العنوان
ها انا ادخل هذا الموضوع بعد ٢٠ سنة ها أنا أعود بعد غياب طويل، كالغريب الذي يرجع إلى وطنه بعد سنينَ من الترحال، فأجد الديار التي عشقتها قد تحولت إلى أطلالٍ صامتة، تهمس بذكرياتٍ كانت يوماً حيةً نابضةً بالحياة. عشرون عاماً... كم حملت من تغييرٍ وتفاوتٍ بين الأمس واليوم!
أتذكر تلك الأيام الجميلة عندما كان هذا المكان يعجُّ بالحركة، كخلية نحلٍ لا تهدأ. كانت الكلمات تتدفق كالنهر الجاري، والحوارات تشتعل كالنجوم في الليل. كل عضوٍ كان جزءاً من هذه العائلة، يشارك بأفكاره، يضحك، يجادل، وأحياناً يختلف، لكن القلب كان واحداً. كنا نكتب ونتناقش وكأننا نجلس في مجلسٍ واحد، نتبادل الآراء والأحلام، بل وحتى الخفايا والأماني.
لكن الزمن لا يرحم... هاهي الصفحات التي كانت تعبق بعطر المشاركات، أصبحت خاويةً إلا من صدى أصواتٍ رحلت. الأسماء التي كانت تضيء الشاشة كالنجوم، صارت ذكرياتٍ مبعثرةً في زوايا الذاكرة. أقرأ بعض المشاركات القديمة، فأسمع ضحكاتٍ كانت تملأ المكان، وأرى سطوراً كتبت بحبٍ وصدق، وكأن الزمن توقف عندها، رافضاً أن يمحوها.
أين أصبحوا أولئك الأعضاء؟ أين ذهبت تلك الوجوه التي كانت تظهر كل يومٍ بكلمةٍ جديدة أو فكرةٍ مختلفة؟ هل تفرقوا في دروب الحياة؟ هل غادروا إلى عالمٍ آخر؟ أم أنهم ما زالوا هنا، لكن بصمتٍ يحملون ذكرياتهم كما أحمل أنا ذكرياتي؟
أجلس أمام الشاشة وأنا أتأمل هذا الصمت... وكأن المكان يخبرني: "لقد رحلوا، لكن بصماتهم باقية". نعم، لقد تركوا وراءهم إرثاً من الكلمات والمشاعر، وإذا كنتُ اليوم الوحيد الذي ما زال يتذكر، فليكن وجودي هنا تحيةً لهم، وشهادةً على أن تلك الأيام الجميلة كانت حقيقية.
ربما يأتي يومٌ يعود فيه البعض، أو يظهر جيلٌ جديد ليعيد الروح إلى هذه الأطلال. لكن حتى ذلك الحين، سأظل أحمل هذه الذكريات ككنزٍ ثمين، لأنها كانت—ولا تزال—من أجمل أيام حياتي.
|