الأزمة العالمية توجه 7 إشارات للاقتصاد الخليجي بسبب الارتباط بالاقتصادات الغربية

د. وديع كابلي متحدثا خلال ندوة "مستقبل دول الخليج الاقتصادي في ضوء الأزمة المالية العالمية" في مكة المكرمة.
خميس السعدي من مكة المكرمة
توقع خبير اقتصادي أن البترول سيشهد تقلبات كبيرة جدا وعنيفة في كميات انتاجه وأسعاره في المستقبل القريب والمتوسط، مستشهداً بما شهده واقع الأسعار خلال الأشهر الستة الماضية، حيث سجل في شهر آب (أغسطس) الماضي ذروته حيث بلغ سعر البرميل 147 دولاراً، ليبدأ بعدها بثلاثة أشهر في التراجع إلى مستويات الخمسين دولارا، وليظل في الوقت الراهن سعر البرميل يراوح حول 40 دولار، مؤكداً أن الماضي أثبت أن سعر البترول ليس ثابتاً ومحدداً عند نقاط معينة، فقبل نحو عامين كان سعر البرميل يراوح في منطقة 30 دولارا.
وأكد الدكتور وديع كابلي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز أن دول العالم لا يمكن أن تستغني عن البترول المصدر لها من دول الخليج، مستدركاً أن الاستغناء لو حدث سيكون لفترات قصيرة، تعتمد في حينها تلك الدول على الاحتياطيات البترولية المتوافرة لديها التي تسد حاجتها ما بين 6 إلى 9 أشهر، وهو الأمر الذي قد يحدث عند حدوث حرب خلال الأعوام العشرين المقبلة في الخليج يمنع الدول في حينها من التصدير عبر مضيق هرمز، مشدداً على أن الغرب يعتقدون أن اعتمادهم على البترول المصدر لهم من الخليج بمثابة الانتحار في المستقبل، كما أنهم يعتقدون أنه في غير صالحهم نظير أن تصبح مقدراتهم الاقتصادية في أيدي الآخرين.
وأجزم الدكتور كابلي أن المتوسط السنوي لسعر برميل البترول لن ينخفض خلال العام الجاري عن 50 دولارا، وخلال عام 2010 عن 65 دولار، وفي عام 2025 عن 150 دولارا، مقارنة بالعام الماضي الذي سجل سعره المتوسط نحو 96 دولارا، متوقعاً أن في حال حدوث نزاع مسلح في منطقة الخليج أن تقفز أسعار البترول تلقائياً وسيسجل سعر البرميل أكثر من 300 دولار، مرجعاً ذلك إلى أن أسعار البرميل شارفت على ملامسة 200 دولار خلال العام الماضي دون أن يكون هناك أي نزاع علني.
وقال كابلي خلال الندوة التي عقدها النادي الثقافي الأدبي في مكة المكرمة البارحة الأولى تحت عنوان "مستقبل دول الخليج الاقتصادي في ضوء الأزمة المالية العالمية"، إن 100 دولار متوسط سعر البرميل التي كان معمول بها في عام 2008 تساوي في حجمها إذا ما تمت مقارنتها بحال التضخم الاقتصادي التي واكبت زيادة أسعار البترول وغيرها تلك التي كان معمول بها في عام 1980 عندما كان سعر متوسط البرميل يبلغ نحو 35 دولارا، كاشفاً أن الاحتياطيات البترولية الموجودة في الخليج تبلغ نحو 485 مليار برميل وهي توازي نحو 40 في المائة من حجم الإنتاج العالمي، وأن احتياطيات الغاز تبلغ 42 تريليون قدم مكعب وهي توازي 23 في المائة من الاحتياطي العالمي، موضحاً أن دول الخليج أنتجت في عام 2006 نحو ستة مليارات برميل، و196 مليون قدم مكعب من الغاز، لافتاً إلى أن نحو 18 إلى 20 برميل من البترول تمر من خليج هرمز بشكل يومي، مبيناً أن السعودية تتصدر قائمة كبريات الدول المصدرة للبترول وتليها روسيا وإيران والإمارات والنرويج، وأن من كبريات الدول المستوردة: الولايات المتحدة واليابان والصين، وأن من المتوقع أن تكون تجاوزت الصين قد تجاوزت خلال العام الماضي دولة اليابان في حجم الاستيراد.
ولخص الكابلي تأثيرات الأزمة في المنطقة في مجالات سماها بالصدمات السبع وهي الصدمة الدولارية الناتجة عن ربط العملات الخليجية بالدولار المتراجع، والتي من المتوقع أن تعمل دول الخليج على فك ارتباطها به عند صدور العملة الخليجية الموحدة، كما يحتمل أن تظهر عملة جديدة تحل محل الدولار، كما يتوقع أن تكون سلة عملات جديدة، ومن الصدمات أيضا الصدمة البنكية بسبب تسارع بعض البنوك الخليجية لشراء رهونات أمريكية خاسرة، والصدمة النفطية بسبب ركود اقتصاد الغرب الذي أدى إلى انخفاض أسعار النفط، متابعاً أن هناك أيضا صدمة الدخول الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، والصدمة العقارية بسبب تراجع قطاع العقارات، والصدمة السياحية بسبب تراجع أولوية السياحة الخارجية للأوروبيين بسبب الركود، وصدمة أسواق المال، معللا كل ذلك بارتباط اقتصاد الخليج بالاقتصادات الغربية، مستدركاً في الوقت نفسه أن الأزمة الاقتصادية العالمية لها إيجابياتها على دول الخليج، باعتبارها تشكل لطمة ستوقظ دول المنطقة لتعيد النظر في سياساتها المالية والاقتصادية وتدفعها نحو استنهاض القوة الذاتية في اقتصادياتها المحلية.

جانب من حضور الندوة.
وأضاف كابلي: إن المملكة تمثل نحو 75 في المائة من حجم السكان في دول الخليج البالغ عددهم الإجمالي في الوقت الحالي نحو 35 مليون نسمة، فالسعودية في عام 2006 بلغ تعداد سكانها نحو 25.5 مليون نسمة، ويبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد الواحد منهم نحو 13860 دولارا، وأن الإمارات تأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد أن تفوقت على دولة الكويت التي تراجعت للمركز الثالث، وتليها في الترتيب عمان في المرتبة الرابعة بعد أن كانت تحتل المرتبة الثالثة، وأن من المتوقع أن يبلغ تعداد السكان في دول الخليج في عام 2025 نحو 52 مليون نسمة معظمهم من سكان السعودية التي من المتوقع أن يبلغ عدد سكانها نحو 35 مليون نسمة، وسيبلغ متوسط دخل الفرد في حينها 17 ألف دولار في العام لسكان السعودية التي ستتقارب معها في المتوسط عمان وهي ستكون من أفقر دول الخليج مقارنة بالمؤشرات التي تفيد أن متوسط الدخل سيبلغ في ذلك الحين للفرد في قطر 81 ألف دولار و37 ألف دولار لسكان الإمارات "، ملمحا أن معدلات البطالة بين المواطنين سترتفع نسبتها بين المواطنين خلال السنوات العشر المقبلة ومن ثم ستعود لتسجل التراجع النسبي في معدلها وذلك بسبب الزيادة العالية في معدلات السكان في ظل عدم وجود القدرة الاستيعابية، كما أن الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق ستزيد أيضا مقارنة بما هي عليه في العام الجاري".
وزاد كابلي أنه منذ عدة سنوات مضت فيما يتعلق بالارتباط الاقتصادي مع الغرب يتضح أن التوجه يتدرج نحو دول المشرق مثل الصين والهند وإندونيسيا وماليزيا بالنسبة للقطاع التجاري، وأما فيما يتعلق بالقطاع المالي خاصة مع ما يواجهه العالم من أزمة اقتصادية فإن الاعتماد سيرتفع على الأسواق الشرقية التي يعتمد عليها القطاع التجاري".