ألاسكا .. ولاية النفط الأمريكية تسعى لتكون مركزا للطاقة المتجددة

[مخاوي الليل]

ألاسكا .. ولاية النفط الأمريكية تسعى لتكون مركزا للطاقة المتجددة


تعتبر طاقة الرياح ملائمة فنيا واقتصاديا في عديد من المناطق الريفية، وتسعى ولاية ألاسكا الأمريكية إلى رفع نسبة الكهرباء المستخرجة من مصادر متجددة من 24 في المائة حاليا إلى 50 في المائة بحلول 2025. "الاقتصادية"
"الاقتصادية" من واشنطن
تبرز ألاسكا تدريجيا كأحد المواقع المرشحة لتكون من أعمدة مراكز إنتاج واستهلاك الطاقة الخضراء أو المتجددة، رغم مناخها الشرس وكونها أحد مناطق إنتاج الطاقة الأحفورية، وبالتالي مساهما رئيسيا في الانبعاثات الغازية.
المفارقة أن التوجه في الولاية، التي قدمت سارة بالين مرشحا في الانتخابات الرئاسية العام الماضية نائبة لجون ماكين، تفعل ذلك من باب التوفير وتقليل التكلفة الاقتصادية أكثر من اهتمامها بالقضايا البيئية. ودخلت بالين في مواجهة مع جماعات البيئة بسبب حماسها لفتح الباب أمام الشركات النفطية لتعمل في الجرف القاري، لكن خطوتها الأخيرة حسنت من صورتها بصفتها من السياسيين المهتمين بالطاقة المتجددة.
ففي بعض المناطق النائية يتم شحن الوقود والمنتجات مثل البنزين على بعض البوارج، وهو ما يضاف إلى سعر التكلفة، ما يؤدي إلى أن يصل سعر الجالون في بعض الأحيان إلى قرابة خمسة دولارات، الأمر الذي يجعل إنتاج الطاقة المتجددة بهذا السعر أو قريب منه أمرا مقبولا. ويضاف إلى هذا اتساع مساحة الولاية ومحدودية شبكة الطرق الداخلية، ما يعطي جاذبية للمشاريع الهيدروكهربائية.
وطلبت بالين إنهاء الصراعات بين مختلف المدن على الهامش وتلك التي في الوسط حتى يمكن الوصول إلى تكلفة معقولة، وأصدرت كتيبا حددت فيه أصول الطاقة في كل مدينة وقرية وذلك للمساعدة بوضع خريطة طريق تسهم في الوصول إلى المستقبل. ومعروف أن خطة الرئيس الجديد باراك أوباما تستهدف توليد 25 في المائة من الكهرباء من الطاقة المتجددة.
ولتحقيق هدف بالين، هناك حاجة للقيام ببناء مشاريع كبيرة ليست في متناول المرافق الفردية. واعتبر إعلان بالين علامة فارقة في تاريخ ألاسكا، التي أصبحت تعتبر من الولايات الرئيسة في مجال الطاقة المتجددة. وتم تحديد 77 مشروعا بتكلفة 100 مليون دولار تتوزع بين مزارع الرياح إلى إعادة تدوير الغاز في أنكوراج.
المفارقة في كل هذا أن ألاسكا تنتج نفطا أكثر من أي ولاية أخرى، لكن معظمه يذهب للتصدير إلى خارجها، ولهذا فإن السوق الصغيرة والمحدودة وتكلفة النقل العالية تسهم كلها في النظر إلى خيارات أخرى بسبب الكلفة العالية المحلية لأسعار الوقود. ويظهر هذا في أنه وبرغم ارتفاع دخل الولاية من الضرائب التي حصلت عليها بسبب الارتفاع الأخير في أسعار النفط خلال العام الماضي، إلا أن الأمر بالنسبة للمستهلك المحلي شكل أزمة وصعوبة في تحمل أسعار الوقود المرتفعة.
كانت بالين تسعى إلى تخصيص 300 مليون دولار من أجل برامج الطاقة المجددة في الولاية لفترة السنوات الخمس المقبلة، علما أن إجمالي عدد السكان لا يتجاوز 670 ألف نسمة، الأمر الذي يجعل نسبة الاستثمار إلى عدد السكان كبيرة.
ويرى البعض أن الولاية يمكن أن تكون نموذجا لتوليد الطاقة من مختلف المصادر، إذ تتمتع بشواطئ تهدر فيها الرياح والعواصف بصورة مستمرة، إضافة إلى وجود البحار ومصادر الطاقة الأخرى. وحاليا فإن 24 في المائة من الكهرباء الموجودة يتم توليدها من مصادر متجددة، وتقول الحاكمة بالين إنها تأمل في رفع النسبة إلى 50 في المائة بحلول عام 2025، ويبقى التحدي ألا يؤدي التراجع الحالي في أسعار النفط إلى إحباط هذه المجهودات والاستفادة من ظروف ألاسكا الخاصة لدعم هذا الاتجاه.
وفي الواقع فإن هناك مؤشرات بهذا المعنى، فبعد شهر من إعلان بالين أنها ستخصص 50 مليون دولار للإنفاق على مشاريع الطاقة المتجددة هذا العام، لكن بعد تراجع أسعار النفط وبالتالي العائدات التي تعتمد على الضرائب التي تفرضها الخزانة، فإن حجم تلك المخصصات تراجع بمقدار النصف إلى 25 مليون دولار، ولو أن أحد معاوني بالين أوضح أن المبلغ الجديد ورغم تخفيضه إلا أنه يشير إلى التزام الحاكمة بالمبدأ وأنها لم تهجر سياسة اللجوء إلى ميدان الطاقة المتجددة، وأنها فضلت خفض المخصصات بدلا من اللجوء إلى أموال الادخار بسبب تراجع العائدات.
التكلفة العالية أدت في بعض المناطق الريفية أن تصل إلى 75 سنتا للكيلوات في الساعة، وهو ما يعادل خمسة إلى عشرة أضعاف التكلفة في بعض الولايات السفلى. وبدأ تجريب هذه التوربينات التي تعمل بالطاقة المتجددة قبل أكثر من عقد من الزمان وعلى نطاق واسع. ويشير مسح أجرته الولاية العام الماضي أن طاقة الرياح تعتبر ملائمة فنيا واقتصاديا في عديد من المناطق الريفية.