موضوع يستحق الوقفه فهناك تعارض واضح للتوجهات بخصوص عمل المرأه في السعودية.
فهذا رجل الأعمال الكبير "حسين قزاز" صاحب محلات العطور المعروفة استجاب لنداء الدولة، وانصاع لقرار مجلس الوزراء الذي ينص على تشغيل السعوديات في محلات بيع الأغراض الخاصة بالنساء، ووظف لهذا الغرض خمسين فتاة سعودية كلف الشيخ قزاز بناته بمقابلتهن واختيارهن قبل التوظيف، وخصص في معارضه بمدينة جدة دوراً في كل معرض لهؤلاء الفتيات البائعات بحيث لا يدخل هذا الدور سوى العائلات، ومر نحو شهرين على توظيفهن وعملهن، الذي كان مصدر سعادة لهن سيما ومعظمهن في أمس الحاجة للريال، وكان مصدر ارتياح للعائلات التي ترتاد معارض القزاز إذ وجدت النساء من لا يخجلن منه، ولا يخفن على عرضهن عندما يطلبنه لبساً داخلياً أو عطراً أو أدوات زينة، لقد وجدت النساء نساءً مثلهن، ووجد القزاز أنه باطمئنان نفذ أوامر وتطلعات الدولة التي بطبيعة الحال لا يمكن أن تتناقض مع الإسلام بسماحته ووسطيته، لكنه فوجئ أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجدة لا تقره على ما فعل، بل وتجبره على فصل البنات الخمسين كلهن دفعة واحدة، حاول المسؤولون في شركة القزاز التفاهم مع الهيئة لكن لا فائدة، فلم يكن من حل سوى الإذعان، وفصل البنات اللواتي سقط عدد منهن في غيبوبة، خاصة واحدة أمها مطلقة وإخوتها أطفال، وأخرى أبوها مشلول وهي عائل الأسرة الوحيد، وثالثة يتيمة حفيت قدماها وهي "تشحذ" لأسرتها من الجمعيات الخيرية والمحسنين على مدار سنوات، ورابعة وخامسة.. وهكذا أصبح البنات الخمسون كلهن في الشارع، لأن هناك فهماً للدين لدى هيئة "جدة" يختلف عن فهم الدولة التي أصدرت قرارات تشغيل المرأة من مجلس وزرائها، ولأن سلطة الهيئة فيما يبدو أقوى من غيرها حدث هذا وسيستمر حدوثه طالما أننا نقرأ عن محاكم التفتيش في عصور الظلام الأوروبية ولا نتعظ، ولا نقارن ما يحدث بين أظهرنا بما حدث في ذاك الزمان الأغبر.
* نقلا عن صحيفة "الوطن" السعودية