الطراز المعماري القديم لمدينة جدة يعتبر الطراز المعماري القديم لمدينة جدة تراث حضاري يحكي تاريخ هذه المدينة العريقة وأهلها ، كما أنه يعكس جوانب كثيرة من أهمها الطابع الاجتماعي والطابع الديني (الشريعة الإسلامية) وطبيعة الموقع، والمناخ,,, وغيرها من الظواهر والظروف, فجدة كمدينة عربية تأثرت كغيرها من المدن العربية بالطابع العربي مثل العصبية فكانت البيوت المتلاصقة, والكرم فيقتضي الأمر تخصيص مكان للضيف, والطابع الديني، ويتطلب الغيرة على الشرف فيتستر البيت على جنحات أهله.وعلينا ان نشير إلى أن للموقع الجغرافي لمدينة جدة أثره في اختيار المواد المستخدمة للبناء، حيث أستخدم أهل جدة صخور المرجان (الكاشور الجيري) والطين من بحيرة الأربيعين ورواسب الشاطئ السلتية, والأسقف من الخشب وسعف النخل. وفي هذا الموضوع سوف نتكلم عن الطراز المعماري القديم لمدينة جدة.المباني القديمة في مدينة جدة تزخر حواري جدة القديمة " الشام والمظلوم واليمن والبحر " بالعديد من المباني الأثرية القديمة التي لا يزال بعضها قائماً حتى يومنا هذا .طريقة بناء بيوت جدة : أو ما يعرف الآن عند أهل جدة ببيوت البلد بنيت هذه البيوت من الحجر المنقبي الذي كان يستخرجه متخصصين في هذا المجال بطريقة معينة وبمهارة عالية من أماكن متفرقة من بحر الأحمر مثل بحيرة الأربعين بأحجام كبيرة، ثم يتم معالجته او قصه بالآلات الحادة يدوياً حسب المقاسات التي يريدونها ( وهي ما تسمى بالشاحوطة ) مع إستخدام الأخشاب ( كشجر الدوم والخشب الجاوي ) التي كانوا يجلبونها من المناطق المجاورة كوادي فاطمة و البعض كانوا يستوردونه من الخارج خاصة مثل الهند و كانت تحمله السفن إلى ميناء جدة وسعف النخل والطين لسقف البيت.و كانت طريقة البناء تتمثل في أن يقوم المعلم أو البنا برص الأحجار في صفوف فوق بعضها البعض بإستخدام الميزان أبو الحبل للتأكد من عدم وجود ميلان في الجدارالذي يقوم ببناءه و تعرف هذه الطريقة بلغة المعلمين البناء باسم (المداميك) و مفردها (مدماك)، وكانوا يضعون بينها قواطع من الخشب تسمى بلغة المهنة ( تكايل) و الهدف منها توزيع الأحمال على الحوائط والأستعانة بها عند صيانة البيت.الأحجار المستخدمة في البناء:إستخدم البناؤون في مدينة جدة أربعة أنواع من الأحجار في بناء البيوت أشهرها الحجر المنقبي و هو الأكثر استخداماً نظراً لتوفره بكثرة في السواحل البحرية ، و كان يتم نحته على شكل قوالب مستطيلة الأضلاع بواسطة آلة حديدية تسمى (الشاحوطة) و تم إستغلال جمال هذا النوع من الأحجار لإظهار جمال واجهات المنازل الخارجية دون الحاجة لتغطيته بطبقة سطحية من النورة المصبوغة.أشهر البيوت التي استخدمت هذا الحجر:و من أشهر البيوت التي أستخدمت هذا الحجر في بنائها بيت البغدادي الذي كان يقع في غرب محافظة جدة قرب شاطىء البحرالأحمر وبالتحديد في حارة الشام وأبو الحمايل ، أما في حارة اليمن ونصيف وأبوزنادة وأبوالجدائل والجمجوم والمتبولي وبيت خميس وحبيب وفي حارة المظلوم بيت شحات وحزوقة وشعيب والسندي والمباني القديمة في مدرسة الفلاح.و أما النوع الثاني من الأحجار فهو الحجر البحري الذي كان يستخرج من ساحل البحر و استخدم بجانب الحجر المنقبي في بعض المباني ، و هو عبارة عن حجر مكون من الترسبات الصلبة ، أما النوع الثالث فهو الحجر المرجاني الذي يستخرج من قاع البحر بواسطة الغواصين ، و اشتهر باسم (المشاط) لأن سطحه الداخلي عند فلقه يكون شبيهاً بالمشط ، و من المعروف أن الحجر المرجاني عبارة عن كائنات بحرية دقيقة تتحجر بعد موتها.أما النوع الرابع و الأخير فهو البلاط البحري، و هو النوع من الأحجار البحرية أيضاً يستخرج بواسطة الغواصين لاستخدامه في تبليط مداخل البيوت، و هو عبارة عن شرائح حجرية ذات أسطح ملساء. الشكل الخارجي للبيوت:كانت بيوت جدة متعددة الأدوار حيث تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة أدوار, تستقبل الأدوار العليا أكبر جزء من الرياح وإدخاله لداخل المنزل عن طريق المنور لتهوية المنزل بيضاء اللون إلا من العروق الخشبية، كانت تغطي فتحاتها رواشين خشبية ( من أجل كسر حدة ضوء الشمس ولستر حرمة البيت كما تستخدم كجلسات داخلية تشبه البلكونات) وأبواب خشبية تعكس الطراز الإسلامي للنقش على الخشب, وقد قسمت بيوت جدة الى ثلاثة أنواع حسب موقعها للحارة والشكل الخارجي، فبيت ذو واجهة واحدة ، وبيت بواجهتين ، وبيت متعدد الواجهات, والواجهات تزين بالرواشين . أنواع المباني في جدة: اشتملت جدة على أنواع من المباني هي المساجد والزوايا والخانات والقاعات "وهي المستودعات" والمباني العامة كالبحرية والأسواق والأربطة ( دور العجزة) . وسوف نتحدث عنها بشيء من التوضيح.الشكل الداخلي لبيوت أهل جدة :ولتحديد شكل البيوت العالية في جدة هناك عاملان هما:العامل الأول التقاليد الاجتماعية : فالتقاليد الراسخة هي السبب في ذلك التشديد على الحرمة المتناهية والفصل بين الحياة الخاصة والحياة العامة, والذي فرض ترتيب المساحات الداخلية للمنازل وجدد نطاق الاتصال بين داخل المنزل وخارجه. العامل الثاني المناخ: فقد شكل ترتيب الفراغات في شكل عام يتوافق مع المناخ الساحلي الحار الرطب, ومباني جدة القديمة عربية في طرازها لذا فإنها لا تحتوي على غرف تستعمل في غرض واحد فقط، فالغرف في هذه المنازل لا تخصص لاستعمالات معينة كغرفة للنوم وغرفة للطعام واخرى للمعيشة وهكذا، وإنما كانت الفراغات الداخلية متعددة الوظائف والأغراض وبدون تحديد أو تخصيص معين لأغراضها، وتستعمل في مختلف الأوقات لتناول وجبات الطعام او النوم او الترويح او غير ذلك من الأغراض المنزلية. كيفية توزيع غرف البيت : جرت العادة على ان يظل الابن لصيقا بأسرته وهي الوحدة الأساسية في الحياة الاجتماعية الإسلامية التي تقوم على النظام الأبوي التقليدي، فيخصص الأب لكل أبن عند زواجهم جزء في بيت الأسرة لسكناه ، بحيث يظل أفراد الأسرة يقيمون في بيت واحد, ويعكس توزيع الفراغات أو الغرف في البيت الإسلامي التقييم الاجتماعي الأساسي في حياة الأسرة فالدور الأرضي به ( الديوان أوالمقعد ) و هو المكان المخصص لإستقبال الضيوف من الرجال وعادة تكون متصلة مباشرة بدهليز البيت ( مدخل البيت ) والهدف من ذلك توفير حماية للنساء من أعين الغرباء ، أما الدور أو الأدوار العليا او ما يعرف لدى اهل جدة ( بالمقدم والمؤخر ) هو الجزء المخصص لإستقبال النساء والحياة الأسرية الخاصة , أما السطح فكان للاستخدام اليومي المختلف بديلا عن الحوش المفتوح وفي بعض الأحيان كانوا ينامون في السطح طلبا للهواء البارد فكانت الجدران منخفضة مخرمة مملوءة بأشغال خشبية لتوفير الحجاب وللسماح للهواء البادر بالمرور من خلالها وكان السطح مقسم إلى مبيت غرفة مخصصة لمستلزمات النوم الخارجة الجزء الباقي من السطح بيت الماء .أثر المناخ على المباني: نتيجة لعدم وجود حوش ( فناء) في بيوت جدة العالية، فان غرفها كانت توزع حول بيت الدرج ( سلالم البيت ) ومنفذ تهوية عمودي وهذا الاختلاف يعزى سببه للعوامل المناخية، ولكن هذا الاختلاف كان شكليا أكثر منه حقيقيا، لأن بيت الدرج في البيوت العالية (هو منفذ تهوية متصل يمتد من الدور الأرضي إلى السطح) يسحب الهواء البارد من الطرقات والأزقة أثناء الليل، بنفس الطريقة التي يتجمع فيها هواء الليل البارد في الفناء, حيث تعمل تيارات الحمل الحراري على تهوية البيت وتبريده، ونادرا ما كانت الأفنية تستخدم في بيوت جدة حيث كان التركيز على التهوية المباشرة. النوافذ :كانت كثرة النوافذ( الشبابيك ) وما تحويه من زخارف جميلة هي الطابع المميزلمدينة جدة بصفة خاصة، وتحتوي بيوت جده القديمة على نوعين مختلفين من النوافذ: أولهما الشباك :أو الطاقة البابية التقليدية أو ما يعرف بطاقة قشر عند النجارين .الثانية الروشان: لعب الروشان دورا في الفخامة المعمارية والتهوية وحجب أشعة الشمس والستر على أهل المنزل وتتميز رواشين جدة بكبر حجمها, والغرفة التي تحوي روشانا تكون أبرد الغرف وأصلحها للنوم وخصوصا إذا كانت شامية بحرية أي شمالية غربية.ولم تكن الواجهات على استقامة واحدة بل متكسرة للحصول على ظلال بعضها على البعض وكانت تحجب الشمس عن الأزقة والطرق وتعطي برودة للطرقات والبيت .المساجد والزوايا: يوجد في جدة العديد من المساجد والزوايا يمكن تحديد أهم ستة مساجد داخل البلد موزعة على حواري جدة الأربعة وهذه المساجد هي:مسجد الشافعي: أقدم وأجمل مسجد في طراز البناء القديم في مدينة جدة وهو مسجد ضخم فخم عربي التصميم قوي البناء ويقع في سوق الجامع بمحلة المظلوم.مسجد عكاشة او عكاش أمام عمارة الشربتلي على امتداد شارع قابل.مسجد المعمار: وقد عمّره مصطفى معمار باشا فسمي باسمه وكان واليا على جدة عام 1284هـ .مسجد الحنفي: ويقع بمحلة الشام وبني عام 1240هـ تم تجديد عمارته.مسجد الباشا: بناه بكر باشا الذي ولي جدة عام 1137هـ وكان لهذا المسجد مأذنة مائلة بقيت حتى عام 1398هـ عندما هدمت.مسجد عثمان بن عفان: أطلق عليه (مسجد الابنوس) لوجود ساريتين من خشب الأبنوس به, وقد تم انشاؤه خلال القرنين التاسع والعاشر الهجري.وهناك العديد من الزوايا منها زاوية أبو عنبة بمحلة الشام زوية فتة وزاوية السليمانية في محلة اليمن . الأسواقازدهرت مدينة جدة تجاريا مع بداية القرن الخامس عشر الميلادي عندما أصبحت مركزا للتجارة بين مصر والهند" تجارة التوابل " , وكان شارع جدة التجاري يمتد على البحر الأحمر 900 متر تقريبا.واشتهرت جدة منذ القدم بأسواقها التجارية المتعددة وتركزت في منطقة وسط المدينة وما زال بعض هذه الأسواق يحتفظ بطابعه التقليدي، ونذكر بعض الأسواق القديمة: سوق الندى و سوق الخاسكية وسوق البدو و سوق العلوي.ولكم تحياتي
25-11-2004, 03:00 AM
الطراز المعماري القديم لمباني جدة
المواضيع المتشابهه
العرض المتطور
