وفاة الفنان عبد الله محمود | 
|
توفي الليلة الماضية في مستشفى معهد ناصر الفنان عبد الله محمود احد نجوم الثمانينات في السينما المصرية بعد صراع طويل مع مرض السرطان..
والفنان الراحل من مواليد 1956 اصيب بالمرض قبل عامين خلال عمله في فيلم "واحد كابتشينو" الذي قام بانتاجه وببطولته الى جانب الفنان حسن حسني والفنانة نشوى مصطفى ومن اخراج سميح منسي وبسبب هذه الاصابة لم يعرض الفيلم جماهيريا حتى الان.
وكان بدأ عمله الفني طفلا في التلفزيون مع زميليه احمد سلامة والفنان المعتزل محسن محي الدين .
ونقله مسلسل "عصفور النار" لمحمد فاضل الذي قام فيه عبد الله بدور الحسيني الذي يعبر عن تيار الوعي واستطاع ان يقدم الشخصية بشكل اثرت خلال عرضه في الثمانينات على وجدان المشاهدين واستطاع ان يقف امام عملاق التمثيل في مصر
محمود مرسي وفردوس عبد الحميد بكفاءة تجاوزت المتوقع منه في حينها.
وكانت بدايته شابا في التلفزيون مسلسل "البوسطجي" ليحيى حقي في عام 1974 ومن اعماله في التلفزيون ايضا "ابواب المدينة" و"الابرياء" و"سالمة" و"مكان في الارض" و"لاشيء يهم" و"كعب داير" و"الفراشات تحترق دائما" و"الوقت" و"ورجل طموح" و"الحقيقة دائما" و"الفرسان" و"الابطال" و"سيف الدولة
الحمداني".
وقدم في التلفزيون ايضا الفيلم التلفزيوني "طالع النخل" لمحمد فاضل مع فردوس عبد الحميد وصلاح السعدني وهو الفيلم الذي يعتبره الفنان الراحل الاقرب الى قلبه واعتبره النقاد بداية انطلاقته الحقيقية ليصبح احد ابرز ابناء جيله في السينما وذلك عندما طلب
منه صديقه محسن محيي الدين مشاركته في اول افلام السيرة الذاتية ليوسف شاهين "اسكندرية ليه" الذي عمل معه ايضا في افلام "حدوتة مصرية" و"المصير".
وقام بادوار في عدد من الافلام التي اعتبرت علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية وبينها افلام اختيرت من بين اهم مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية بينها فيلم "الطوق والاسورة" لخيري بشارة وبطولة شيريهان و "سواق الاتوبيس" و"المواطن مصري".
ومن الافلام الهامة التي شارك في بطولتها فيلم "عرق البلح" و"عفاريت الاسفلت" و"الحريف" و"الاوغاد" و"الامبرطور" و"شمس الزناتي". والراحل متزوج منذ عام
 |
عبد الله محمود وابنه أحمد |
1981 من خريجة المعهد المسرحي حنان البنبي وله منها ولدان.
وكانت الحالة الصحية للممثل المصري عبد الله محمود الذي كان يخضع للعلاج من سرطان بالمخ منذ شهور بمستشفى معهد ناصر بالقاهرة، قد ساءت بشكل كبيرحيث دخل في غيبوبة مستمرة يفيق منها للحظات يقرأ فيها آيات من القرآن خصوصا سورة
الفاتحة ثم يعود للغياب من جديد وقد أوقف الأطباء الجرعات الكيماوية واكتفوا بالمسكنات بعدما قرروا خروجه من غرفة العناية المركزة وبقاءه في غرفته .
وك
انت حالة عبد الله الصحية قد منعته من السفر للخارج لتلقي العلاج وبدا في أول الأمر أن الحالة أفضل عندما ظهر إعلاميا بشكل مكثف وشارك في عرض خاص لفيلمه الذي لم ير النور بعده "واحد كابتشينو" قبل أن يشارك في تشييع الفنان أحمد
زكي وحتى عندما دخل الفنان سعيد صالح نفس المستشفى قبل أسبوعين حرص على زيارته، لكن تدهورت الأمور سريعا بعد ذلك
ويبدو أن سيناريو رحيل احمد زكي يتكرر عندما بدأ زكي تصوير فيلم "حليم" وسط أجواء حماسية تتمنى سرعة الشفاء إلا أن قضاء الله كان قد نفذ، والمعروف أن زكي خصص جزءاً من مصاريف علاجه لعبد الله الذي ارتبط معه بعلاقة حميمية حيث
شاركه بطولة أكثر من فيلم أبرزها "الإمبراطور" حيث قام بدور شقيقه الأصغر .
وقد أجري معه هذا الحوار قبل وفاته
بداية .. نود أن تحدثنا عن بداياتك في عالم التمثيل؟
جاء الأمر بمحض الصدفة عن طريق صديقي وزميل دراستي "محسن محي الدين" الذي كان قد بدأ في شق طريقه في عالم التمثيل وكنت أذهب معه أثناء التصوير
فأحببت هذا المجال وعرضت على والدتي الفكرة فشجعتني بشدة على خوض التجربة
فعملت في برامج الأطفال بالتليفزيون مع المخرجة "إنعام الجريتلي" ، بعدها قدمت
أول عمل درامي تليفزيوني عن قصة "البوسطجي" ليحيى حقي ، ثم قدمت بعده أول
أفلامي للسينما "إسكندرية ليه" مع الرائع "يوسف شاهين".
عرفنا أنك بدأت حياتك العملية كموظف في كلية الزراعة .. نود أن تحدثنا عن هذه الفترة؟
اعتبر أن هذه الخطوة كانت خطوة ناجحة في حياتي واستفدت منها الكثير حيث أحببت كل ما يتعلق بالطبيعة وتقربت من خلالها إلى الله عز وجل وجعلتني أفكر في ملكوت الله وخلقه.
هل كان الفنان "محسن محي الدين" وراء ترشيحك لأول أعمالك "إسكندريه ليه"؟
بالفعل .. فقد كانت تربطني بمحسن محي الدين و"أحمد سلامة" علاقة صداقة قديمة ، وعندما طلب "يوسف شاهين" من "محسن محي الدين" أن يرشح له اثنين من
أصدقائه ليشاركا بالفيلم معه رشحنى و"أحمد سلامة" وبالفعل قابلنا "يوسف شاهين" وأعجب بنا .. وكان الفيلم.
نود أن تحدثنا أكثر عن تعاملك مع "يوسف شاهين"؟
"يوسف شاهين" أستاذي ومعلمي الأول وما تعلمته منه مازالت أحرص على تطبيقه
حتى اليوم .
من المخرجين الذين تحلم بالوقوف أمام كاميراته مرة أخرى؟
كل المخرجين الذين عملت معهم استفدت منهم جدا ، فقد حالفني الحظ بالعمل مع
عمالقة فن الإخراج في مصر والعالم العربي أمثال "يوسف شاهين" ، "خيري بشارة" ، "محمد فاضل" ، "سمير سيف" ، "محمد خان" ، "صلاح أبو سيف" وغيرهم ..
ولكل منهم خبرته ومدرسته الخاصة في الإخراج ومع كل منهم اكتشفت جزء جديد
في شخصيتي بما سبب لي دفعة للأمام.
وماذا عن علاقتك بالمخرج الراحل "عاطف الطيب"؟
جميل جدا أن تشعر أنك تعمل مع أخ لك .. فعاطف بالنسبة لي أخ بكل ما تمثله
الكلمة من معان .. فقد عملت معه للمرة الأولى في فيلم "حدوتة مصرية" حيث كان مساعدا ليوسف شاهين ، ثم طلبني في فيلم "سواق الأتوبيس" وقد أحببت طريقته في التعامل وكان بيننا تناغم كبير.
ما أهم الجوائز التي حصلت عليها خلال مشوارك الفني؟
حصلت على عدة جوائز أذكر منها جوائزي عن أفلام "طالع النخل" ، "الطوق والإسورة" ، "المواطن مصري" ، "عرق البلح" ، "عفاريت الأسفلت" الذي حصلت من خلاله على ثلاث جوائز من مهرجانات "جوهانسبرج" ، "جمعية الفيلم" ، "المركز
القومي للسينما المصرية".
ما رأيك في مصطلح "السينما الشبابية"؟
في رأيي السينما سينما .. لا يمكن أن نصنفها بأنها سينما شبابية أو غير ذلك .. فالسينما من وجهة نظري حلم لكل الناس وهي وسيلة لتقديم رسالة لهم ..
 |
لقطة من فيلم واحد كابتشينو |
ولذلك أقدمت على خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلم "واحد كابتشينو" لأنني آمنت بالفكرة التي يطرحها الفيلم حيث يقدم مشكلة البطالة كواحدة من أخطر مشكلات هذا الجيل .
وهل تنوي الاستمرار في مجال الإنتاج السينمائي؟
الله أعلم.. لقد تحمست للتجربة لعدة أسباب أولها ما ذكرته عن أهمية القضية التي يطرحها الفيلم ، أما السبب الآخر فهو اقتناعي بأهمية تجربة الإنتاج في حد ذاتها لأنها تطور من الممثل وتجعله يهتم بكل كبيرة وصغيرة في الفيلم وليس فقط دوره.
وبماذا استفدت من هذه التجربة؟
اهتممت بداية بأن أركز على ما يحتاجه الممثل من المنتج لكي يظهر عمله في
أحسن صورة و هذا ما حرصت عليه في تعاملي مع الممثلين في الفيلم ولهذا جاء
أداءهم كما يجب لأن الفيلم لم يعتمد على دوري فيه كنجم أوحد بل قدم شخصيات
أخرى متساوية مع دوري .
وهل أثر عملك كمنتج في الفيلم على أدائك لدور البطولة ؟
أولا الدور ليس بطولة مطلقة لي ، كما أنه لم يكن صعبا بشكل كبير بما يتطلب
مني التفرغ له ، فهو دور شاب قروي عادي يحلم بالتمثيل ويلاقي صعوبات في
سبيل الوصول لهدفه.
ما رأيك في حال السينما الآن؟
عبرت عن رأيي في حال السينما من خلال فيلم "واحد كابتشينو" في المشهد الذي
شاركت فيه الممثلة الرائعة القديرة "مريم فخر الدين" حيث تنتظر هذه الفنانة ذات التاريخ الفني الطويل على الكورنيش تأكل "طعمية" منتظرة دورها بعد انتهاء "البطلة" الصغيرة الشهيرة المسلط عليها الأضواء بعد أن توارت عن العظماء المتمثلين في "مريم فخر الدين". هذا هو حال السينما والفن في مصر
الآن .. ننسى الكبير ونتذكر الصغير الذي قفز للنجومية دون حتى امتلاك الموهبة الحقيقية.
وهل وافقت الفنانة "مريم فخر الدين" على المشاركة بالفيلم بسهولة؟
بداية لم تربطني أي صلة بالفنانة "مريم فخر الدين" قبل الفيلم ، ولكنني شعرت أنها الأنسب للتعبير عن هذه الحالة ، وعندما عرضت عليها الفكرة رحبت بها جدا خاصة وأنها تحارب من أجلها من خلال القضية التي ترفعها مطالبة بحق الأداء العلني ، فمصر تعتبر الدولة الوحيدة التي لا تطبق هذا القانون بمايؤدي إلى عدم حصول الفنانين على حقوقهم من الأعمال التي شاركوا بها .. وقتها شعرت أن هذا المشهد يعد صرخة من أجل المناداة بحقوق الفنان المادية والأدبية والتي يتغاضى عنها الجميع.
وكان الطلب الوحيد من "مريم فخر الدين" أن تعبر هي عن القضية دون التقيد
بالجمل المكتوبة بالسيناريو وقد رحبت بذلك لأنها جريئة وصريحة وصادقة وقد
وثقت في قدرتها على التعبير عن الموضوع بأصدق صورة.
كلمة عن كل فيلم من أفلامك:
"إسكندرية ليه"؟
مدرستي الأولى.
"الحريف"؟
كسبت فيه "عادل إمام" كأخ كبير.
"الطوق والإسورة"؟
كسبت الاشتراك في فيلم يعد واحدا من كلاسيكيات السينما المصرية شرفت
بالعمل فيه.
"سنوات الخطر"؟
شقاوة جيل.
"المواطن مصري"؟
قضية شعب ورسالة لكل الشعب المصري بأن يكمل أي شئ للنهاية وأن لا ييأس من
منتصف الطريق.
"الأوغاد"؟
رسالة تدق ناقوس الخطر للشباب عن نهاية طريق الانحراف.
"ديسكو ديسكو"؟
خطأ مني.
كلمة أخيرة منك عن الراحل "أحمد زكي"؟
رحمة الله عليه.. هو أستاذي ومثلي الأعلى سواء في الفن أو في الحياة بشكل
عام .. عملت معه في فيلمين هما "الاحتياط واجب" و "الإمبراطور" وتعلمت منه
الكثير. وكان دائما يعاملني كأخيه الصغير أو ابنه .. أذكر أثناء تصوير فيلم "الاحتياط واجب" وجدني ذات مرة مهموما لأنني وعدت خطيبتي أن أخرج معها ولم يكن معي ما يكفي .. فوجدته كأي أخ كبير يساعد أخيه وقتها شعرت بمدى حنانه وأبوته للجميع. وبرغم مرضه إلا أنه كان دائما ما يسأل عني بعد دخولي المستشفى.. أدعو له بالمغفرة والرحمة.
ويروي أحد أصدقائه عن اللحظات الخيرة في حياة الراحل عبد الله
محمود فيقول :
منذ بضعة أيام جاءني عبر الهاتف صوت السيدة حنان زوجة الصديق الفنان عبدالله محمود لم تستغرق المكالمة سوي دقائق معدودة، غلب عليها البكاء الشديد
أكدت خلالها أن عبدالله دخل مرحلة صحية حرجة جدا بعد أن تمكن المرض منه وبعد أقل من ساعة كنت في الجناح الذي يسكنه عبدالله بمعهد ناصر. السكون التام يخيم علي المكان تحاول زوجته التماسك أمامه رغم غيابه عن الوعي لا نسمع في المكان سوي صوت اذاعة القرآن الكريم وبعد لحظات امتلأ المكان بمجموعة من الأصدقاء كل منهم يحاول أن يبذل أقصي ما في وسعه لبقاء الحالة علي أقل تقدير علي ما هي عليه
وفي النهاية نصح الفريق الطبي بضرورة دخوله غرفة العناية المركزة ووسط هذا الجمع كان أبو أحمد ـ كما كنا نناديه ـ يردد: الحمد لله الحمد لله خلاص هانت وجاء عبر الإذاعة صوت أذان العصر فيردد عبدالله محمود الدعاء الذي علمه لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد الأذان ويدخل في ثباته من جديد.
ويتم نقله للعناية المركزة وبعد يومين ينصح الأطباء بعودته الي غرفته مرة أخري وايقاف العلاج اللهم إلا بعض المسكنات فلم يعد لوجوده في العناية المركزة ضرورة فقد تمكن منه المرض ولم يعد للعلاج فائدة وتأثر نظره بسبب الورم الخبيث الموجود في المخ وانقطعت صلته بالدنيا الزائلة بعد صراع مع المرض بدأ في يناير الماضي لكنه لم يفقد الثقة برحمة الله التي ينالها الصابرون والذاكرن له في السراء والضراء