يعتبر المسحراتي من أهم الشخصيات الرمضانية التراثية التي يشتاق إلى عودتها الجميع حيث كان يدور في الحي الذي أعتاد أن يؤدي هذه المهمة في شهر رمضان بدون أي مقابل يفرض له سوى ما تجود به الأسر إن أرادت ذلك حاملا طبلة يقرع عليها بالعصا ومجلجلا بصوته الجهوري : اصحى يا صائم وحد الحي الدائم ويبدأ جولته الجميلة بين شوارع الحي بعد منتصف الليل حتى قبيل أذان الفجر منبها الأسر إلى موعد تناول وجبة السحور .
وهذه الشخصية الرمضانية قد يكون أغلب جيلنا لم يشاهدها عن قرب بل هي ماضي عاصره أباءنا واجدادنا رحمهم الله جميعا ، وقد ذكر لي والدي رحمه الله أن لكل حي من أحياء جدة الأربعة داخل السور وهي : اليمن والمظلوم والشام والبحر تقريبا مسحر خاص بها أتذكر منهم في الوقت الراهن يحي حلنقي رحمه الله.
تاريخ ظهور المسحراتي :
يعود تاريخ ظهور المسحراتي إلى عصر الدولة العباسية، و خصوصا في عهد الخليفة المنتصر بالله حيث يذكر المؤرخون ان المسحراتي ظهر إلى الوجود عندما لاحظ والي مصر ( عتبة بن اسحاق) ان الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة في ذلك الوقت فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف شوارع القاهرة ليلاً في شهر رمضان لايقاظ اهلها وقت السحر وكان ذلك عام 238 هـجري ، حيث كان يطوف على قدميه سيراً من مدينة العسكر إلى مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط منادياً الناس: ( عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة).
وفي عصر الدولة الفاطمية اصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي امراً لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الابواب بهدف ايقاظ النائمين للسحور ومع مرور الوقت تم تخصيص رجل للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي ( يا أهل الله قوموا تسحروا) ويدق على ابواب المنازل بعصا كان يحملها في يده ثم بعد ذلك بزمن ابتكرت الطبلة في مصر ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلاً من استخدام العصا وهذه الطبلة كانت تسمى ( بازة) وهي صغيرة ا لحجم يدق عليها المسحراتي دقات منتظمة ثم تطورت فاستعان المسحراتي بالطبلة الكبيرة التي يدق عليها اثناء تجوله بالاحياء وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة.
ومنذ ذلك التاريخ أنتشرت مهنة المسحراتي في مختلف البلاد العربية والإسلامية حتى تلاشت في وقتنا الحاضر.
ولا ننسى المثل الذي يقال للشخص الذي يكلف بأداء مهمة بعد أنتهائها من أهميتها ودورها " قال له خلوك مسحراتي قال لهم خلص رمضان ".
ولكم تحياتي: العرب أهلي