وداخل مكتب المقدم رئيس مباحث قسم النزهة كانت السيدة تروي تفاصيل ما حدث وهي لا تكاد تلتقط أنفاسها ومازال مشهد الرعب الذي تعرضت له يثير أعصابها وبعدما هدأ رئيس المباحث من روعها راحت تقص عليه كل ما حدث وتدلي بأوصاف الجناة.
علي الفور أبلغ اللواء إسماعيل الشاعر مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة ونائبه اللواء عبدالله الوتيدي بالواقعة اللذان قررا تشكيل فريق بحث لسرعة ضبط الجناة الثلاثة بعدما فوجئوا بقيام فتاة بدور لص يسرق بالإكراه.
أكدت تحريات المباحث أن مرتكبي الواقعة هم سحر عبداللطيف محمد* 24 سنة* وزوجها صلاح الدين سعفان* 26 سنة* ويعملان معا في محل كوافير حريمي بعين شمس، ومعهما محمد حسن* 27 سنة* موظف بشركة مصر للطيران.
وفي أحد الأكمنة التي أجعدت تم القاء القبض عليهم وبحوزة المتهم الأول جهاز الموبايل الخاص بالسيدة المبلغة قبل التصرف فيه بالبيع، وبإحالتهم إلي نيابة النزهة قرر رئيس النيابة حبسهم أربعة أيام علي ذمة التحقيق.
وداخل تخشيبة قسم شرطة النزهة التقينا ب'سحر' زعيمة العصابة بعدما رفض زوجها صلاح التحدث إلينا واكتفي بأن يدفن رأسه بين يديه ندما أو ربما هربا من عدسات الكاميرا، فمن تعوٌّد أن يعيش في الظلام لا يروقه الضوء لأنه غالبا يفضح أمره.
أما محمد الشريك الثالث لهما فكان يلتزم الصمت ويرد إجابات مقتضبة معلنا أنه كان مخطئا يوم صاحب ذلك الشيطان وزوجته أو تلك الشيطانة وزوجها فقد يكون المعني الثاني أقرب للصواب، ولم يقدم محمد لجريمته أي مبررات، كما يفعل باقي المتهمين فهو مدرك تماما أنه قد أخطأ وأن عليه أن يدفع الثمن مهما كان.
أما سحر المتهمة الأولي في تلك الجريمة فقد كانت تعلم أن هذه ستكون نهايتها مادامت قد اختارت هذا الطريق لتسير فيه، لم نجد صعوبة في حوارنا مع سحر فقد كانت الكلمات تنساب علي شفتيها وعيناها تفيض بالدموع فهي كما تقول للمرة الأولي تبكي منذ سنوات حتي ظنت أن قلبها قد مات، ودموعها قد تحجرت داخل عيناها، ثم عادت وبدأت في سرد قصيتها..
قالت: نشأت في أسرة فقيرة في حي عين شمس كل الشواهد كانت تنبئ بالضياع فالفقر أبدا لم يكن دافعا للانحراف وإنما التفكك الأسري والبيئة التي نشأت فيها هما ما دفعاني لما أنا فيه الآن، فلم أسمح يوما من يقول لي هذا خطأ وهذا صواب، شعرت أن كل من حولي يعيش لنفسه دون أن يلتفت لغيره فقررت أن أفعل مثلهم أعيش لنفسي دون أن ألتفت لأحد وكانت كل التيارات تدفعني دفعا للتخلص من هذه الحياة التي أعيشها فأنا فاشلة في كل شيء في تعليمي وعملي حتي حبي وزواجي فشلت فيهما، فقد أهملت تعليمي قبل أن أحصل علي الشهادة الابتدائية بعدها اتجهت للعمل في أحد محال الكوافير في المنطقة التي أعيش بها، وتعلمت هذه المهنة ورأيت فيها بداية لتحقيق أحلامي في أن أكون فتاة محترمة لها عمل بدخل مجز وكانت صاحبة المحل هي مثلي الأعلي، فهي أسطي شاطرة في عملها ولذلك يتهافت عليها السيدات ويحقق محلها دخلا يوميا كبيرا لكني لم أستطع الاستمرار معها في المحل لأنها كانت تنظر لي دائما علي أنني فتاة لعوب وأتعلم بسهولة وكم حاولت أن أغير وجهة نظرها عني لكني فشلت فقررت أن أعمل في محل آخر ارتدي فيه عباءة الأسطي بدلا من دور المساعدة الذي أصبح لصيقا بي وفي ذلك المحل تعرفت علي صلاح زوجي ونشأت بيننا قصة حب ملتهبة وكانت له نفس ظروفي فهو أيضا تربية شوارع أي لم يجد له أهل يوجهونه نحو الصواب والخطأ فقد كان دائم المشاكل مع صاحب العمل بسبب تعاطيه للمخدرات وإهماله في عمله وبعد أن فاحت رائحة العلاقة التي نشأت بينهما طلبت منه الزواج لتضع نهاية لأقوال الناس فقد كنت أشعر بكل رجل ينظر لي كأن نظرات غراء يلتصق بجسدي فقررت أن أكون في عصمة رجل يعصمني من ذلك وبعد الزواج صارت حياتنا أكثر سوءا وبدأ صلاح يعرف طريق الحرام في البداية كان يمد يده علي أموال المحل ولما علم صاحب المحل بذلك طردنا من العمل معه ووجدنا أنفسنا في الشارع لحظتها قررت أن أنتقم من هذا المجتمع وسألت نفسي لماذا أنا دون نساء الدنيا يكون هذا مصيري ووجدتني مدفوعة لأن أنتقم من كل شيء حولي ولكني وقعت في النهاية

وعن تفاصيل الجرائم التي ارتكبتها تكمل سحر قائلة : في البداية كانت فكرتنا أن نقوم بتخدير النساء وسرقة مصوغاتهن ولكننا وجدنا هذا العمل صعبا وجاء في طريقي محمد صديق صلاح الذي يمتلك سيارة فقررنا أن نقوم بخطف السلاسل الذهبية من النساء أو أن نستوقفهن لنسرق مصوغاتهن ثم نلوذ بالفرار وهذه الفكرة هي التي لاقت رواجا لدينا نحن الثلاثة وبالفعل قمنا بتنفيذها .

سألتها ألم تجدي صعوبة في حمل السلاح الأبيض وإشهاره في وجه النساء؟