في ظاهرة تحفّظ الشباب في علاقتهم مع الجنس الآخر . جانب إيجابيّ ممدوح وسط لجّة الانفتاح الحاليّة ؛ فأن يكون هنالك شباب يفكّرون بهذه الطريقة المحافظة ، فذلك مؤشّر إيجابيّ ".
غير أنّ الجانب السلبيّ من وجهة نظر منصور يكمن في "تشدّدّ البعض و تقديمه صورة متشنّجة في الخوف من الوقوع بالمحظورات ".
و يدعو منصور في هذا الصدد لانتهاج مبدأ "الوسطيّة و الاعتدال" ، حيث لابدّ من "عدم تخطّي الضوابط الشرعيّة التي تحتّم الجديّة في التعامل بين الرجل و المرأة الأغراب عن بعضهما ، كما التصرّف بثقة و من غير تنفير إن كان المتديّن يقبع في وسط محيط مختلط ".
و يضرب منصور مثالاً على هذا الاعتدال بالسيّدة عائشة التي كانت "تلقّن الصحابة أمور دينهم ، و لكن من غير تكسّر في القول و من وراء حجاب ، كما أنّ الرسول صلى الله عليه و سلّم قد نزل عن دابّته يوم فتح مكّة و افترش الأرض بعبائته و جلس مع صاحبة السيّدة خديجة رضي الله عنها وفاءً لها بعد وفاتها ".
ذات الأمر يشير إليه الدكتور خالص جلبي من منظور نفسيّ في كتابه (ما لا نعلّمه لأولادنا ) ، حيث يستشهد بقاعدة أرسطو في تعريف الفضيلة ، قائلاً : "الفضيلة وسط بين رذيلتين ، فالانفتاح دون ضوابط هو فحش و فسق ، فيما الانغلاق الكامل يؤدّي للكبت و الهلوسة الجنسيّة ".
و يتابع قائلاً : " الزمن متوقّف عند بعض المسلمين ؛ حيث يحرّمون قيادة المرأة للسيّارة ، فيما الفتية (يفحّطون) في السيارات محوّلين إيّاها ساحات حرب بضحايا على مدار الساعة . كما أنّ البعض الآخر قد جعل كلّ المرأة عورة حتى صوتها فيما هي في القرآن الكريم تحاور و تشكو وتجادل و ترفع صوتها و يسمع الله تحاورها مع زوجها ".
و يستشهد بمثال آخر عن التشنّج في النظرة للجنس الآخر في مجتمعاتنا ، حيث يقول : " قبل عقود وقف أدعياء التيّار الإسلاميّ في عالمنا العربيّ ضدّ تعليم المرأة بحجّة أنّه سيقودها للتحرّرّ و الفسوق ، و ما أن نجحت المرأة في التعليم و تقلّدت مناصباً رفيعة منافسة للرجل من غير حدوث نبوءتهم ، حتى انبرى نفس أولئك الأدعياء لمدح تعليم المرأة و الحثّ عليه و سوق الأدلّة القرآنيّة و النبويّة لدعم الظاهرة !! ".
منقول
و لعلّ من السهولة كذلك ملاحظة ربط هذا الرهاب بالفهم المغلوط للدين ، من غير النظر لتراث إسلاميّ كان رمزاً للعلاقة الراقية البنّاءة بين الجنسين ، من غير أدنى إسفاف أو ابتذال .
هل يعود السبب في ذلك لحالة الانحدار الفكريّ التي يعيشها العرب ، بما لم يترك لهم مجالاً إلاّ للتشبّث بقضايا جانبيّة كهذه ؟ أم هل يكمن السبب في حالة الانغلاق التي تفرضها البيئة العربيّة المحافظة ، و التي اصطدمت في السنوات الأخيرة بثورة الانفتاح الإعلاميّ و المجتمعيّ ؟ لماذا ينظر معظم الرجال العرب للفتاة الغريبة عنهم بإحدى نظرتين : إمّا على اعتبارها أخت ، أو على محمل آخر تماماً بغضّ النظر عن التسميات كزميلة أو صديقة ؟ هل تعدّ علاقة الزمالة البريئة الراقية من المستحيلات في الوطن العربيّ ؟ ألا يسبّبّ هذا الانغلاق المأزوم انحرافاً بمجرّد التحرّرّ من قيود الوطن العربيّ ، أو على الأقلّ عدم إفادة أيّ طرف من جوانب شخصيّة و نفسيّة الجنس الآخر ؟
محاولة للإجابة عن كلّ ذلك من منظور اجتماعيّ و شرعيّ و نفسيّ ..
نماذج من (الزمالة) العربيّة!
تحتار (غادة ،28عاماً) في تصرّف من كانت تعتبره " صديقاً لها " ، لتكتشف أنّه هو من "كان يرسل لها رسائل غراميّة على بريدها الإلكترونيّ لمدّة أشهر متواصلة ".
فقد كانت غادة تتحدّث مع هذا الصديق ب"براءة و حسن نيّة " ، ليأتي اليوم الذي "خذل فيه الحظّ هذا الصديق حيث استأذنته في استخدام كمبيوتره المتنقّل لأنّ كمبيوترها معطّل ، لتتفاجأ بأنّ البريد الذي يصلها كان محفوظاً على صفحة الإنترنت المستخدمة من قِبله ".
و تتابع غادة قائلة : " أصابني الوجوم من هذا التصرّف الذي بدر من شخص متزوّج و مثقّف و متعلّم " ، كما تشير لكلمات والدتها التي تبادرت لذهنها لحظتها من أنّ " نظرة الرجال لا يمكن أن تسمو عن هذا الحدّ بالنسبة لأيّ فتاة غريبة تسعى لبناء صداقة أو زمالة معهم " .
قد ختمت غادة تلك التجربة عبر "بريد أرسلته لذات العنوان ، موضّحة أنّها قد اكتشفت الحقيقية " ، لتكون ردّة فعل ذلك الرجل هي " الاختفاء شبه التامّ عن علاقة الزمالة المزعومة ".
من تجربة غادة ، لتجربة أخرى تسردها (أم أحمد ، 33عاماً) عن " المهندس الذي صمّمّ ديكور مكتبها المحاسبة " ، و الذي تفاجأت به " يرنّ عليها في ساعة متأخّرة من الليل لتجاذب أطراف الحديث " ، بعد أن أخذت بحسن نيّة "زياراته المتكرّرّة لمكتبها بعد أن انتهى عمله " ، فيما يبدو على حسب قول أم أحمد "أنّه اعتبر ذلك قبولاً لنوعيّة الصداقة التي يريدها هو ".
و تعتري أم أحمد "الدهشة" من تفكير هذا الرجل على الرغم من كونه هو من "علّق صوّر عائلتها على حائط المكتب من ضمن الديكور ، و يعلم كم هي متعلّقة بزوجها و أبنائها لكثرة حديثها عنهم ".
و تفسّر ذلك ب "العقليّة الذكوريّة الشرقيّة التي لا تلبث أن تنظر للمرأة من منظور العشق و الجسد ، حتى و إن تمّ ادّعاء غير ذلك ".
غير أنّه ليست النساء وحدهنّ فقط من يشتكين من "الفهم الخاطئ و المغلوط لمفهوم الزمالة و الصداقة " ، حيث أنّ (علي ،29عاماً) يؤكّد أنّ الكثير من زميلاته في العمل "يحاولن إيقاعه في حبّهنّ عبر تودّدّات كثيرة و (مسجات) على هاتفه الخلويّ ". فيما علي الذي لازال أعزباً ، ينوّه لكونه "لا يعيرهنّ اهتماماً من النوع الذي يتقن إليه ، لأنّ من طبعه الزهد فيمن يبادرن هنّ لبناء علاقة غرام معه ".
و يفسّر علي ذلك بعقليّة الإناث التي "تميل للتفكير برابطة الزواج قبل الحبّ ، فيما عقليّة الرجال تريد علاقة صداقة و من ثمّ قد تتطوّر هذه الصداقة لحبّ فزواج . في حين أنّ الأنثى تريد اختصار كلّ هذه المراحل ".
يعلّق على ذلك أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنيّة الدكتور عبد المهدي السودي ، قائلاً : " العلاقة بين الجنسين في مجتمعاتنا النامية هي أسيرة تجاذب بين طرفيّ نقيض ؛ حيث الأعراف و التقاليد التي لا تسمح بالاختلاط بل تجرّمه ، و بين الانفتاح الذي يلحّ على حتميّة الاختلاط في الجامعات و أماكن العمل و المناسبات الاجتماعيّة ".
و يضيف السودي قائلاً : "ثمّة صورة نمطيّة لا مناص للرجل الشرقيّ منها ، و هي أنّ الفتاة المحترمة المحافظة لا تختلط بالجنس الآخر ، لذا لا نتعجّب حين نرى الشابّ لا يقدم على خطبة فتاة لديها زمالات و صداقات كثيرة حتى و لو كانت بريئة ، بل إنّ أغلبيّة الشباب لا يعتبرون حتى الاختلاط المبرّرّ بريئاً ".
و يرى السودي أنّ "تغيير هذا العرف يستلزم عقوداً طويلة ، كما أنّه ليس بالسهولة التي يتصوّرها البعض..
المتديّنون و العلاقة بين الجنسين
(وسام ،23 عاماً) يتحدّث عن تجربته في إحدى المدارس الدينيّة السلفيّة ، حيث "الجوّ المشحون بطريقة رهيبة ضدّ الاختلاط ، ليس فقط من ناحيّة نظريّة تصرّ على تجريم الاختلاط بجميع أنواعه و بغضّ النظر عن الضرورة ، بل و كذلك في تظليل صور الفتيات في كتب اللغة الإنجليزيّة ".
و يتابع وسام : "لا أستطيع نسيان مناظر الطلاّب و هم يفردون الفسحة بين الحصص لمسح التظليل عن هذه الصور من خلال غمس قطنة في (الكولونيا) و مسح التظليل ، على الرغم من كونها صور عاديّة ! ".
فيما (نيفين ، 25 عاماً) تتحدّث عن زميلها المتديّن في العمل ، حيث "لا ينظر إلى زميلاته أبداً إن اضطرّ للحديث إليهنّ " ، عدا عن تحاشيه "تقديم خدمات الكمبيوتر لهنّ على الرغم من كون تلك مهنته ، و طلبه من زميله القيام بذلك ".
و تتساءل نيفين باستنكار عن "الحكم الشرعيّ الذي يستند إليه هذا الزميل في عدم جواز التعامل بل و حتّى النظر للفتيات اللواتي أمامه على الرغم من احتشامهنّ ، و هل سيقع المحظور إن نظر لوجوههنّ أو بادلهنّ
التحيّة؟! ".
يعلّق أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنيّة ، الدكتور محمد منصور على ذلك من منظور شرعيّ قائلاً : " ثمّة جانبين في ظاهرة تحفّظ الشباب في علاقتهم مع الجنس الآخر . جانب إيجابيّ ممدوح وسط لجّة الانفتاح الحاليّة ؛ فأن يكون هنالك شباب يفكّرون بهذه الطريقة المحافظة ، فذلك مؤشّر إيجابيّ ".
غير أنّ الجانب السلبيّ من وجهة نظر منصور يكمن في "تشدّدّ البعض و تقديمه صورة متشنّجة في الخوف من الوقوع بالمحظورات ".
و يدعو منصور في هذا الصدد لانتهاج مبدأ "الوسطيّة و الاعتدال" ، حيث لابدّ من "عدم تخطّي الضوابط الشرعيّة التي تحتّم الجديّة في التعامل بين الرجل و المرأة الأغراب عن بعضهما ، كما التصرّف بثقة و من غير تنفير إن كان المتديّن يقبع في وسط محيط مختلط ".
و يضرب منصور مثالاً على هذا الاعتدال بالسيّدة عائشة التي كانت "تلقّن الصحابة أمور دينهم ، و لكن من غير تكسّر في القول و من وراء حجاب ، كما أنّ الرسول صلى الله عليه و سلّم قد نزل عن دابّته يوم فتح مكّة و افترش الأرض بعبائته و جلس مع صاحبة السيّدة خديجة رضي الله عنها وفاءً لها بعد وفاتها ".
ذات الأمر يشير إليه الدكتور خالص جلبي من منظور نفسيّ في كتابه (ما لا نعلّمه لأولادنا ) ، حيث يستشهد بقاعدة أرسطو في تعريف الفضيلة ، قائلاً : "الفضيلة وسط بين رذيلتين ، فالانفتاح دون ضوابط هو فحش و فسق ، فيما الانغلاق الكامل يؤدّي للكبت و الهلوسة الجنسيّة ".
و يتابع قائلاً : " الزمن متوقّف عند بعض المسلمين ؛ حيث يحرّمون قيادة المرأة للسيّارة ، فيما الفتية (يفحّطون) في السيارات محوّلين إيّاها ساحات حرب بضحايا على مدار الساعة . كما أنّ البعض الآخر قد جعل كلّ المرأة عورة حتى صوتها فيما هي في القرآن الكريم تحاور و تشكو وتجادل و ترفع صوتها و يسمع الله تحاورها مع زوجها ".
و يستشهد بمثال آخر عن التشنّج في النظرة للجنس الآخر في مجتمعاتنا ، حيث يقول : " قبل عقود وقف أدعياء التيّار الإسلاميّ في عالمنا العربيّ ضدّ تعليم المرأة بحجّة أنّه سيقودها للتحرّرّ و الفسوق ، و ما أن نجحت المرأة في التعليم و تقلّدت مناصباً رفيعة منافسة للرجل من غير حدوث نبوءتهم ، حتى انبرى نفس أولئك الأدعياء لمدح تعليم المرأة و الحثّ عليه و سوق الأدلّة القرآنيّة و النبويّة لدعم الظاهرة !! ".
منقول