متى الخروج من الأزمة؟

[مخاوي الليل]

راشد محمد الفوزان

الخروج من الأزمة المالية هو السؤال الأهم الآن والمطروح , فبعد أن تداعت وظهرت على السطح منذ سبتمبر الماضي , وهي تأتي بالأخبار السلبية بلا توقف وآخر ما نقرأ الآن نتائج البنوك العالمية التي وصلت خسائرها إلى عشرات المليارات من الدولارات , أزمة الصناعات من سيارات وبتروكيماويات وإنشاءات وكثير من الصناعات.

وبما أن الخلل يأتي أساسا من النظام المصرفي في العالم فإن ذلك يعني الربط الأساسي والجوهري لكل القطاعات الاقتصادية , والقت الأزمة العالمية ظلالها على البورصات العالمية بالأسواق وأيضا للشركات خارج الأسواق , فظهرت الآن عمليات التخفيض للموظف لتكون بأرقام بعشرات الآلاف وليست بالمئات كما نشهدها بقطاع البنوك والسيارات كمثال , السؤال الأهم متى تنتهي هذه الأزمة عن ما تحمله من أخبار ونتائج سيئة كل يوم وأسبوع وشهر ؟

أعتقد أن الأهم الآن هو كشف كل شيء سلبي , لا أن يتم عمليات " تطمين " أو " تأجيل " أو " تظليل " للنتائج السيئة أول الحلول هو كشف كل المشاكل المالية والعقبات وإلى أين وصلت بعمقها وجذورها , لا أن يكتشف مع الأزمة عن خسائر كان المفترض تحميلها قبل سنوات لتظهر الآن بسبب الأزمة المالية وضعف الكاش الذي كان هو المغطي للأزمة بصورتها الواضحة , نحتاج صورة واضحة شفافة للأزمة المالية لكل شركة ومؤسسة وجهة حكومية لكي يمكن بعدها تقدر " حجم " الأزمة ومن خلاله يمكن التعامل معها , فهي كالمريض الذي لا تعرف أين مرضه أو مشكلته الصحية أين تتركز , فبدون فحص دقيق وتشخيص ومحدد فلن تجدي معه أمهر الأطباء ولا أكفأ الأدوية , ألسنا نردد عبارة التشخيص نصف العلاج , إذا تشخيص الأزمة المالية ومشكلتها وعمقها هو الحل , فالمريض حين تشخص حالته المرضية بدقة يسهل تحديد العلاج وكميته ومدته عدى ذلك هو هدر وإسراف كبير قد يؤدي لمرض أصعب وأكبر , فحيث تستخدم كل قوتك بالأزمة المالية من سيولة وحلول وتكتشف بعدها أنك مكان لازال ببداية الأزمة فكأنك تنزع كل قوتك وحلولك . الأمر الآخر أهمية تحديد الحلول للأزمة بعد تحديد حجمها وعمقها , وتحديد الحلول يعتمد على الامكانيات المتوفرة لديك ما هي ؟ وتحديد المدة الزمنية التي تستغرقها , ومدى تداخل وترابط الظروف الخارجية مع الداخل اقتصاديا , الأزمة المالية لن تنتهي لمجرد مرور الزمن كما يعتقد الكثير بدون عمل على الأرض ووفق قواعد وأسس صلبة وحقيقة لمواجهة هذه المتغيرات التي أصبحت هي هاجس هذا العالم , وبما أن الأزمة المالية في أساسها " مصرفية " إذا على من صنعوا الأزمة أن يعيدوا حساباتهم بصورة جذرية , وأبسطها " لا تقرض ما ليس لك ولا ما يفوق قدرتك " قاعدة بسيطة كبيرة في تفسيرها ومعانيها , ليس مهما أن تحقق النمو السريع والانجاز وسباق مع الزمن وفي النهاية تكون الخسارة موجعة وفادحة , فقليل مستمر خير من كثير منقطع , وهذه أسس وقواعد ليست بجديدة , وما المشتقات البنكية إلا كما سماها وران بافيت " أسلحة الدمار الشامل " كانت مدمرة للجميع لأنها نفخ في الهواء ماليا وفي النهاية لا شيء حقيقي , فمهما وصلت فلها نهاية في آخر المطاف . الأزمة المالية تنتهي حين نغير أسس والقواعد التي أوجدتها , ونسير بما هو حقيقي وواقعي مملوك لاغير. * نقلا عن صحيفة "الرياض" السعودية.