البنوك الإسلامية ستكون من أكبر المستفيدين من التعديلات المحاسبية الجديدة
محمد الخنيفر من الرياض – هاتفيا من كوالالمبور
أكد لـ "الاقتصادية" مسؤول رفيع يعمل لدى شركة ديلويت، إحدى كبرى شركات المحاسبة والتدقيق في العالم، أن صناعة الصيرفة الإسلامية والتقليدية ستكون من أكبر المستفيدين من التعديلات المحاسبية التي ينوي "مجلس المعايير المحاسبية الدولية" IASB، مقره بريطانيا، تقديمها خلال الأشهر الستة المقبلة، في خطوة جلبت معها، في الوقت نفسه، ترحيب المصرفيين الغربيين الذين انتقدوا في وقت سابق المعايير الحالية بسبب لجوء البنوك إلى تخفيض قيمة الموجودات في ميزانياتها العمومية، ما عمق الانقباض الائتماني. وكان الجهاز العالمي المسؤول عن وضع المعايير المحاسبية قد قال أخيرا إنه سينشر في وقت متأخر من هذا العام مسودة قاعدة محاسبية تهدف إلى استبدال وتبسيط عدد من القواعد. يذكر أن "مجلس المعايير المحاسبية الدولية" يضع القواعد المحاسبية التي يستخدمها أكثر من 100 بلد، وهي قواعد إلزامية للشركات العامة المسجلة في بلدان الاتحاد الأوروبي وعددها ثمانية آلاف شركة. المعيار المحاسبي رقم 39 حول القيمة المنصفة يلزم البنوك بتسجيل قيمة الموجودات حسب قيمتها السوقية بصفة منتظمة، وهي عملية اضطرت البنوك إلى تخفيض قيمة موجوداتها، ما سبب الانزعاج الشديد للمساهمين حين كانوا يشاهدون قيمة الموجودات وهي تهبط إلى الحضيض.

يقول المنتقدون إنه لا بد من تخفيف المفعول "الموافق للدورة" procyclical، على اعتبار أن الانقباض الائتماني كان من شأنه تجميد التداول في بعض الموجودات، ما اضطر البنوك إلى استخدام نماذجها الخاصة لتسعير تلك الموجودات. وقال أحد أعضاء المجلس الدولي فيليب دانجو لوكالة "رويترز"، على هامش مؤتمر للأجهزة التنظيمية: "نعتزم استبدال هذا، وسنستبدل المعيار كله. نريد أن نوقف ترقيع المعيار ونريد أن نضع معياراً جديداً. ونحن مدركون أن الأنموذج الحالي معقد فوق الحد. نحن في حاجة إلى التبسيط.. وسنتحرك باتجاه نشر مسودة المعيار، ونرجو أن يكون ذلك خلال الأشهر الستة المقبلة". من ناحيته، ذكر داود فيكاري عبد الله، استشاري المالية الإسلامية لدى شركة ديلويت Deloitte، أن البنوك الإسلامية ستكون من "أكبر المستفيدين" من هذه التعديلات المحاسبية وعزى ذلك خلال المقابلة الهاتفية التي أجريت معه "إلى أن عددا كبيرا منهم يستعمل المعيار المحاسبي رقم 39 مع الأدوات المالية". معلوم أن ذراع الشركة الآسيوي (ديلويت توش آند توماتسو)، قد قامت بافتتاح "مركز الامتياز للمالية الإسلامية" في كوالالمبور أخيرا. ويتألف المركز من ثمانية إلى عشرة مختصين في المصرفية الإسلامية، وهو يتلقى الدعم من شبكة عالمية من خبراء الصناعة، مأخوذة من أقسامها العاملة في الخدمات الضريبية والاستشارية والمالية. ويقود هذا الفريق داود فيكاري عبد الله، الذي يعمل فريقه على تقديم النصح والمشورة للشركات والمنظمات والبنوك والحكومة حول الأمور المتعلقة بالمصرفية الإسلامية. ويرى داود. مصرفي سابق محنك، أن النمو في المصرفية الإسلامية مدفوع بالدرجة الأولى بفعل الميزات التنافسية وليس بفعل الحاجة الدينية، وإن المجالات الرئيسة التي تنطوي على إمكانيات للنمو هي في الصكوك وفي التكافل. وخلال السنتين السابقتين ازدادت حدة التركيز على المعايير المحاسبية الخاصة بتحديد القيمة المنصفة وازدادت الانتقادات الموجهة إليها، حيث إن عمليات تخفيض قيمة الموجودات والخسائر التي تقدر بأكثر من تريليون دولار أسهمت في ظهور أسوأ أزمة مالية منذ الثلاثينيات. هذا المعيار، الذي يعرف كذلك باسم المعيار المحاسبي المالي FAS رقم 157، يضطر الشركات إلى استخدام نماذج معقدة لتحديد قيمة أحد الموجودات استناداً إلى القيمة الحالية التي ترغب السوق في دفعها للحصول عليه. لكن يرى المنتقدون أن الأسعار السوقية في ظل البيئة السيئة الحالية لا تعكس القيمة الحقيقية للموجودات.