الذهبية - للنـــــــســــاء فــقــط......الوجود " غير الجميل " أحيانا

فلنعترف بأنه بقدر ما نغبط لوجود الزوج في البيت ونطمئن لأنفاسه, التي تتضوع بها الحوائط والأرائك, ونسكن لصوته الذي يمتطي هواء الغرف, ورائحة دخان السجائر, العالقة ببيجامته, بقدر ما يزعجنا هذا الوجود أحيانا, ويثقل علينا كزوجات, نحب رجالاتنا الذين نستظل بأجنحتهم, ولكننا لا نحب أن تطوقنا هذه الأجنحه, في ما يشبه الحصار المادي والنفسي, بحيث نلتمس من داخلها "فرجة" للانسلال والإفلات, كنساء, نتشوق إلى عودة الزوج إلى البيت آخر النهار, لكننا قطعا نتشوق أكثر إلى خروجه من البيت.
جميل أن يكون الزوج معنا.. وجميل أكثر ألا يكون معنا......
جميل أن يقاسمنا الحياة الأسرية, فيأكل معنا, ويشرب معنا, وينام في "حضننا", ويجد وقتا للحديث ومشاهدة التلفاز معنا. وحتى حين يقرأ الصحية على الكنبة إياها, التي أدمنت ثقله وعاداته, فهوبشكل من الأشكال يكون معنا, وهو أمر ليبذر في النفس الثقة واتلطمأنينه..... على الأقل أنه هنا.... موجود أمام أعيننا" , نقول لأنفسنا الواثقة المطمئنة.
لكن جميل أيضا ألا يكون الزوج معنا دائما.... جميل أن يمتشق جناحيه وينطلق خارج البيت, ليعارك الحياة بعيدا عنا, ليتسنى لنا نحن, كزوجات, أن نمارس "خياناتنا" المشروعة والبريئه, بمنأى عن أحكامهم وتقديراتهم وتدخلاتهم, التي ليست في محلها. من هذه "الخيانات" النوم في الأوقات التي يجب ألا ننام فيها, وهم قيام. ذلك أنهم يتوقعون منا أن نكون في خدمتهم في أى ساعة من الليل أو النهار, ومشاهدة المسلسلات العربية بكل راحة وبحبوحة, بعيدات عن تعليقاتهم وانتقاداتهم, التي يتبرعون بها, دون أن نطلبها منهم, ( على إعتبار أنهم, كرجال, يفهمون أكثر منا بالضرورة), وقضاء ما يطيب لنا من الوقت, في النميمة "النسائية", التي لا غنى عنها, على الهاتف, متجنبات مداخلاتهم ومقاطعاتهم, و"تنظيراتهم" الأخلاقية, التي يقصدون من ورائها التشويش علينا, وحرماننا من متعة التقول على الناس, والعبث بجزء من مصروف البيت, بعيدا عن إشرافهم ورقابتهم ومحاسبتهم المباشرة, فنتسوق خارج أوقات التسوق, ونشتري ما يلزم, وما لا يلزم, وما إلى ذلك من "خيانات" مشروعة, تجيزها لنا الحياة, بوصها من مقتضيات الزواج وتوابعه, التي تأتي نع العشرة وتمتخض عنها.
أذكر هنا أمي, يوم شكتن لي من وجود أبي ثقيل الوطأة عليها في البيت, بعد تقاعده الإلزامي من العمل. قالت لي إنها بالكاد تطيق وجوده في البيت أيام العطلات والأجازات الأسبوعية, فكيف الآن بعد أن التصق قفاه بالكنبة؟
وهكذا حين يجيئني زوجي طالبا "الإذن" بالخروج مع رفاقه, أو السهر وحده خارج البيت, أجيبه على طلبه فورا, وإن ادعيت أمامه: "كنت أود أن تظل قربي طوال اليوم يا حياتي!".
فليحرمني من وجوده قليلا... لا بأس... لأشتاق إلى وجوده أكثر...