محافظة خيبر :
خيبر بلد تاريخي قديم عرفت بهذا الاسم منذ اقدم العصور . وقد وردت عدة روايات في تفسير سبب التسمية لعل من اهمها هو اشتهارها بحصونها وقلاعها، ذلك ان كلمة (خيبر) وجمعها (خيابر) تعني الحصن بلغة الأقوام السامية التي سكنت خيبر قديما والمعروفة باسم العمالقة او العماليق، والظاهر ان هذه التسمية ليست وصفا لضخامة اجسام هذه القبائل بل هو اسم لأولئك الأقوام الذين سكنوا هذه المنطقة منذ القدم، اذا ان الشواهد والآثار الموجودة في المنطقة تؤيد هذا الرأي. ويوجد تقارب لفظي ومعنوي للغات السامية وخاصة القديم منها نتيجة وحدة المصدر لتلك اللغات.
ويكاد يجمع المؤرخون القدماء منهم والمحدثون على ان أول من سكن خيبر هم العماليق من العرب البائدة التي بادت قبل الإسلام. كما ورد اسم خيبر كأحد المناطق التي استولى عليها الملك البابلي نابونيد وكانت تابعة لملكه الذي ضم تيماء وديدان وخيبر، وذلك خلال الفترة من (555 الى 539 قبل الميلاد)، حيث ورد اسمها في كتابات الاشوريين (خبرا).
ويذكر ان اليهود غزوا العماليق في خيبر حيث قضوا على العماليق او طردوهم من المنطقة وحلوا محلهم في سكنى خيبر وبعض النواحي المجاورة في الجزيرة العربية مثل يثرب، بل ان هناك من المؤرخين من يذكر ان موجة ثانية من الزحف اليهودي على خيبر حدثت بعد دخول الرومان الى بلاد الشام وتشتيتهم لليهود في أنحاء متفرقة من العالم ومنها بلاد الحجاز وذلك سنة 270م و 122م زمن هيدريان الإمبراطور الروماني.
في السنة السابعة للهجرة وحال فراغه e من غزوة الأحزاب جهز رسول الله e جيشا باتجاه خيبر بعد ان استبان له تورطها في غزوة الأحزاب التي كانت الباعث الأساسي لها وذلك لفتحها والقضاء على وكر الفتنة والتآمر ضد الإسلام فيها، وتحقيقا لوعد الله جل وعلا بفتح خيبر حيث قال) وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه ([4]. وبالفعل فقد توجه الرسول e في المحرم سنة 7 هجرية بالمسلمين الى خيبر وفتحها.
أصبحت خيبر منذ ذلك التاريخ بلدة إسلامية خالصة تعاورها من الأحداث ومجريات التاريخ ما تعاور المدينة المنورة خاصة والحجاز عامة ، إذ لا يجد الباحث فيما هو متيسر من مراجع ما يشفي الغليل عن تاريخ خيبر بصفة خاصة بعد العصور الأولى للإسلام، حتى عهدنا الزاهر، الا انها تبعت لحكم الاشراف على الحجاز الذي بدأ في القرن الرابع الهجري، وفي عام 579هـ كانت تمثل اقصى حددو دولة الشريف قتاده الشمالية.
انه نظرا لأهمية خيبر الاقتصادية فقد ظلت مطمعا للدول المتعاقبة على حكم الحجاز والمناطق المجاورة، متأرجحة تارة الى الحجاز وتارة الى الشام وتارة أخرى الى جبل شمر. وقد ضمت خيبر للمرة الأولى الى حكم الدولة السعودية في عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود حوالي عام 1208هـ مع تيماء ووادي السرحان حيث ضمت الى حائل بقيادة أميرها آنذاك عبدالرحمن بن معيقل.
استولى الترك على خيبر بعد سقوط الدولة السعودية الأولى، ثم انسحبوا منها ليدخلها جيش طلال بن عبدالله بن رشيد بعيد عام 1269هـ. وبقيت كذلك فترة من الزمن تحت حكم ابن رشيد في حائل، والواقع انه لم يكن له من الحكم الا اسمه. أما الهم الأول والحقيقي للحاكم الرشيدي هو اطنان التمور التي تذهب محملة على ظهور الجمال الى حائل في نهاية كل عام، دون اهتمام حقيقي بالانسان وحاجته الى تثبيت دعائم الحكم التي تحفظ عليه أمنه واستقراره وضروراته الأساسية.
ضاق الأهالي ذرعا بالحال التي آلت اليها الأمور، حيث تعرضوا كثيرات لمضايقات البدو، اولئك الذين فقدوا كثيرا من القيم الدينية التي قضت على الجاهلية الأولى فعاشوا في ضل جاهلية اشد خطرا امتزجت فيها الخرافات والعقائد الباطلة بعادات قبلية لا تمت للاسلام بصلة. فكان السلب والنهب والقتل شيئا يدعو للمفاخرة والاعتزاز. فكثر االسلب والنهب وانعدم الأمن وانتشر قانون الغاب فاضطروا الى مكاتبة الشريف في المدينة المنورة لحمايتهم واستعدادهم لمناصرة الشريف ان هو قدم الى خيبر.
وبهذا دخلت خيبر مرة اخرى تحت حكم الاشراف تابعة للمدينة المنورة في حين انها دخلت للمرة الأولى تحت حكم الأشراف في عهد الشريف قتاده عام 579هـ لتشكل خيبر حدوده الشمالية والقنفذة حدوده الجنوبية. ظلت خيبر متأرجحة تارة تحت حكم الاشراف وتارة اخرى تحت حكم ابن رشيد واخرى تحت الحكم السعودي في دولته الأولى، حتى قيض الله لها موحد هذا الكيان الكبير جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود رافع راية الأمن والاستقرار والرخاء راية لا اله الا الله محمد رسول الله لتنضم خيبر الى ركب التوحيد في ظل عهد زاهر جديد تابعة لأمارة حائل التي دخلت هي الأخرى في هذا العهد الزاهر في آخر صفر من عام 1340هـ. وكان ارتباط خيبر بحائل اداريا فقط اما ماليا فكانت مرتبطة بالمدينة المنورة، الى ان ألحقت فعليا بأمارة منطقة المدينة المنورة عام 1391هـ.
منقول الموقع http://www.khaybar.com/booklet/historic.htm
::