نحتاج إلى نقلة نوعية في الشأن الاجتماعي

[مخاوي الليل]

نحتاج إلى نقلة نوعية في الشأن الاجتماعي

د.عمر زهير حافظ
كانت القرارات الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ نقلة نوعية واثبة لإحداث التغيير الإصلاحي في قطاعات مهمة للغاية في مجتمعنا. وقد أنعشت هذه القرارات لدي الأمل الذي طالما نادى به الكثير من الكتاب والمفكرين، وناديت به مرارًا من خلال مقالات صحافية سابقة.
هذا الأمل يتمثل في ضرورة التغيير في قطاعي الزكاة والأوقاف في المملكة، فهذان القطاعان تحكمهما أنظمة زادت أعمارها على 40 عاما، والواقع يشهد أن مقاصدهما لم تتحقق في مجتمعنا. فالزكاة شرعت لإنهاء الفقر الذي يعد وصمة عار في مجتمع غني بأهله وماله. ونظام الزكاة لدينا لم يحقق هذا الهدف، ولابد أن هناك مشكلة ما يجب علاجها.
ما العوائق التي تحول دون تحقيق هدف الزكاة؟
هل من جهد جماعي من أهل العلم والمعرفة والإدارة والاقتصاد والمال والحقوق، لدراسة هذه المسألة؟
أزعم بقناعة كافية أن مؤسسة الزكاة، المبنية على أصول شرعية وإدارية ومالية منضبطة تمثل حلاً، وقد شرعت لذلك، ويجب أن نوجد نموذجًا وهيكلاً يجمع بين الاحتياج للسلطة التي تمثل إلزامية الزكاة، وبين الاحتياج للجهود الأهلية وثقتها بالمؤسسة الزكوية.
إن أول الإصلاح هو الفصل الواضح بين الزكاة والضريبة، فالزكاة فرض شرعي يجب ألا يختلط بغيره من التوظيفات الحكومية ذات الأغراض المتعددة، ويتبع ذلك إنشاء مؤسسة مستقلة للزكاة لها حق الجباية والتوزيع والتقييم وغيرها من المهام التي تحقق مقاصد الشريعة من الزكاة.
وأزعم أيضًا بقناعة كافية، أن هذا الركن الاقتصادي والاجتماعي المالي من أركان الإسلام، لم يلق الاهتمام التنظيمي الكافي، وحان الوقت أن نفعل ذلك بقيادة النهج الإصلاحي لخادم الحرمين الشريفين ـ وفقه الله وحفظه.
أما الوقف فهو مؤسسة مالية أخرى ذات أهمية بالغة في حياة المسلمين وتاريخهم، وقد تعرضت للإهمال والتقصير مما أفقدها وهجها وأهميتها في علاج مشكلات المجتمع. وهذه المؤسسة رديفة لمؤسسة الزكاة ومكملة لدورها، بل محققة لأهداف الدولة بتعاون القطاع الخاص، في تأسيس مجتمع متكافل متعاون.
ويجب النظر إلى الوقف على أنه مؤسسة مالية استثمارية، فهو حبس للأصول وتسبيل لمنفعتها، ولا يتم ذلك إلا بالاستثمار الجيد للأصول المالية، ومراعاة لشروط الواقفين. وإن أول الإصلاح هو فصل الأوقاف – غير المساجد - عن وزارة الشؤون الإسلامية، وإنشاء مؤسسة استثمارية مالية إسلامية تستثمر أصول الوقف الخيري، وتشرف على استثمارات الوقف الأهلي، مع إنشاء ذراع قضائية متفرغة للأوقاف.
إنه رجاء أرفعه لمقام خادم الحرمين الشريفين ـ يحفظه الله ـ ويوفقه إلى كل خير، أن يحدث نقلة نوعية عاجلة في قطاعي الزكاة والأوقاف، وإن لم يكن من المناسب إنشاء مؤسستين مستقلتين، فلتنشأ مؤسسة واحدة، أو وزارة للزكاة والأوقاف، ونكون بذلك أول دولة إسلامية تنشئ وزارة مختصة بهاتين المؤسستين المهمتين في حياة المجتمع. والأمل في الله تعالى كبير أن نرى ذلك قريبًا.