آه يا زمن
نلقي اللوم عليك .. ونعاتبك .. ونحملك شيء ليس لك ذنب به
مسكين يا زمن
الكل يحملك أخطاءه ويلوم عليك وكأنك السبب فيما يجري عليه
فالزمن من خلقت الأرض هو نفسه لم يتغير به شيء
فالليل هو الليل .. والنهار هو النهار .. والوقت هو الوقت ..
لم يتغير به فكل شيء كما هو ..
فما يتغير بالزمن أحدسوانا
نعم البشر هم الذين يتغيرون
يزيدون وينقصون .. ويسرحون ويمرحون
ولايفكرون إلا بالملامة عليك يا زمن وإلقاء أخطائهم على عاتقك
فكثيراً ما تترد على مسامعنا مقولة الزمان القديم أفضل من الزمان الحديث.
فكيف تكون المفاضلة على شيءواحد ؟
فالزمن كما هو لم يتغير..
ولكن التي تغيرت أنفسنا ومبادئنا وعاداتناالحميدة .. هذه هي الأشياء التي تغيرت والكل منا يحاول إنكارها والابتعاد عنها خوفه الملامة ..
ففي السابق تجد الأهل في بيت صغير يضمهم جميعاً .. والسعادة تملئ ذلك البيت الصغير البسيط في بناءه والكبير في المعاني والقيم التي يحملها بين أروقته والتي الكثير منا لا يدركها في ذلك البيت
ففي ذلك البيت تجد القلوب على قلب واحد سعادتهم واحده وهمهم واحد جميعهم يسيرون في نفس مصير فردهم روح الأنانية معدومة بينهم ..
حتى في الأحياء في ذلك الزمان تجد من يسكنونها وكأنهم في بيت واحد وأسرةُُ واحده فتجدهم جميعاً متكاتفين متعاضدين دوماً مع أن أغالبيتهم لا يمتون لبعض بصلة قرابة ولكن كانت وقفتهم وفقت رجل واحد ..
لان المشاعر السامية هي رابطهم وروح الإخاء والإيثار شعارهم
رغم ضيق الحال بهم
وبساطة حياتهم
وبدائية التقنيات ليدهم أو انعدامها إذا صح الحديث إلاأن الصلة والروابط بينهم قوية جداً ..
أما في زمننا هذا
كبرت مساحات المنازل وكبرت الفجوة بين أهلها
فتغير ذلك البيت الصغير إلى بين أكبر وتباعدت قلوب أهله وانعدمت المشاعر بينهم .
أصبح البيت لا يحتمل إلا الأب والأم والصغار .
أما الكبار فالكل ينتظر فرصه خروجه من ذلك المنزل حين زواجه والابتعاد عن أهله والسعي وراء رزقه وملا ذاته متناسياً أغلى ما لديه ومن لهم الفضل بعد الله في الوصول إلى ما وصل إليه.
فالكل أصبح يفكر في مصلحة نفسه وتجاهل غيره حتى أهله وإخوانه الغالبية من البشر يتجاهلونهم خوفاً على من تعطيل مصالحهم فروح الأخوة انعدمت بين الدم والواحد فكيف بها بين الناس الذي لا تربط بينهم أية صله.
فروح الإخاء الإيثار التي أوصى بها المصطفى عليه السلام انعدمت في زمننا.
فالنفوس تغيرت والقلوب تباعدت وجسور التواصل بين البشر تحطمت
فالبيت الواحد أصبح بيوت ولكن في سور واحد
والحي الواحد تحول إلى أحياء ولكن تحت ضل مسمى واحد
والقرية أصبحت مدينه
والمدينة أصبحت دولة
فأصبح الجار لا يعرف جارة ولا على أية حال هو
والأخ لا يعرف أخاه إلا إذا أحتاج إليه
فأصبحت المصالح تحكم علاقتنا مع أقرب الناس إلينا بدل المشاعر
والكثير من البشر اتخذ مبدء
( نفسي ومن ورائيالطوفان)
رغم ما ننعم به من رغد العيش والتطور
ولكن هذه النعمة وهذا التطوردفعا بنا إلى الأسوأ من ناحية العلاقات والروابط الإنسانية فأصبحنا كالـــ.......... نفكر في الغلبة دائما
ونخشى الخسارة وإن كانت على حساب مشاعر غيرنا ..
ففي السابق زمن
والآن نعيش زمن
وكلها أزمان ولم يتغير في تلك الأزمان أي شيء
إلا نحن
فكيف بنا أن نلقي اللوم على الأزمان ونفضل زمن عن زمن أخروالزمن هو نفسه ولم ينقص ولم يزد.
فالزمن هو الزمن ولكن نحن المخطئون الحقيقيين في ما يحدث في الزمن
فآه عليك يا زمن كم أنت مسكين لم يشعر بك أحد من البشر .. وفوق عدم إحساسهم بك
لم يعتقوك من ظلمهم
وتحميلك أخطائهم
فكم تحملت يا زمن
وكم سوف تتحمل ..
نقلتها لكم من هناك
أتمنى من الله أن تنال على إعجابكم