من تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية
تتمتع شبه الجزيرة العربية بموقع استراتيجي بين ثلاث قارات كبري حيث تقع في النصف الشمالي للكرة الأرضية موطنآ للعديد من الحضارات ومهدآ للرسالات السماويه والرسل.
ففي داخل حدود المملكة العربية السعودية حاليا كانت هناك حضارة مدين حضارة قوم النبي شعيب عليه السلام التي عاش فيها موسي عليه السلام عشر سنوات قبل أن يبعث رسولآ الي فرعون مصر. وفي العلا كانت حضارة ثمود قوم النبي صالح عليه السلام والتي لاتزال أثارها موجودة حتى اليوم في المنطقة المعروفة باسم مدائن صالح وفي نجران نجد الاخدود الذي ذكر في القرآن الكريم عن أصحاب الاخدود.
كما كانت الجزيره العربية ممرآ تجاريآ هامآ وطريقآ للقوافل . وفي مكة المكرمة أنزل الله عز وجل القرآن الكريم علي سيدنا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام وانتشرت بعد ذلك تعاليم الاسلام السمحة في قلب الجزيرة العربية وترامت منها الى سائر أرجاء العالم حتى وصلت الى أفريقيا وآسيا وجزء من اوروبا على مدى عصور ازدهار الدولة الاسلامية.
ومرت مئات من السنين ظهرت فيها دول، وزالت دول، وقام المسلمون بدورهم الحضاري التاريخي، الذي عبرت عليه الحضارة الانسانية الحديثة من عصورها المظلمة، وانتشر الاسلام في شتى بقاع الارض. على أن ابتعاد القيادة الزمنية عن المدينة المنورة وشبه الجزيرة العربية بوجه عام، قد أحدث تاثيرات كان لها دورها فيما وقع بعد ذلك من احداث فالاراضي المقدسة ظلت مقصدا للحجاج والمعتمرين والزائرين، ولكن البدع والاضاليل اخذت تتسلل الى اجزاء عديدة من شبه الجزيرة العربية، لقلة العلماء المتفقهين في الدين لتوعية الناس، ولابتعاد سكان شبه الجزيرة عن التطوير الحضاري الذي عاشه العالم المعمور انذاك. وهنا وفي ظل الجهالة التي خيمت على معظم الناس، استلم آل سعود مسؤؤلية الجهاد في سبيل الله، ليعيدوا الناس الى جوهر الاسلام في صفائه ونقائه، وليقيموا دولة التوحيد كما نصت عليها شريعة الله في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
بعض حكام الدولة السعودية:
الامام محمد بن سعود : تولى الامارة بعد وفاة ابيه وقد تزامنت ولايته مع ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله الذي كان داعية الى دين الله وقاوم البدع والاضاليل ودعا الى اخلاص العبادة لله وحده ونبذ كل ما أدخل على دين الله مما ليس فيه.وقد سانده الامير محمد بن سعود وقاوم بسيفه الضالين والمنحرفين وسار مجاهدا الى ان توفي عام (1179 هـ / 1765م) فخلفه ابنه الامام عبد العزيز بن محمد بن سعود.
الامام عبدالعزيز بن محمد : يعتبر من ابرز امراء آل سعود، فقد حكم تسعة وثلاثين عاما، وامتد نفوذه الى انحاء نجد، والاحساء، والقطيف، ومشارف بلاد الشام، والعراق، واليمن وعمان والاراضي المقدسة. توفي عام 1218 هـ / 1803 م في مسجد الطريف بالدرعية.
الامام سعود بن عبدالعزيز بن محمد : لم يكن اقل عن ابيه في مواهبه القيادية، وفي سعيه لخدمة دين القيادية، وفي سعيه لخدمة دين الله، والدفاع عن شريعة الاسلام وقد استتب له الامر في معظم انحاء شبه الجزيرة العربية. وفي العام 1229هـ / 1813 م توفي في الدرعية.
الامام عبدالله بن سعود : استمر حكمه اربع سنوات، توالت خلالها حملات والي مصر محمد باشا، حتى وصلت الى حدود الدرعية فحاصرها لمدة سنة كاملة وبعد ان نفذ سلاح وزاد المجاهدين استولى قائد حملة محمد علي باشا – وهو ابنه ابراهيم - على الدرعية عام 1233 هـ / 1817م واسر الامام عبدالله وعائلته، وكذا عائلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واخذوا الى مصر ومنها الى الاستانة حيث قتل عبدالله ابن سعود هناك في سنة 1234 هـ / 1818م.
الامام فيصل بن تركي : تتالف ولايته من فترتين الاولى تمت ما بين العام 1246 هـ / 1830م والعام 1255 هـ / 1839 م والثانية من العام 1258 هـ / 1843م الى حين وفاته عام 1282 هـ / 1865م.
الامام عبدالرحمن الفيصل : تولى الامارة بعد وفاة سعود بن فيصل، ولكنه لم يستمر فيها سوى سنة وبعض السنة، ثم عاد اليها مرة اخرى بعد وفاة اخيه عبدالله بن فيصل، وكان ذلك عام 1306 هـ / 1888م. ودخل الميدان في هذه الفترة الامير محمد بن رشيد أمير حائل إذ ذاك الذي بسط سيطرته على شطر كبير من نجد وكانت الحكومة العثمانية في الاستانة تدعمه بقوة للوقوف في وجه آل سعود. وانتهت الفترة الثانية لولاية الامام عبدالرحمن الفيصل بمغادرته الرياض مع عائلته فتوجه الى قطر ثم الى البحرين ثم الى الكويت وكان بين افراد اسرته احد اولاده عبدالعزيز الذي كان في العقد الثاني من عمره. وما ان وصل عبدالعزيز مع والده الى الكويت حتى بدأ يفكر في العودة الى الرياض.
الملك عبدالعزيز : اليوم الخامس من شهر شوال الموافق 1319 هـ الموافق 17 يناير 1902 م هو خامس ايام عيد الفطر السعيد وهذا اليوم عاش سكان الرياض عيدا مزدوجا بفرحتين فرحة العيد وفرحة اخبار مقدم عبدالعزيز لمدينة الرياض ليستعيد امجاده وملك ابائه. ولكي تكتمل فرحته اوفد رسله الى الكويت حيث يقيم والده الامام الشيخ عبدالرحمن آل سعود يدعوه الى الرياض وعاد الامام عودة المنتصر حامدا الله عز وجل الذي نصره وخرد عبدالعزيز لاستقبال ابيه على مسافة ثلاثة ايام من الرياض وسار في ركب ابيه حتى وصلا الى منزلهم وقال عبدالعزيز كلمته (الامارة لكم وانا جندي في خدمتكم) ولكن الامام يرفض ويقول (اذا كان قصدك من استدعائي الى الرياض تولي الامارة فيها، فهذا غير ممكن وأمر لا اقبله مطلقا ولا اقيم بالمدينة إذا الححت علي إن بلدا فتحته بعزمك لأنت أحقّ بالامارة عليه.
هكذا استطاع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله أن يستعيد الرياض في 5 شوال1319هجري 1902 ميلادي في معركة لا يزال المؤرخون يقفون بذهول امام ما اتصفت به من جرأة و حسن تنظيم ومن الرياض انطلق في مشوار طويل من الكفاح المتواصل حتي تم توحيد البلاد وقد صدر المرسوم الملكي بتوحيد أجزاء الدولة التي تحولت بمقتضى هذا المرسوم الى المملكة العربية السعودية في 21 جمادي الثانية 1351هجري 23 سيبتمبر 1932ميلادي وهو التاريخ الذي أصبح في ما بعد اليوم الوطني للمملكة.