مديرو صناديق الأسهم الإسلامية "المتحررة" يواجهون مصاعب في تلبية مطالب "السيولة المتشد

[مخاوي الليل]

مؤتمر "عالم الاستثمار الإسلامي - آسيا" يكشف ما يدور خلف الكواليس

مديرو صناديق الأسهم الإسلامية "المتحررة" يواجهون مصاعب في تلبية مطالب "السيولة المتشددة" للسعوديين


الفقية المصرفي الباكستاني محمد قسيم وهو يصغي باهتمام إلى روسمة إسماعيل,المديرة التنفيذية للقسم الإسلامي بمصرف الخليج التجاري القطري.
محمد الخنيفر موفد "الاقتصادية" إلى كوالالمبور
فجأة ودون مقدمات تسمع صوتا آسيويا يصدح جاهرا "السعوديون متشددون والآسيويون متحررون"
أكدت متعاملة آسيوية في إدارة الصناديق العالمية وجود سيولة استثمارية "متحررة" وأخرى "متشددة" تستحوذان على ساحة صناعة صناديق الأسهم الإسلامية. وكشفت ثنايا جلسات مؤتمر "عالم الاستثمار الإسلامي - آسيا"، الذي استضافته كوالالمبور أخيرا، عن وجود سيولة استثمارية "متحفظة ومتشددة" تأخذ على عاتقها مراعاة أقصى درجات الدقة في مطابقة استثماراتهم تعاليم الشريعة، ويقود هذا التوجه السعوديين، مقارنة بالتيار الاستثماري الآسيوي، الذي يشكل الغالبية العظمى من هذا التوجه، والذي لا يمانع في التركيبات الهيكلية المتحررة طالما أنها مطابقة للشريعة، بينما ينظر بعض مستثمري دول الآسيان إلى جانب الاستثمار الأخلاقي وعامل العائد على الاستثمار.

وكانت مصرفية ماليزية مسلمة قد فاجأت الحضور عندما قامت بإماطة اللثام عما يدور خلف الكواليس بين مديري الصناديق والمستثمرين السعوديين، ولتكشف مازنة محبوب، كبيرة الإداريين التنفيذيين لإدارة الصناديق في مجموعة أم إنفيستمنت البنكية، ولأول مرة، عن المصاعب التي تعانيها شركات إدارة الصناديق الإسلامية في محاولتهم لتلبية طلبات السعوديين عندما يتعلق الأمر بأسهم الشركات المنتقاة والمجازة شرعيا. وبات جليا للعيان أن مديري الصناديق الماليزيين وغيرهم، يذعنون لمطالب عملائهم السعوديين "المتشددة" في هيكلة المنتجات التي تخالف المسار العام للمستثمرين المسلمين من آسيا. وعلى الرغم من نبرة التحفظ، التي أظهرتها مازنة، على مثل هذه الطلبات إلا أن مؤسسات المال الآسيوية تبدو "مجبورة" على تلبية هذه الطلبات سعيا وراء السيولة النفطية. إلا أنها ألمحت إلى أن هؤلاء المستثمرين الشرق أوسطيين يدفعون ثمن هذه السياسة "المتحفظة" عبر الحصول على عوائد "متدنية للغاية" مصحوبة بخطورة "عالية".
البداية
كانت مازنة تتحدث في جلسة تضم كبار مديري الصناديق الآسيويين عندما قالت إن مؤسستها المصرفية "تدرك أن هناك تنوعاً كبيراً في وجهات النظر الشرعية لدى عملائهم, وعليه فهم "يفصلون"منتجاتهم لجعلها تتناسب مع مواقفهم الشرعية (تقصد عملاءهم العرب). وتتابع "فمن الممكن أن يكون لدينا منتجات مختلفة للمستثمرين السعوديين، الذين يعدون أكثر تشدداً بشأن امتثال الأدوات الاستثمارية للشريعة مقارنة ببقية العالم، أو مقارنة بالمستثمرين المسلمين في آسيا على سبيل المثال، الذين يغلب عليهم أن يكونوا أقل تشدداً وأكثر تحررا في هذا الشأن".
الشرق أوسطيون بدل السعوديين
إلا أن مازنة، التي تمتلك خبرة 20 سنة في إدارة الصناديق، فوجئت هي ومنسوبو شركتها، التي كانت ترعى المؤتمر، بسؤال "الاقتصادية" حول ما قصدته عندما وصفت السعوديين بـ "المتشددين"، لتستعيض بعد ذلك بعبارة "الشرق أوسطيين" في ثنايا إجابتها التي ذكرت فيها أن بعض هؤلاء المستثمرين هم في "غاية التشدد"، كررتها ثلاث مرات، حول المنتجات الاستثمارية التي نضع فيها سيولتهم، حيث إنهم لا يفضلون "إلا الأدوات الاستثمارية القائمة على المرابحة في السلع من مؤسسات مالية معينة".
جدل المؤشرات الإسلامية
وكشفت مازنة بعض التفاصيل حول ما تعانيه مؤسستها من عدم اعتراف بعض المستثمرين الشرق أوسطيين بآلية عمل بعض المؤشرات المالية العالمية الإسلامية وتفضيلهم مؤسسات المال الخليجية التي تقدم خدمات المؤشرات الإسلامية وتتمتع بمجلس شرعي "متحفظ"، مقارنة بالمؤشرات العالمية "المفصلة" لتناسب "عامة" المستثمرين المسلمين والغربيين. حيث تقول "من منظور الأسهم، نرى أن المستثمرين الإسلاميين "بصورة عامة" يقبلون على معظم شركات الأسهم الداخلة في المؤشرات الإسلامية المعروفة، مثل مؤشر داو جونز الإسلامي، على اعتبار أن هذه المؤشرات لديها مجالسها الشرعية الخاصة بها. ولكن هناك بعض المستثمرين الإسلاميين "المحافظين" الشرق أوسطيين، الذين لا يقدرون حتى، تقولها وهي مستغربة، على قبول فكرة الاستثمار في جميع شركات الأسهم الموجودة مع هذه المؤشرات".
المعايير الصارمة
وتواصل مازنة في سياق إجابتها المسهبة عن سؤال "الاقتصادية" شرح أدق التفاصيل التي يطالب بها بعض المستثمرين العرب، حيث تقول "هؤلاء المستثمرون الشرق أوسطيون لديهم معاييرهم الخاصة، وهي معايير يمكن أن تكون "صارمة"، من المنظور الكمي للنسب المالية التي تبين ما هو مقبول، حيث ينظرون في التقارير السنوية لنشاطات الشركات على أساس نوعي. المستثمرون الذين على هذه الشاكلة (تقصد بعض الخليجيين) يواجهون تحدياً، على اعتبار أن معظم المنتجات في العالم مصممة لتكون مقبولة بصورة "عامة" لدى المستثمرين كافة (أي الأغلبية منهم). وتواصل" بالتالي فإن المستثمرين من ذوي النزعة "المحافظة" لا يوجد بالنسبة إليهم ما يكفي من الأدوات الاستثمارية، ونتيجة لذلك يغلب عليهم الاستقطاب، إما نحو الاستثمارات قصيرة الأجل ذات العوائد المتدنية للغاية، أو الاستثمارات التي لا يسهل تسييلها، التي تتسم بقدر أعلى من المخاطرة، مثل الأسهم الخاصة. ولكن هناك نسبيا عددا قليلا من الأسهم التي تفي بالمتطلبات الشرعية لهؤلاء المستثمرين، وبالنظر إلى صغر قيمة هذه الأسهم ، فإنه يتعين علينا أن نستخدم قدراً أكبر من التقنيات المبتكرة، في سبيل توليد عوائد من هذه الاستثمارات".
محدودية الموارد
وعن المجالس الشرعية الخاصة بشركات مؤشرات الأسهم الإسلامية التي تقدمها بعض مؤسسات المال الخليجية، تقول مازنة "ربما يضع المجلس الشرعي قواعد إرشادية التي تجعل المستثمرين الخليجيين يواجهون قيودا من حيث الموارد، حين نقوم باستعراض عالم الأسهم الشرعية المتاحة لهم, وعليه فهذه العملية تستغرق وقتا طويلا، بالنظر إلى محدودية الموارد، ولا سيما من حيث الحصول على إجازة شرعية للأسهم التي يتم اختيارها والتي تتوافق مع متطلباتهم الشرعية المحافظة للغاية. هذه المتطلبات أمر لا بد من التمسك بها من قبل هؤلاء المستثمرين, وبالتالي فإننا نقبل بجميع هذه الصعوبات لأننا نفهم ونعتقد أنه حتى في هذا العالم الضيق من استثمارات الأسهم المتاحة، فإن باستطاعتنا إضافة القيمة". ومع هذا فقد ذكرت الخبيرة الماليزية أنه على الرغم من هذه الصعوبات التي يعانونها في إدارة تلك الصناديق، إلا أن معايير الخليجيين "المتحفظة" نجحت في تجنيب تلك الصناديق شراء أسهم الشركات التي عليها ديون عالية "على اعتبار أن المعايير الأكثر تشدداً ربما تكون قد ضمنت اختيار مجموعة من الأسهم ذات قدر أقل من المخاطر".