بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إشتكت إبنة لأبيها مصاعب الحياة ، وقالت إنها لا تعرف ماذا تفعل
لمواجهتها ، وإنها تود الإستسلام ، فهي تعبت من القتال والمكابدة .
ذلك إنه ما أن تحل مشكلة تظهر مشكلة أخرى.
إصطحبها أبوها إلى المطبخ وكان يعمل طباخا . ملأ ثلاثة أوان بالماء
ووضعها على نار حامية . سرعان ما أخذت الماء تغلي في الأواني الثلاثة.
وضع الأب في الإناء الأول جزرا وفي الثاني بيضة ووضع بعض البن في
الإناء الثالث ، وأخذ ينتظر أن تنضج وهو صامت تماما.
نفذ صبر الفتاة ، وهي حائرة لا تدري ماذا يريد أبوها . إنتظر الأب بضع
دقائق ،
ثم أطفأ النار ، ثم أخذ الجزر ووضعه في وعاء ، وأخذ البيضة ووضعه في
وعاء ثان ، وأخذ البن المغلي ووضعه في وعاء ثالث.
ثم نظر إلى ابنته وقال : يا عزيزتي ، ماذا ترين؟
- جزر وبيضة وبن. أجابت الإبنة.
ولكنه طلب منها أن تتحسس الجزر ، فلاحظت أنه صار ناضجا وطريا ورخوا. ثم
طلب منها أن تنزع قشرة البيضة.. فلاحظت أن البيضة باتت صلبة ،
ثم طلب منها أن ترشف بعض القهوة ،
فابتسمت الفتاة عندما ذاقت نكهة القهوة الغنية.
سألت الفتاة : ولكن ماذا يعني هذا يا أبي؟
فقال : إعلمي يا ابنتي أن كلا من الجزر والبيضة والبن واجه االخصم نفسه
،
وهو المياه المغلية ، لكن كلا منها تفاعل معه على نحو مختلف.
لقد كان الجزر قويا وصلبا ولكنه ما لبث أن تراخى وضعف ، بعد تعرضه
للمياه المغلية.
أما البيضة فقد كانت قشرتها الخارجية تحمي سائلها الداخلي ،
لكن هذا الداخل ما لبث أن تصلب عند تعرضه للمياه المغلية.
أما البن المطحون فقد كان رد فعله فريدا ، إذ أنه تمكن من تغيير الماء
نفسها.
وماذا عنك ؟
هل أنت الجزرة التي تبدو صلبة ، ولكنها عندما تتعرض للألم والصعوبات
تصبح رخوة طرية وتفقد قوتها؟
أم أنك البيضة ، ذات القلب الرخو ، ولكنه إذا ما واجه المشاكل يصبح
قويا وصلبا ؟
قد تبدو قشرتك لا تزال كما هي ، ولكنك تغيرت من الداخل ،
فبات قلبك قاسيا ومفعما بالمرارة!
أم أنك مثل البن المطحون ، الذي يغير الماء الساخنة ، وهو مصدر للألم
..
بحيث يجعله ذا طعم أفضل ؟!
فإذا كنت مثل البن المطحون ، فإنك تجعلين الأشياء من حولك أفضل إذا ما
بلغ الوضع من حولك الحالة القصوى من السوء .
فكري يا ابنتي كيف تتعاملين مع المصاعب...
هل أنت جزره أم بيضة أم حبة بن مطحونة ؟
::