على شركات الطيران الهبوط إلى أرض الواقع

[مخاوي الليل]

على شركات الطيران الهبوط إلى أرض الواقع


تمر شركات الطيران الآن بحالة لا بد أنها تطلق عليها الاضطراب الاقتصادي. الهبوط الاقتصادي يجعل شركات الطيران تقتصد في رحلاتها، ويجعل السياح يبقون في مساكنهم، ويجعل حجم النقل الجوي التجاري في تناقص. أنطونيو تاجاني، المفوض الأوروبي لشؤون النقل، يريد تعليق الشرط الإلزامي الذي يفرض على شركات الطيران استخدام أماكن الهبوط المخصصة لها بنسبة لا تقل عن 80 في المائة من الوقت، حتى يحول دون تدهور أحوال هذه الشركات. من رأينا أنه يجدر به أن يسحب اقتراحه. النظام البيزنطي في إدارة أماكن الهبوط المخصصة لشركات الطيران بحاجة إلى إصلاح، لكن تعليقه يجعل الأمور أسوأ حتى من ذي قبل.
إدارة أماكن الهبوط المخصصة أمر في غاية التعقيد، إلى درجة أنه يجعل تسعير تذاكر الطيران يبدو أمراً هيناً. المطارات المهمة في أوروبا تعاني من ضيق في أماكن الهبوط، ما يعني أنه لا يوجد عدد كاف من أماكن الهبوط للوفاء باحتياجات المسافرين من الرحلات الجوية. ويعتبر مطار هيثرو في لندن من الحالات المتطرفة، لكن المطارات الأخرى، مثل مطار أورلي في باريس ومطار ليناته في ميلانو، تتعرض لضغط الطلب في أوقات الذروة.
الحل المنطقي لهذه المشكلة هو طرح أماكن الهبوط للمزاد، على نحو ما يحدث في طيف الموجات الجوية والموارد الطبيعية الأخرى المحدودة. لكن الذي يحدث بدلاً من ذلك هو أن المجال الجوي الأوروبي يتم الوصول إليه عبر متاهة من حقوق الهبوط المخصصة للشركات الكبيرة التي تكون معفاة من الأنظمة الجديدة (أي شركات الطيران الوطنية القديمة)، وعبر أسواق مشبوهة للتداول في أماكن الهبوط.
القاعدة التي يريد تاجاني تعليقها تعمل كثِقَل يوازن الميزات التي تتمتع بها شركات الطيران الوطنية. فإذا كانت شركة الطيران التي تمتلك أماكن هبوط معينة تستخدم أقل من 80 في المائة من الوقت، فإن هذه الأماكن تعود إلى مجموعة تستطيع خطوط الطيران الأخرى اقتناصها. هذا المورد النادر له قيمة عالية للغاية إلى درجة أن شركات الطيران تقوم بتسيير رحلات جوية شبه خالية للحصول على هذه الأماكن الجذابة. لكن إذا استثنينا الحوافز المنحرفة، فإن هذه القاعدة تمكن شركات الطيران الجديدة من التنافس. لا بد من وجود المزيد من التنافس، لكن الأماكن المخصصة (المعفاة من الأنظمة الجديدة) تخفي بداخلها كميات هائلة من الدعم الحكومي، كما يتضح من أسعار التداول، إذ دفعت شركة كونتنتال 209 ملايين دولار للحصول على أربعة أماكن مخصصة للهبوط في مطار هيثرو.
الرياح الاقتصادية العنيفة التي تهب في الفترة الحالية تجعل الالتزام بالقاعدة المذكورة (استخدام أماكن الهبوط حسب المعدل المقرر أو أنها ستُسحب من شركة الطيران إن لم تفعل) أمراً مكلفاً أكثر من ذي قبل. لذلك لا نستغرب من أن بعض شركات الطيران، مثل شركة الخطوط الجوية البريطانية وشركة لوفتهانزا ترحب بالتعليق المقترح. لكن شركات الطيران الجديدة ذات التكاليف المنخفضة (وبعضها يسيل لعابه من إمكانية توافر أماكن هبوط جديدة) تعارض تعليق القانون.
قرار التعليق الذي يريد تاجاني أن يمد به يد العون والمساعدة للصناعة يبدو أقرب منه إلى كونه محاولة لتخفيف الضغط التجاري على شركات الطيران الوطنية لتحسين خدماتها. شركة الطيران التي تحتاج إلى الدعم الحكومي للاحتفاظ بمكان مخصص للهبوط تتدافع الشركات المنافسة للحصول عليه، تستحق أن تخسر هذا المكان.
قاعدة "إما استخدام المكان أو فقدان هذا الامتياز" ليست أكثر القواعد ديناميكية. إذا تم إجراء إصلاح شامل مناسب لسياسة الاتحاد الأوروبي حول قواعد الطيران، فسيكون من شأن هذا التخلص التام من الامتيازات الموروثة لشركات الطيران الوطنية. وإلى أن يحدث ذلك، فإن هذه القاعدة الثقيلة وغير المريحة هي ثمن يستحق أن تدفعه شركات الطيران للحؤول دون انطلاق التشوهات القبيحة.