عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-04-2005, 03:00 AM
كل الحب كل الحب غير متواجد حالياً
حبرا كان هنا و مضى
 
تاريخ التسجيل: Sep 2004
المشاركات: 1,790
افتراضي فتاة تموت وهي تستعرض جسمها في البال توك

واقعةٌ وفتاة في العشرين من عمرها


وذلكَ أنَّ تلكَ الفتاةَ قد أخذتْ أُهبتها وازّينتْ ، وقامتْ


تتهادى وتخطِرُ أمامَ شاشةِ الحاسبِ الخاصِّ بها ، وتعرضُ ما دقَّ وجلَّ من
تفاصيلِ جسمها ، مُقابلَ مبلغٍ زهيدٍ من المالِ ، على حثالةٍ من الذئبانِ


البشريةِ وسقطةِ الخلقِ ، والتي لا تعرفُ معروفاً ولا تنكرُ منكراً ، وتعيشُ


على هامشِ الوجودِ ، في أحدِ مواخيرِ البال توك العفنةِ .




وفجأةً في لحظةٍ عابرةٍ وغفلةٍ مُباغتةٍ وأمامَ مرأى الجميعِ وتحتَ بصرهم
، سقطتْ تلك الفتاةُ مُمدّدةً على الأرضِ ، ووقعتِ الواقعةُ ، وابتدأتْ قصّةُ


النهايةِ ! .




لقد جاءها ملكُ الموتِ الذي وُكّلَ بها وهي تستعرضُ بمفاتِنها وتُبدي


عورتَها ، وقد سكرتْ بخمرِ الشيطانِ ، ولم تستيقظْ إلا وهي في عسكرِ الموتى .



إنّها الآنَ ميّتةٌ بلا حولٍ ولا قوّةٍ .



لقد ماتتْ وكفى ! .



أصبحتْ جُثّةً هامدةً ، سكنَ منها كلُّ شيءٍ إلا الروحَ ، فقد علتْ وعرجتْ


إلى اللهِ تعالى ، ولا ندري ماذا كانَ جزاءها هناكَ .





إنّها لحظةُ الوداعِ المُرعبةِ .



لم تُلقِ نظراتِ الوداعِ على أبيها وأمّها ، طمعاً في دعوةٍ منهم نظيرَ برّها


بهم ، ولم تلقِ نظرةَ الوداعِ على ورقةٍ من المصحفِ الشريفِ ، ولم تكنْ


لحظةَ وداعها ذكراً أو دعوةً أو خيراً ، بل ليتها كانتْ لحظةً من لحظاتِ الدنيا
العابرةِ ، تموتُ كما يموتُ عامّةُ الخلقِ وأكثرُ البشرِ .




ليتها ماتتْ دهساً أو غرقاً أو حرقاً أو في هدمٍ .



ليتها كانتْ كذلكَ ، إذاً هانَ الأمرُ وسهل الخطبُ .



ولكنّها كانتْ ميتةً في لحظةِ إثمٍ ومعصيةٍ ، وليتها كانتْ معصيةً مقصورةً


عليها وقد أرختْ على نفسها سترَ البيتِ ، وأسدلتْ حِجابَ الخلوةِ ،


وانكفأتْ على ذاتِها ، وإنّما كانتْ على الملأ تُغوي وتُطربُ ، وقد سكرتِ


الأنفسُ برؤيةِ محاسنِها ، وأذيعتْ خفيّاتُ الشهوةِ وأوقدَ لهيبُها .




ثُمَّ ماذا يا حسرة ! .



ماتتْ .



نعم ، ماتتْ .



لقد ولدتْ وربيتْ وعاشتْ لتموتَ .



سقطتْ وهي عاريةٌ ، وبعد لحظاتٍ يسيرةٍ صارتْ جيفةً قذرةً لا يُساكُنها


من المخلوقاتِ شيءٌ ، والعظامُ قد نخِرتْ والجلدُ عدا عليهِ الدودُ ، وأمّا


الروحُ فهي في يدِ ملائكةٍ غِلاظٍ شدادٍ ، لا يعصونَ اللهَ ما أمرهم ويفعلونَ


ما يؤمرونَ .




لقد ماتتْ ! .


ما أقوى أثرَ هذه الكلمةِ في النفوسِ ، واللهِ إنّها لتحرّكُ منها ما لا يُحرّكهُ


أقوى المشاهدِ إثارةً وتهييجاً

__________________



مع تمنياتي لكم



كل الحب

[/CENTER]
رد مع اقتباس