قمة الكويت تتبنى خطاب خادم الحرمين لتحقيق المصالحة العربية والفلسطينية
محمد السلامة ومحمد البيشي من الكويت
تبنت القمة العربية في الكويت خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي ألقاه في افتتاح القمة أمس الأول، ليكون بمثابة آلية لتحقيق مصالحة بين الفلسطينيين أنفسهم وبين الدول العربية بشكل عام. والمعلوم أن الملك أعلن في خطابه التاريخي عن مبادرة للمصالحة مع جميع الدول العربية دون أي استثناء أو تحفظ.
ولقي خطاب خادم الحرمين الشريفين، ترحيبا واسعا، ليس على الصعيد العربي فحسب، بل على المستويين الإقليمي والدولي، استنادا إلى أن الملك أسس في كلمته لمصالحة عربية تقوم على المصارحة وتطوي صفحة الماضي. وأفردت الصحف العربية مساحات واسعة في أعدادها الصادرة أمس لخطاب خادم الحرمين، معتبرة أنه نجح في إحداث أثر مباشر في العلاقات العربية – العربية وحسم الخلافات في الوقت المناسب، فضلا عن رسم مسار واضح لمعالجة الصراع العربي - الإسرائيلي.
ووصل خادم الحرمين الشريفين إلى الرياض بعد عصر أمس قادما من الكويت، وكان في استقباله لدى وصوله مطار قاعدة الرياض الجوية: الأمير مشعل بن عبد العزيز رئيس هيئة البيعة، الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. بعد ذلك توجه الملك إلى صالة التشريفات في المطار، حيث قوبل بترحاب بالغ وتصفيق حار من مستقبليه.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
حاز خطاب خادم الحرمين الشريفين في الجلسة الافتتاحية لقمة الكويت الاقتصادية والتنموية والاجتماعية أمس الأول مساحات واسعة من التغطية في الصحف العربية الصادرة أمس، وذلك بعد أن أحدث أثرا مباشرا في العلاقات العربية - العربية وعلى مسار الصراع العربي الإسرائيلي.
كما نشر الخطاب حالة من التفاؤل بمزيد من التقارب العربي على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين أوساط المراقبين والإعلاميين المشاركين في قمة الكويت، مؤكدين أن الاختصار الدقيق في كلمة الملك عمل على فتح النقاش في القمة على أمور أوسع وأهم من التجاذبات التي كان من المتوقع أن تستأثر بمسار القمة.
وهنا قال لـ "الاقتصادية" عبد المجيد الشربال مدير عام صحيفة المجاهد الجزائرية إن كلمة الملك عبد الله في القمة تكاد تكون العلامة الفارقة في جلسة افتتاح القمة لما أحدثته من تأثير سريع في مسار العلاقات بين الدول العربية، موضحا أن الكلمة كانت ناضجة ومتزنة ومتسامحة تجاه الداخل وواضحة وحازمة مع الخارج وخصوصا مع المجتمع الدولي وإسرائيل.
في المقابل وظفت صحيفة "البيان" الكويتية في خبرها الرئيسي خطاب الملك في التدليل على نجاح القمة في رأب الصراع العربي وإحداث مصالحة مباشرة بين القادة.

الملك عبد الله
وقالت"شهدت القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت في الكويت أمس تطوراً مفاجئاً تمثل في طي صفحة الخلافات والانقسام، وبدء صفحة جديدة بشر بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وهو ما توج بقمة مصالحة مصغرة بين كل من السعودية وسورية، ومصر وقطر، فيما أعلن العاهل السعودي تبرعه بمليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة، ولوح بسحب مبادرة السلام العربية قائلاً: إنها "لن تظل طويلا على الطاولة".
وأضافت الصحيفة "توجه الملك عبد الله بن عبد العزيز للقادة العرب الذين حضروا قمة الكويت أمس بالقول: "أناشدكم بالله - جل جلاله - ثم باسم الشهداء من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة، باسم الدم المسفوح ظلما وعدوانا على أرضنا في فلسطين المحتلة الغالية، باسم الكرامة والإباء، باسم شعوبنا التي تمكن منها اليأس، أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا وأن نسمو على خلافاتنا وأن نهزم ظنون أعدائنا بنا، ونقف موقفا مشرفا يذكرنا به التاريخ وتفخر به أمتنا".
وتابعت "البيان": أعلن الملك عبد الله بعد ذلك بدء صفحة جديدة في العلاقات العربية ـ العربية بتأكيده "تجاوز مرحلة الخلاف"، وفتح "باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب".
ثم ذكرت صحيفة "البيان" أن كلمة العاهل السعودي فتحت الباب أمام مصالحة سعودية - سورية، ومصالحة مصرية - قطرية، وذلك خلال قمة مصغرة عقدت في مقر إقامة العاهل السعودي في الكويت، ضمت كلا من الرئيسين المصري حسني مبارك، والسوري بشار الأسد، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني".
من جانبها قالت صحيفة "الأهرام" المصرية في خبر مستقل تحت عنوان" خادم الحرمين: الخلافات الفلسطينية أخطر من العدوان الإسرائيلي"، إن كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز التي ألقاها أمام القمة الاقتصادية العربية في الكويت أمس، عبّر فيها عن أمله وشعوب الأمة العربية في أن تخرج هذه القمة بنتائج واضحة تبشر بمستقبل من الأمن والرخاء للمواطن العربي والمسلم في كل مكان.
وقالت "حيّا العاهل السعودي شهداء غزة وأبطالها وصمودها وكل من بذل جهوده وفكره لوقف النزيف في قطاع غزة خاصة الرئيس حسني مبارك في هذا الصدد مضيفا أن الأمانة تقتضي القول للأشقاء الفلسطينيين إن فرقتهم أخطر من العدوان الإسرائيلي, رابطا النصر بالوحدة والهزيمة بالخلاف".
وأضافت "الأهرام": قال الملك عبد الله إن قادة الأمة العربية مسؤولون جميعا عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا وعن الضعف الذي هدد تضامننا، داعيا جميع القادة العرب إلى السمو على الخلافات والوقوف موقفا مشرفا تفتخر به الأمة العربية".
من ناحيتها حيّت صحيفة "الغد" الأردنية استباق خادم الحرمين الشريفين أي مصالحة عربية بإعلانه تجاوز كل الخلافات وقالت: إن هذه الكلمة أعادت الوفاق العربي إلى مساره الطبيعي قبل أن يتفاقم وتمثل ذلك في قوله "اسمحوا لي أن أعلن باسمنا جميعا أننا تجاوزنا مرحلة الخلاف وفتحنا باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب دون استثناء أو تحفظ وإننا سنواجه المستقبل ـ بإذن الله ـ نابذين خلافاتنا صفاً واحداً كالبنيان المرصوص مستشهدين بقوله تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
في المقابل نقلت صحيفة "الوطن" القطرية عن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر قوله في تصريح خاص: "لمس خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية (قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة)، الجرح العربي وكان واضحا وحاسما".
وأوضح وزير خارجية قطر أن هذا الخطاب مهّد للمصالحة التي قادها خادم الحرمين الشريفين وأخوه الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وحضرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس المصري محمد حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد.
وعما إذا كانت هناك أسس واضحة لهذه المصالحة أعرب الشيخ حمد بن جاسم في الخبر عن اعتقاده بأن "هناك نية صادقة لدى هؤلاء القادة أن تكون هناك بالفعل مصالحة واضحة من القلب للقلب" وقال "أعتقد أننا خرجنا بصفحة جديدة تفيد الموقف العربي وتقويه، وهذا نتيجة لخطاب خادم الحرمين الشريفين الذي حفز فعلا هؤلاء القادة على التوصل إلى نتيجة طيبة".
وفي هذا الإطار أيضا أفردت صحيفة "الأيام" البحرينية تقريرين منفصلين، أحدهما لكلمة الملك عبد الله في قمة الكويت، ركزت فيه على ما تناوله خادم الحرمين بخصوص الصراع العربي - الإسرائيلي، وهنا قالت "دعا العاهل السعودي إلى تجاوز الخلافات السياسية العربية، مؤكدا أن مبادرة السلام العربية لن تبقى قائمة إلى ما لا نهاية".
ونقلت عن الملك قوله "إن خلافاتنا السياسية أدت إلى فرقتنا وانقسامنا وشتات أمرنا وكانت هذه الخلافات ولا تزال عونا للعدو الإسرائيلي الغادر ولكل من يريد شق الصف العربي لتحقيق أهدافه الإقليمية على حساب وحدتنا". كما قال إن "مبادرة السلام العربية المطروحة على الطاولة اليوم لن تبقى على الطاولة إلى الأبد".
فيما التقرير الآخر، تناول وبالصور المصالحة التي تمت بين عدد من القادة العرب والتي حدثت في مقر إقامة خادم الحرمين الشريفين.