#1
|
|||
|
|||
![]() ثوب الإمبراطور .
اين نجد الحقيقة في هذا الكون ؟ هل هي حقيقتنا نحن ، بما نراه وما نعتقده ومانتوهمه ومانود أن يكون أم أن الحقيقة هي مايراه أصحاب المناصب والمراكز والقوى في كافة المجالات ؟ حينما أتأمل السياسة مثلا أجد أن الحقيقة غائبة تماما ومانراه ومانسمعه هو مايريد أن يرينا أياه أصحاب القوة والسلطة والمال لا ماهو كائن وموجود . ولتبسيط الأمر أكثر .. أين هي أسلحة الدمار الشامل في العراق ؟ وماحقيقة ماحدث في سجن أبو غريب ومعتقل قونتانامو ؟ ومن هو الارهابي هل هو شارون ام المناضل الفلسطيني ؟ ولو تأملنا الحياة في جانبها الاقتصادي او الثقافي لو جدنا الحقيقة غير معروفة وغير مفهومة وحتى على المستوى الشخصي فيما يتعلق بالمشاعر والاحاسيس فنحن غير متأكدين من حقيقة مشاعر من هم حولنا : هل يحبوننا أم يكرهوننا ؟ طافت بذهني كل هذه الأفكار وأنا أتذكر الأسطورة الجميلة التي تحكي قصة ثوب الملك ، وتقول الحكاية : أن إمبراطور أشتهر بعشقه للثياب الفاخرة الثمينة ، جاءة ذات يوم رجلان غريبان وعرضا عليه أن يحيكا له أفخر الثياب وأعجبها ، ففرح الامبراطور وقال لهما : اخبراني عن أفخر وأعجب ثوب بإمكانكما أن تحيكاه لي ، فأجاب أحد المحتالين : إن أعجب ثوب يحتاج الى كمية هائلة من خيوط الذهب .. و أعجب مافيه أنه لا يراه سوى الأذكياء ، أما الأغيباء فمحال أن يروه ....؟ سٌر الامبراطور سرورا عظيما .. كيف لا ؟ وهو سيمتلك ثوبا يكشف له الأذكياء من مستشارية ووزرائه ، وقادة جيوشه ، وشعبه ؟؟ فاعطاهما كمية كبيرة من الخيوط الذهبية . وخبأ المحتالان الذهب .. وتظاهرا بأنهما بدأ ينسجان قماش الثوب العجيب .. فكانا يحركان نول الحياكة بدقة الى الامام والى الخلف وكأنهما منهمكان في عملهما .. فيسمع أهل القصر صوت النول المنتظم . وهكذا لم يعد هناك حديث بين الجميع سوى عن هذا الثوب العجيب ...؟؟ ذات ليلة أستدعى الامبراطور " كبير المستشارين " وطلب منه أن يذهب الى غرفة الحياكة ليرى الثوب . ذهب " كبير المستشارين " فرأى المحتالين يعملان بنشاط وهمه .. لكنه لم يرى ثوبا .. إلا أنه تذكر أن هذا الثوب عجيب لا يراه إلا الأذكياء . عاد الى الامبراطور ، وأخبره أنه لم ير قط أجمل من نسيج هذا الثوب الذي سيحتاج لخيوط ذهبية أكثر ليتم صفه . بعث الامبراطور بكمية كبيرة من الخيوط الذهبية مع " رئيس الحرس " وطلب منه أن يسلمها للحائكين ويستعلم منهما متى سينتهيان من حياكة هذا الثوب الجديد . ذهب رئيس الحرس فرأى الحائكين يعملان بانهماك شديد .. لكنه لم ير الثوب ، إلا أنه تذكر أن هذا الثوب لا يراه إلا الأذكياء ، وكبير المستشارين قد رآه ..فأعطاهما الخيوط الذهبية بعد أن أثنى على جمال الثوب ، وعاد الى الامبراطور ليحدثه عن جمال الثوب وروعته ، وأعلمه بموعد الإنتهاء من حياكته .. في الموعد المحدد حضر المحتالان الى الامبراطور لقياس الثوب الجديد ... خلع الامبراطور ثيابه .. تظاهر الحائكان أنهما يلبسانه ثوبه العجيب ويضبطان قياساته .. وقف الامبراطور أمام المرآة يتأمل نفسه .. ورغم أنه لم ير الثوب .. لكنه تذكر أنه ثوب عجيب لا يراه الا الأذكياء وقد رآه كبير المستشارين ورئيس الحرس ، فصاح قائلا بفرح و اعجاب : هذا ثوب بديع ، ماأخف قماشه وما أجمل ألوانه .. إنه أروع ثوب أرتديته .. أكاد لا أشعر به من خفة وزنه . بعد يومين أمر الإمبراطور بإقامة الإحتفالات في المدينة .. ليلبس فيه ثوبه الجديد العجيب ويراه الشعب . حل الموعد ......... وخرج الامبراطور فما أن رآه الناس أخذوا يلوحون بالاعلام ويهتفون بكلمات المديح والاعجاب .. ليثبتوا لبعضهم البعض أنهم أذكياء ........ ابتهج الامبراطور .. وراح يلوح بيده مسرورا .. ويرفع اصبعية علامة النصر والسعادة .. فجأة .. من بين الجموع خرح صبي صغير .. وأخذ يضحك ويضحك وهو ينظر الى الموكب وراح يصيح بكل براءة وطفولة : الإمبراطور عار ... الإمبراطور عار .. صعقت الحقيقة الجموع ........ عادوا الى رشدهم وراحوا يصيحون مع الطفل ... الإمبراطور عار ... الإمبراطور عار .. هذه الحكاية البسيطة الكلمات .. العميقة المعاني تحمل بين سطورها مغزى عظيما ألا وهو طمس الحقائق بادعاء مالانراه وماليس فينا ، ومالانفهمه ومالانعرفه . كم نحن اليوم بحاجة الى طفل برئ وصادق يخرج علينا ليقول لنا الحقيقة التي ضاعت من بين أيدينا ولم نعد نعثر عليها ، فنحن لم نعد نعرف حقا اين هي الحقيقة من السراب ؟ وأين هو الحق من الباطل ؟ ومن هو الظالم من المظلوم ؟ الكل يدعي أنه يرى ثوب الحقيقة لكي يثبت لنفسه وللاخرين كم هو ذكي الكل يسير مع الركب دون ان يسأل نفسه أن كان حقا يرى ثوب الامبراطور ام لا .. ان ثوب الامبراطور يقول لنا جميعا أن : السياسة : كذبه كبيرة لا يصدقها سوى العقلاء الحب: وهم كبير لا ندرك ذلك الا متأخرا الصداقة : فخ كبير لا نراه الا بعد الخيبة والخذلان الكتابة : خدعة للذات حينما نتوهم ان الاخرين لن ينسونا إذا أين هي الحقيقة لن نجدها إلا في كتاب الله وسنة رسوله “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون” (النور 55). |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|