الموضوع: فن السرور
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-05-2005, 03:00 AM
الصورة الرمزية العرب أهلي
العرب أهلي العرب أهلي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 1,457
افتراضي فن السرور



فن السرور

من كتاب لا تحزن للدكتور عائض القرني

من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوءه ، فإن في سروره ثبات
الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس ، وقالوا. إن السرور فن يدرس ، فمن
عرف كيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار
العيش ، والنعم التي من بين يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور
قوة الاحتمال ، فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج
للتوافه. وبحسب قوة القلب وصفائه ، تشرق النفس.

إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس ، رواحل للهموم والغموم
والأحزان ، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات ، وخفت عليه
الأزمات.

إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأهون ما تمر به الوحول

ومن أعداء السرور ضيق الأفق ، وضحالة النظرة ، والاهتمام بالنفس فحسب ،
ونسيان العالم وما فيه ، والله قد وصف أعداءه بأنهم ( أهمتهم أنفسهم ) ،
فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في داخلهم ، فلا يفكرون في غيرهم ، ولا
يعيشون لسواهم ، ولا يهتمون للآخرين. إن على وعليك أن نتشاغل عن أنفسنا
أحيانا ، ونبتعد عن ذواتنا أزمانا لننسى جراحنا وغمومنا وأحزاننا ،
فنكسب أمرين : إسعاد أنفسنا ، وإسعاد الآخرين.

من الأصول في فن السرور : أن تلجم تفكيرك وتعصمه ، فلا يتفلت ولا يهرب
ولا يطيش ، فإنك إن تركت تفكيرك وشأنه جمح وطفح ، وأعاد عليك ملف
الأحزان وقرأ عليك كتاب المآسي منذ ولدتك أمك. إن التفكير إذا شرد أعاد
لك الماضي الجريح والمستقبل المخيف ، فزلزل أركانك وهز كيانك وأحرق
مشاعرك ، فاخطمه بخطام التوجه الجاد المركز على العمل المثمر المفيد ، {
وتوكل على الحى الذي لا يموت } .

ومن الأصول أيضا في دراسة السرور : أن تعطي الحياة قيمتها ، وأن تنزلها
منزلتها ، فهي لهو ، ولا تستحق منك إلا الإعراض والصدود ، لأنها أم الهجر
ومرضعة الفجائع ، وجالبة الكوارث ، فمن هذه صفتها كيف يهتم بها ، ويحزن
على ما فات منها. صفوها كدر ، وبرقها خلب ، ومواعيدها سراب بقيعة ،
مولودها مفقود ، وسيدها محسود ، ومنعمها مهدد ، وعاشقها مقتول بسيف
غدرها.

أبني أبينا نحن أهل منازل *** أبدا غراب البين فيها ينعق

نبكي على الدنيا وما من معشر *** جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا

أين الجبابرة الأكاسرة الألى *** كنزوا الكنوز فلا بقين ولا بقوا

من كل من ضاق الفضاء بعيشه *** حتى ثوى فحواه لحد ضيق

خرس إذا نودوا كأن لم يعلموا *** أن الكلام لهم حلال مطلق

وفي الحديث : ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) وفي فن الآداب :
وإنما السرور باصطناعه واجتلاب بسمته ، واقتناص أسبابه ، وتكلف بوادره ،
حتى يكون طبعا.

إن الحياة الدنيا لا تستحق منا إعادتها العبوس والتذمر والتبرم.

حكم المنية في البرية جاري *** ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا ترى الإنسان فيها مخبرا *** ألفيتة خبرا من الأخبار

طبعت على كدر، وأنت تريدها *** صفوا من الأقذار والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

وإذا رجوت المستحيل فإنما *** تبني الرجاء على شفير هاو

والعيش نوم والمنية يقظة *** والمرء بينهما خيال ساري

فاقضوا مآربكم عجالا إنما *** أعماركم سفر من الأسفار

وتركضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد فإنهن عوار

ليس الزمان وإن حرصت مسالما *** طبع الزمان عداوة الأحرار

والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن تنزع من حياتك كل آثار
الحزن ، لأن الحياة خلقت هكذا { لقد خلقنا الإنسان في كبد }

_( وَذَكِّرْ فَإنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ* وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ)___

:: للفائدة
__________________

توكلنا على الله

رد مع اقتباس