بنوك قطر تحظر إقراض المقيمين إلا بعد مضي عامين في العمل
بنوك قطر تحظر إقراض المقيمين إلا بعد مضي عامين في العمل
حسن أبوعرفات من الدوحة
بدأت البنوك القطرية اتخاذ إجراءات مشددة في منح القروض للعملاء ضمن خطط احترازية لمواجهة تداعيات الأزمة المالية والشح في السيولة, وفي الوقت نفسه الذي بدأت فيه البنوك سباقا محموما لاستقطاب الودائع وكشف عدد من رجال الأعمال والمستثمرين وأصحاب الشركات أن القرارات التي اتخذتها البنوك أخيرا بتشديد إجراءات منح القروض للعملاء في كافة القطاعات أدت إلى حالة من الركود في السوق خاصة في قطاع العقارات، وتراجع المبيعات بنسب كبيرة تتعارض مع الوضع الاقتصادي القوي الذي تشهده قطر حاليا باعتبارها من الدول التي أسهم وضعها الاقتصادي في الحد من التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية.
وطالب المستثمرون البنوك بالتوسع في الائتمان لمواجهة أزمة نقص السيولة في بعض القطاعات ولكن بشروط أهمها الجدارة الائتمانية للمستثمرين والمساهمة في إنعاش السوق بدلا من زيادة حالة الركود التي يمر بها عدد من القطاعات دون أسباب جوهرية تستأثر القروض الشخصية بحصة 72.2 في المائة من إجمالي الائتمان المحلي, وطالب المستثمرون بتغيير سياسة البنوك الحالية حتى تسهم في دفع الحركة في الأسواق، مشيرين إلى أن البنوك تطبق حاليا سياسة تؤدي إلى مزيد من الركود بالأسواق في الوقت الذي كانت تمنح القروض لكل من يطلب ولا يطلب وتوسعت بصورة كبيرة وغير مبررة . وأكد الخبراء أن الجدارة الائتمانية يجب أن تكون المعيار الرئيسي لمنح القروض والحكم على العميل بدلا من الوضع الحالي الذي يتم فيه تعميم الإجراءات على الجميع دون دراسة الأوضاع المالية .
ويرى عبد الله الخاطر المدير العام السابق لبنك قطر الوطني أكبر البنوك التجارية في قطر أن الإجراءات البنكية بشكل عام يجب أن تكون معتدلة تتناسب مع الظروف التي يمر بها الاقتصاد وتمر بها القطاعات المختلفة سواء الإنتاجية أو التجارية أو الخدمية.
وفي الوقت الحالي فإن حركة الاقتصاد تتجه إلى نوع من الركود البسيط وليس الكبير وبالتالي يجب أن تتجه سياسات البنوك نحو التخفيف من الركود من خلال منح مزيد من التسهيلات الائتمانية وليس التشدد كما يحدث حاليا حتي لأيؤدي الوضع إلى مزيد من المشكلات لجميع القطاعات خاصة القروض الشخصية وقروض العقارات والسيارات.
وأضاف الخاطر أن البنوك تحاول معالجة الوضع الخاطئ الذي اتبعته في الماضي من خلال التحفظ في منح الائتمان بدلا من التوسع بشروط أهمها الجدارة الائتمانية لكل عميل .. فالبنوك على دراية تامة بكل عميل ووضعه المالي ولديها سجلات لكل عميل من الشركات والأفراد لذلك يجب أن يكون التمويل أو القرض لكل صاحب جدارة ائتمانية بدلا من التشدد على الجميع, ويوضح الخاطر أن عمل البنوك كما هو معروف يجب أن يتركز على إدارة المخاطر وليس التشدد وهي سياسة تتنافي مع الوضع الحالي الذي يشهده الاقتصاد القطري الذي يتسم بالاستقرار، فليس هناك حالات إفلاس أو تعثر في الديون بين الشركات على مستوى القطاعات المختلفة.
كما أن أغلب المقيمين يعملون في الجهاز الحكومي وبالتالي فإن الرواتب مضمونة طالما الفرد في عمله وهناك زيادات في الرواتب تدرس حاليا .. والعنصر المهم الآخر هو استمرار المشاريع الحكومية كما هو مخطط لها وليس هناك نية لتأجيلها خاصة مشاريع البنية التحتية، والعامل الآخر هو أن ميزانية الدولة الجديدة ليس فيها تراجع، وبالتالي كل هذه العوامل تمثل دعما للبنوك ودورها في الاقتصاد الوطني، ويضيف أن التخوف الذي تبديه البنوك يجب أن يكون على العملاء أصحاب الجدارة الائتمانية الضعيفة وليس القوية حتى لا تسهم الإجراءات في مشكلات نحن في غنى عنها. وأوضح أن الاقتصاد القطري من أقوى الاقتصادات في المنطقة ولا يحتاج إلى قرارات انكماشية بل قرارات تساعد على الخروج من أي أزمة مؤقتة.
وأوضح عبد الرحمن المير مدير الخدمات المصرفية للأفراد في بنك الدوحة أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها البنوك لتشديد عمليات الإقراض فإنها تهدف إلى الحفاظ على أموال المودعين لأن البنوك لا تتعامل في أموالها فقط وإنما أموال الآخرين وبالتالي يجب الحفاظ عليها حتى لا يتعثر الوضع المالي لأي بنك، ويضيف أن الإجراءات شملت زيادة أسعار الفائدة على القروض سواء القديمة أو الجديدة لأن حصول البنوك على الأموال أصبح صعبا في ظل الظروف الحالية, ومقابل ذلك تمت زيادة أسعار الفائدة على الودائع وبعضها يصل حاليا إلى 7 في المائة وهي أسعار لم تنفذها البنوك من قبل لأن استقطاب السيولة حاليا أصبح من الصعوبة التي تفرض رفع أسعار الفائدة وبالتالي فإن الحديث عن رفع فائدة القروض يجب أن يتبعه رفع الفائدة نفسها على الودائع، ويضيف المير أن شرط مرور سنتين على الأقل لمنح القروض للمقيمين تم حفاظا على أموال البنوك في ظل الظروف الحالية وخشية إنهاء عمل المقيم قبل سداد القرض وبالتالي ضياع أموال البنك، ولكن مع الشرط الجديدة فإن مكافأة نهاية الخدمة تسد جزءا من المديونية إذا تعثر العميل . ويوضح المير أن الإجراءات الحالية تتناسب مع أوضاع السوق وانكماشه التي تستدعي تحفظ البنوك في التعامل مع التسهيلات الائتمانية وهي سياسة متبعة في جميع دول العالم حاليا وليس في قطر وحدها.
|