الشقق السكنية (2 من 2)

[مخاوي الليل]

الشقق السكنية (2 من 2)

أ. د. علي بن سالم باهمام
حدثتكم في الأسبوع الماضي عن انتشار الاستثمار في بناء الشقق السكنية وعرضها للبيع بعد صدور نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها، وعن إقبال الأسر السعودية على امتلاكها؛ لأن أسعارها تُمكن كثيرا من الأسر الصغيرة والمتكونة حديثاً من الامتلاك في حدود استطاعتها المادية. وذكرت بعض السلبيات التصميمية المتعلقة بالشقق السكنية والتي قد تكون عائقاً أمام اقتناع الجميع بها بوصفها مساكن مناسبة للأسرة السعودية، وأشرت إلى تدنِّي مستوى جودة تنفيذ مباني الشقق السكنية، وما قد تؤول إليه هذه المباني وتحولها إلى خرائب في غضون سنوات إذا لم تتم صيانتها بشكل مكثف ومستمر. ووعدت القراء الأعزاء بأن أقدم عدداً من المقترحات التي تعمل على تحسين الشقق السكنية.
إن تطبيق بعض المعالجات التصميمية من قبل المهندسين المعماريين والمكاتب الاستشارية، إضافة إلى اعتماد كود البناء وتطبيقه، أو استصدار عدد من التنظيمات الفنية والإدارية وتطبيقها، سيسهم في تلافي الكثير من سلبيات الشقق السكنية أو جلها. واسمحوا لي أن أقدم فيما يلي بعض المقترحات التي ستجعل من الشقق السكنية مساكن أفضل بإذن الله:

- العناية عند التصميم بتوفير مساحة خارجية مستقلة لكل شقة سكنية على شكل "تراس" أو سطح جانبي.
- الحد من الفراغات المشتركة إلى أقل قدر ممكن؛ بتوفير مدخل مستقل ومباشر من الشارع لكل شقة ضمن أفكار التصميم المجمع للعمارة، أو على الأقل مدخل مستقل لكل شقتين أو ثلاث على أكثر تقدير.
- العناية عند اعتماد الرخص بمراجعة مواصفات الأعمال الإنشائية والصحية والكهربائية، والتأكيد عند التنفيذ على جودة الهيكل الإنشائي ونوعية التمديدات الصحية والكهربائية، حتى وإن جاءت تكلفتها على حساب نوعية أعمال الدهان والبلاط، والقطع الصحية الخارجية، ومفاتيح الكهرباء ووحدات الإضاءة؛ لأنها من الأعمال التي يمكن للمالك إعادة إنجازها بنوعية أفضل في المستقبل.
- بناء كل شقة بحوائط مستقلة، وإضافة مواد عزل صوتي بين الحوائط.
- تخصيص موقف سيارة خاص لكل شقة سكنية.
- تخصيص جزء من العمارة للنشاط الاستثماري (مثل: بقالة للمواد الغذائية، أو مغسلة، أو قرطاسية، أو مكتب، أو غيرها من العناصر)، والتي يمكن تأجيرها والصرف من عائدها على أعمال الصيانة الدورية للمناطق المشتركة وللحفاظ على جودة مظهر العمارة الخارجي.
- تكوين جمعية أو اتحاد للملاك يصبح الانضمام إليه والالتزام بنظامه إلزامياً على كل مالك، ويوثَّق ذلك في صكِّ الملكية مع العقوبات الجزائية على المخالف.
مما لا شك فيه أن الشقق بديل جيد بتكلفة أقل، ويُمكن الأسرة من الحصول على وحدة سكنية في منطقة راقية، حتى وإن ارتفعت أسعار الأراضي السكنية فيها؛ لأن بناء العمائر بارتفاع أربعة أدوار أو أكثر يرفع من معامل الانتفاع بالأرض والاستفادة منها. ولكن كثيرا من مباني الشقق السكنية التي انتشرت على نطاق واسع بعد صدور نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها قد نفذ - للأسف - بجودة منخفضة جداً وهو ما يعرف بين الناس بـ "التنفيذ التجاري"، وهو ما يتعين علينا تسميته في مجال تنفيذ المباني "الغش أو التدليس أو الغرر"؛ لأنه تنفيذ متدني الجودة، فمع غياب كود البناء يتم التنفيذ بلا مواصفات معتمدة، وباستخدام أرخص المواد وأقلها تكلفة سواء كان ذلك لهيكل المبنى الإنشائي أو لأنظمة السباكة والكهرباء فيه. كما أن تعدد الوحدات السكنية في المبنى الواحد سيؤدي مع سوء تنفيذه إلى سرعة تدهوره، وسرعة ظهور الحاجة إلى القيام بعديد من أعمال الترميم والصيانة، وفي هذا هدر كبير لاقتصادنا الوطني، أما في حالة وقوع حوادث أو كوارث – لا قدر الله – فإن الخسائر ستكون كبيرة ومؤلمة للغاية.