الموظف أم العاطل؟
سحر الرملاوي
عندما صوت أعضاء مجلس الشورى بالإجماع على رفض السماح لموظفي الدولة بالعمل التجاري الحر حمدت الله كثيراً، فبرغم أنه قرار قد يغضب الموظفين ولكنه يصب في المصلحة العامة، فمن المعروف أن العمل الحر للموظف سوف يستفيد كثيراً من موقعه في الوظيفة ثم من موقع أصدقائه وستتحول الدولة بمرور الوقت إلى قطاع خاص كبير يحتوي القطاع العام ويهيمن عليه، والضحية الأساسية لهذا التحول ستكون المواطن العادي ذو الدخل المحدود وهو طبعاً السواد الأعظم والنسبة الأكبر من السكان، وإن كنا طبعاً لا ننكر أننا نسمع أن هناك كثيرين من موظفي الدولة يقومون بعمل إضافي لتحسين دخولهم ولكنه يظل عملاً مشمولاً بالحذر بمعنى أن الموظف يحرص على أن يكون مجال عمله الإضافي بعيداً عن عمله الحكومي كما أنه يحرص ما وسعه على عدم الاستفادة من عمله الحكومي في خدمة عمله الإضافي حتى لا يلفت إليه الأنظار ولذا فإن من يستطيع أن يعمل عملاً إضافياً من موظفي الدولة لا يسبب ضرراً كبيراً طالما هو نفسه يخشى من الاكتشاف، أما إذا أصبح الأمر موافقاً عليه رسمياً ومعلناً فإن أسوأ الأمور ستقع، سوف يسعى كل موظف إلى استقطاب المناقصات الحكومية لمكتبه الخاص ولشركات يتعامل معها هو من الباطن وسوف يستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من المعلومات المتاحة حول تعاملات مؤسسته الحكومية مع مختلف القطاعات الخاصة من مقاولات وصيانة واستشارات إلكترونية إلى التعهدات التموينية والصحية والأزياء الرسمية وغير ذلك.
و الحقيقة أنني لا افهم كثيراً لماذا طرح هذا الموضوع للتصويت أصلاً، فمنذ عهد بعيد والموظف الحكومي يخلق لنفسه ما يناسبه من طرائق لتحسين دخله وفق أخلاقه وضميره، فهناك المرتشي وهناك الخائن وهناك النزيه الذي لا يقبل بالرشوة أو الخيانة مهما كانت حاجته وهم كثر بفضل الله ولقد ركبنا في طريق العودة من مكة إلى الرياض مع موظف في وزارة العدل يعمل في الإجازات على سيارته الخاصة بنقل الزبائن لتحسين دخله، ومثله كثيرون تذخر بهم المناطق خاصة في مواسم الحج والعمرة والإجازة الصيفية، ناهيك عمن يعملون في مشاريع خاصة باسم زوجاتهم أو أولادهم، المقصود هو أن الموظف له وظيفة تعايش معها وتعايشت معه وإذا كان بحاجة لتحسين دخله فهو سيختار الطريقة أما من ينبغي التفكير به فهو العاطل عن العمل وليس لديه مورد رزق، هو من يحتاج إلى أن نصوت على تدريبه وتوظيفه وتنفيذ مشاريع جديدة لاستيعابه ليصبح ضمن منظومة العطاء رقم ضمن العدد الكبير وليس مجرد صفر على يسار الرقم الوطني.
[email protected]