تداعيات أزمة المال على المصارف الإسلامية
حسان فوزي بيدس
لا شك في أن المصارف الإسلامية ليست في منأى عن تداعيات أزمة المال العالمية، لأن كثيراً منها يرتبط بتعاملات مالية مع مصارف عالمية تعاني من أزمة الائتمان، وأن الكساد الذي يصيب الاقتصاد العالمي يلقي بثقله على المصارف الإسلامية والتقليدية على حد سواء. ولا بد من أن يكون للأزمة أثرها على مكونات الساحة الاقتصادية كلها، بخاصةٍ في ظل وجود نظام اقتصادي أحّادي يسيطر على السوق، ويوجهها من دون أن يكون له منافس يشاركه في هذه المعركة الاقتصادية.
حتى وقت قصير، كان سوق الدَيْن الإسلامي على توسع بوتيرة الضعفين كل سنة اعتباراً من 2004 ليصل إلى 90 بليون دولار. حتى أن الحكومة البريطانية فكّرت جدياً باعتماد أوراقها المالية كمركز للتمويل الإسلامي.
لكن، خلال الشهور الثمانية الأولى من 2008، انخفض الإصدار إلى 14 بليون دولار يقابلها 23 بليوناً في المدة ذاتها من 2007، بحسب إحصاءات وكالة «ستاندرد أند بورز». واختلف المصرفيون حول أسباب تراجع أدوات الاعتماد الإسلامية، فعزا بعضهم السبب إلى الانهيار المالي.
تنطلق الفكرة الأساسية من الصكوك (السندات الإسلامية) من تأمين فرص دخل لها من موجودات ملموسة، مع تساوي احتمالات المخاطرة والأرباح. وبما أن هذه المصارف تدير أصولاً تقدر بتريليون دولار، وتعتبر جزءاً من منظومة عالمية، فهي معرضة بالتالي، لهزة كبيرة قد تصيبها في أي وقت. إضافة إلى أن المصارف الإسلامية تركز على قطاع العقار المتقلب، ما يجعلها عرضة لأي أزمة قد تلحق بهذا القطاع.
ومهما كان السبب، فالعائدات تضاءلت خلف الدين التقليدي، وبحسب مؤشر مصرف «إتش إس بي سي» تراجعت الصكوك بنسبة 0.7 في المئة العام الفائت، بينما ارتفع الدين التقليدي بنسبة 1.3في المئة. وبقي الدَيْن الإسلامي في سوق لها خصوصيتها. واتجهت غالبية المستثمرين من مصارف إسلامية، نحو شراء الأوراق المالية والاحتفاظ بها للتداول في سوق ثانوي. ولا تزال الصكوك تصدر على رغم أوضاع السوق الحادة، حتى بعد أحداث الأسابيع الأخيرة. ويأمل الخبراء في إصدارٍ إجمالي يصل إلى 20 بليون دولار. |
وعلى رغم تزايد حجم الإصدار وتنوع المصدرين للصكوك، لا يمكن اعتبارها بأنها سوق قابلة في سهولة، للتحويل إلى نقد. فالمبالغ غير المحصلة يجب ان تكون مضاعفة أو حتى ثلاثة أضعاف ما هي عليه. طبعاً، لا يوافق الجميع على الأمر، لأن الأشهر ألأخيرة شهدت تأسيس صناديق مالية مشتركة كثيرة.
ويوجد 40 بليون دولار من الصكوك المصدرة، تخضع للتبادل في شكل ناشط حالياً بخاصة أدوات الدولار ذات القيم العالية.
كما ان الفارق في العائد بين الدين التقليدي يميل الى التضاؤل. فالصكوك أعطت زيادة بمعدل 320 نقطة، على سندات خزينة أميركية، بينما السندات التقليدية المصدرة في الشرق ألأوسط أعطت 314 نقطة.
ولا يزال الدَيْن الإسلامي يواجه عقباتٍ، منها ندرة الصكوك الذهبية، إضافة إلى أن الحكومات الإقليمية ذات الثروات النفطية ليست في حاجة إلى الاقتراض، لكن عرضاً كبيراً من حكومات ذات تقويم عالٍ جداً، مثل دول الخليج، سيكون مرغوباً ويعتبر علامة بارزة لبقية الأسواق.
لذا نلفت إلى أن المصارف الإسلامية، ليست معزولة عن العالم، ولكن يوجد تفاوت في مستويات التأثير، فما يميزها، هو عدم إمكانيتها في شراء الديون وليست لديها محافظ في السندات أو الأسهم...
* نقلا عن جريدة "الحياة" اللندنية. |