كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحه جديدة في حياته ، ولكنه يقرن هذه البدايه المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة ، كتحسُن في حالته ، أو تحوُل في مكانته.
وقد يقرنها بموسم معين ، أو مناسبة خاصة كعيد ميلاد ، أو غرًة عام مثلاً
وهو في هذا التسويف يشعر بأن رافداً من روافد القوة المرموقة قد يجيء مع هذا الموعد ، فينشطه بعد خمول ويُمَنِيه بعد إياس .
وهذا وهم . فإن تجدٌد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس . والرجل المقبل على الدنيا بعزيمه وبصر لا تخضعه الظروف المحيطه به مهما ساءت ، ولا تصرُفه وفق هواها . إنه هو الذي يستفيد منها ، ويحتفظ بخصائصه أمامها ، كبذور الأزهار التي تطمر تحت أكوام السَبخ ، ثم هي تشقُ الطريق إلى أعلى مستقبلة الشمس برائحتها المنعشة !! لقد حولت الحماْ السنون والماء الكدر إلى لون بهيج وعطر فوُاح ... كذلك الإنسان إذا ملك نفسه وملك وقته ، واحتفظ بحرية الحركة لقاء ما يواجه من شئون كريهة ، إنه يقدر على فِعل الكثير دون انتظار أمداد خارجية تساعده على ما يريد .
إنه بقُواه الكامنة ، وملكاته المدفونة فيه ، والفرص المحدودة ، أو التافهة المتاحة له يستطيع أن يبني حياته من جديد .