"المخترعات السعوديات" يطالبن الجهات المعنية بتبني اختراعاتهن

[مخاوي الليل]

"المخترعات السعوديات" يطالبن الجهات المعنية بتبني اختراعاتهن



تحقيق- ابتهال السامرائي:
هناك ثلاثين اسم مسجل في قائمة المخترعات السعوديات لدى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية منذ عام 1417ه، حصلت ثلاثة منهن حتى الآن على براءة اختراع.
لقد ظهرت في الآونة الأخيرة أسماء كثيرة لمخترعات سعوديات من مختلف الأعمار ممن تمكن من الاستفادة من علمهن لإثراء المجتمع والاستجابة لاحتياجاته رغم معوقات كثيرة على رأسها ضعف ثقافة الاختراع، وقلة مصادر البحث العلمي، وعدم وجود جهات تمويلية كافية تتبنى تنفيذ مشاريع المخترعات.

ضعف مصادر البحث العلمي:
تحدثنا مع الدكتورة إيمان كامل الدقس، وهي دكتورة في كلية الطب من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، تحدثنا معها عن اختراعها الذي حصلت على براءة اختراع عليه قبل أسبوعين فقط. المخترع عبارة عن منتج للقضاء على البكتيريا العنقودية، وهو مقاوم للبكتيريا التي تتكون على الجلد نتيجة الحروق والجروح، وخاصة لمرضى السكر. حيث تم استجابة الجلد للعلاج في فترة قياسية تتراوح ما بين خمس إلى سبعة أيام، وفي تكلفة تقل كثيرا عن تكلفة المضادات الحيوية.
تقول الدكتورة إيمان إن فكرة وتنفيذ الاختراع هذا بدأ منذ 11عاما، كرسالة دكتوراه، قامت خلالها بإجراء البحوث والدراسات اللازمة والتجارب العلمية. ثم قامت بالحصول على تصريح من وزارة الصحة لدراسة تأثير العينة الطبية على المرضى في عدد من مستشفيات المنطقة الغربية، حيث أجرت التجارب على مرضى في مستشفى الملك فهد في جدة، ومستشفى الولادة وبعض المستشفيات الخاصة. ولكن بسبب ضعف ثقافة البحث العلمي والاختراع، واجهت الكثير من الصعوبات والتأخير في إجراء الاختبارات على المرضى، فالوقت الذي كان محددا لدراسة العينة يتراوح ما بين ثلاثة إلى أربع شهور، ولكنه امتد إلى عام ونصف العام . بلغ حجم العينة فيه إلى 35، بينما الخطة الأصلية كانت اخذ ما يقارب الخمسمائة عينة.. ولكن ما يهم أن التجارب أثبتت فاعليتها، واستجاب المرضى للعلاج سريعا. من ناحية أخرى فقد كانت تكلفة البحوث العلمية للاختراع مرتفعة، كلفت ما يقارب 500ألف ريال ما بين عينات وتجارب وسفر وغيرها من المصاريف، حيث كانت الأسرة أكبر داعم لها، بالإضافة إلى دعم جامعة الملك سعود التي ساعدت بمبلغ 24ألف ريال لانجاز المشروع.
وتضيف الدكتورة إيمان بأنها تقدمت بطلب براءة الاختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قبل عامين ونصف العام ، وهي متحمسة لحصولها على البراءة مؤخرا لأنها ستقدم الكثير في مجال العلاج الطبي.

التسويق الصحيح للاختراع سيحسب للمملكة
من ناحية أخرى، فقد أخبرنا أخوها الدكتور وليد الدقس أنه من المهم في هذه المرحلة الاستفادة من هذا الاختراع على مستوى العالم العربي والإسلامي ككل، لأنه سيحسب للمملكة في حال التسويق له بالشكل المطلوب، كما أن الدكتورة إيمان تعتبر العالمة الأولى على مستوى العالم في اكتشاف علاج من هذا النوع. وهناك الكثير من الحالات المنتشرة سواء في المملكة أو خارجها ممن يعانون من هذا النوع من البكتيريا، كما أن هناك أطفالاً يولدون وهم حاملون لهذا النوع من البكتيريا التي تحتاج للعلاج. تتطلع الدكتورة إيمان في هذه المرحلة إلى أن تتبنى شركة صادقة ومدعومة من الحكومة، تتبنى اختراعها للتسويق له بشكل نظامي وموثوق فيه، لكي يستفيد منه العالم، ويحسب للمملكة.
الجدير بالذكر أن مي الدقس، شقيقة الدكتورة إيمان، أيضا لديها ثلاثة اختراعات، أولها جهاز طوارئ يكشف عن تسرب مياه الصرف الصحي، والمشط السهل للاستخدام السائل ومنتج طبيعي للأمراض الجلدية، وقد تقدمت بطلب الحصول على براءة اختراعات لدى المدينة وما تزال بانتظارها.
عائلة من المخترعين:
التقينا أيضا بالمخترعة الشابة هدى بنت خالد آل رشيد، وهي طالبة في السنة التحضيرية في الكليات الصحية في الجامعة،وتنتمي لأسرة من المخترعين. التقطت هدى موهبة الاختراع من والديها، فوالدها هو المخترع خالد بن مهدي آل رشيد، والذي أوجد نظاما لحماية البيئة من خلال التخلص المحمود من بقايا الطعام من المنازل والمطاعم والفنادق، أما والدتها فهي المخترعة أمل الدوسري ، وابرز اختراعاتها، جهاز خاص للمراقبة عن بعد، وحافظة طعام مزودة بصينية فرن يتم استخدامها بطريقة مزدوجة. تقول هدى إن والدها هو الذي شجع العائلة كلها على التوجه نحو الإبداع والاختراع من خلال تشجيعه المستمر على طرح أفكار وتطويرها. وكانت إحدى مشاريع العائلة هي انجاز اختراع خلال عام، وبدأت أفراد العائلة المكونة من ابنتين وأربعة أبناء، بدأت بطرح وتدوين الأفكار ومناقشتها في مجلس العائلة، بعضها كان جيدا وبعضها غريب. إلى أن تمكن كل فرد من أفراد الأسرة من تصميم اختراعات مختلفة، سجل معظمها لدى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. وقد كان اختراع هدى عبارة عن ماسك أقلام يحمل عدة اسطوانات لجمع الأقلام مع بعضها واستخدامها بالتناوب،وقد تقدمت بطلب براءة الاختراع لدى المدينة منذ سنتين. تقول هدى بأنها شاركت بعدة ملتقيات منها الملتقى الرابع في الدمام والخامس في القصيم. وقد قدمت لها الأسرة أكبر دعم معنوي ومادي للاستمرار في هذا التوجه. وهي تستعد حاليا للالتحاق في كلية الطب، تخصص طب بشري، حيث ستستخدم مهاراتها في الإبداع والاختراع في المجال الطبي.

تنمية ثقافة المخترعين:
أجرينا حوار أيضا مع والدة هدى، المخترعة أمل محمد العجالين الدوسري، وهي حاملة لشهادة البكالوريوس في القانون التجاري. تقول أمل إنه من الضروري أن تنمي الأسرة ثقافة الاختراع لدى أبنائها، فمهما كانت الأفكار بسيطة، إلا أن إعطاء قيمة لها ستساعد على تنشئة الأبناء على ثقافة الاختراع، ووضع حلول عملية للمشاكل التي يواجهونها في مجتمعهم. كما أنها تمرين للمخ، لكي لا ينشأ الأبناء على التسليم والاستسلام للمعوقات. تضيف أنها وزوجها بدآ بهذا التوجه منذ ثماني سنوات، عندما تمكن زوجها المخترع خالد آل رشيد باختراع جهاز لتنظيف العلامات العاكسة على الطرق والإشارات الفسفورية في الشوارع، وذلك ضمن نطاق عمله. واستطاع أن يحصل على براءة اختراع له من مكتب براءات الاختراع في مجلس التعاون الخليجي. بدأت العائلة تتوجه نحو تنمية أفكار الابتكار.
تمكنت الأسرة لاحقا من التميز في توجهها هذا، حيث حصلت على ثلاث جوائز عالمية، احدها للوالد، وهي عبارة عن ميدالية فضية من معرض جنيف العام الماضي، لاختراع جهاز تنظيف العلامات العاكسة، وحصولها هي على جائزة wipo من جنيف أيضا، للاختراع النسائي. وحصول احد أبنائها على جائزة ifa لأصغر مخترع، حيث كان عمره تسع سنوات. ثم حصلت أسرة آل رشيد على جائزتين محليتين، احدهما ميدالية فضية للوالد، والأخرى ميدالية برونزية لابنها مشعل. كل هذه الجوائز كانت بمثابة دعم معنوي مهم، ساهم في تشجيع الأسرة نحو مزيد من الإبداع والاختراع. تضيف أمل بأن الدعم الكبير يأتي من الأسرة والأهل والأقارب، كما أن مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين تقدم دعما معنويا أيضا من خلال تنظيم لقاءات ومعارض يتم عرض الاختراعات فيها وتقديم جوائز عليها، ولكن الدعم المادي يبقى صعبا على المؤسسة. وتتمنى لو تستطيع المؤسسة تقديم دعم مادي ولو عن شكل قروض، يتم تسديدها عند تسويق وبيع الاختراع.

الحاجة إلى جهة تتبنى المخترعين:
ولعل أكبر مشكلة يواجهها المخترعون في السعودية هي طول فترة صدور براءة الاختراع، فهي قد تمتد لثماني او تسع سنوات على أقل تقدير. كما أن مدينة الملك عبد العزيز تقوم بحماية الاختراع لمدة عام فقط، بعدها يسقط حق المخترع بحماية اختراعه، وهذا يحبط المخترع، بينما لو تم تسجيله، واستخرجت له البراءة في فترة قصيرة- كما يحدث في جهات خارج المملكة، فذلك سيدفع المخترع إلى مزيد من الابتكار والإنتاج.
وعن تكلفة تسجيل براءة الاختراع، توضح أمل أنها في مدينة الملك عبد العزيز تقدم سعراً معقولاً، يتراوح مابين 3000إلى 7000ريال -وهو ما شجع الأسرة لتسجيل اختراعات أبنائها، بينما في مكتب البراءة في مجلس دول التعاون، يتراوح طلب التسجيل ما بين 20000إلى 30000ريال. أما في مكاتب البراءة في أمريكا، فقد يتراوح مابين 150.000إلى 200.000ريال. وهي مبالغ ضخمة لا تستطيع أي أسرة توفيرها. وتتمنى أمل أن تكون هناك جهات تدعم المخترعين بشكل أكبر، فمؤسسة الملك عبد العزيز تقدم دعما للموهوبين، ولكن عندما يتطور هؤلاء الموهوبون ويتحولون إلى مخترعين، فمن سيحتويهم ويستمر في دعمهم؟ ولذا تقترح أن تكون هناك جهة تعنى بالمخترعين بشكل خاص.