تطبيق برنامج الخزن الاستراتيجي على قطاع المياه
تطبيق برنامج الخزن الاستراتيجي على قطاع المياه
د. سليمان بن عبدالله الرويشد
بتدشين مشروع القصيم منذ عدة أسابيع تكون منظومة الخزن الاستراتيجي في المملكة للوقود المكرر قد تكاملت، فهذا البرنامج الذي تأسس في عام 1408ه جاء إجراءًً احترازياً هدف من ورائه إلى استخدام نظام آمن يكفل حماية المنتجات النفطية وتأمين احتياجات القطاعات الهامة والحيوية منها في أوقات الأزمات والطوارئ بنفس الكفاءة التي تتوفر في أوقات السلم، فالمنشآت النفطية عادة ما تكون عرضة لأعمال التخريب أو الكوارث الطبيعية، لذا جاءت ضرورة التفكير في استخدام هذا النظام الآمن لتوفير المنتجات النفطية بشكل دائم لجميع المرافق الحيوية تحت مختلف الظروف.
وقد روعي عند تنفيذ هذا البرنامج إنشاء مواقع تخزين آمنة وذات سعة استيعابية كبيرة مدعومة بشبكات أنابيب متكاملة يمكنها الوفاء بمتطلبات جميع مناطق المملكة، وتفادي أي نقص يؤدي إلى الإخلال بالعملية الانتاجية، لذا وبناء على دراسات دقيقة لاحتياجات كل منطقة من مناطق المملكة من المنتجات النفطية وقع الاختيار على خمس مواقع استراتيجية قريبة من كل من الرياض وجدة وأبها والمدينة المنورة وبريدة، لتلبية احتياجات كل منها والمدن المحيطة بها من الوقود المكرر وزيوت التشحيم، وتم تجهيز كل موقع من المواقع الخمسة بمناطق تخزين تحت الأرض، ومرافق مساندة فوق الأرض، مدعومة بشبكة من الأنابيب لربط المواقع تلك بمراكز الانتاج والتوزيع كما تم انشاء مختبر معملي مزود بالأجهزة والمعدات اللازمة بموقع مدينة الرياض وذلك للتأكد من جودة المنتجات وعدم تغير خصائصها بمرور الوقت، وقد جرى التعاقد في هذا الشأن مع شركات تنفيذ سويدية وعالمية تمتلك خبرة طويلة في مجال تخزين المنتجات النفطية تحت الأرض، أما تنفيذ مشاريع هذا البرنامج فتم على مراحل كانت أول مرحلة هي مشروع الخزن الاستراتيجية في الموقع القريب من مدينة الرياض، الذي انتهى في عام 1420ه، وسلم حينها لشركة أرامكو السعودية لتتولى تشغيله وصيانته، وآخر تلك المشروعات هو المجاور لمدينة بريدة في منطقة القصيم الذي دشن منذ عدة أسابيع.
إن محطات الخزن الاستراتيجية تلك قادرة بعد توفيق الله على توفير الوقود للمناطق التي توجد فيها لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى عام كامل، والمنتجات النفطية التي توجد بها يتم تدويرها عبر تداولها في الأسواق الاستهلاكية المحلية، وتعويض الفاقد منها عبر خطوط الإمداد من مراكز الانتاج، وبالتالي تعمل هذه المحطات الخمس بعد أن اكملت منظومتها في رفع كفاءة امدادات الطاقة بالمملكة وتوفير الوقود في أوقات الذروة والأزمات.
لذا يطرح استفسار عن مدى امكانية تبني منهجية هذا البرنامج في قطاع المياه الذي لا يقل عن أهميته وحساسيته بالواقع لدينا في المملكة عن قطاع الطاقة، ومدى الحاجة الماسة إليه في أوقات الذروة والأزمات التي نراها تتكرر سنوياً في كل موسم صيف، وغيرها من المواسم المنتظمة في معاودتها مثل مواسم الحج والعمرة ونحوها، واحتمال تعرض مصادر انتاج هذا المورد الهام للحياة والتنمية الاقتصادية من آبار ومحطات تحلية أو خطوط النقل لها للكوارث الطبيعية أو الانكسارات أو التخريب لا قدر الله، أو حتى للاجراءات الاعتيادية كأعمال الصيانة الدورية ونحوها، فهل يمكن تطبيق هذا البرنامج على مواردنا المائية الشحيحة في مصادرها وتوفير موارد لمحطات الخزن الاستراتيجي للمياه من الداخل والخارج على حد سواء.
٭ أكاديمي وباحث في اقتصاديات التنمية الحضرية
|