اعتدال في حركة الأسهم بعد عودة المستثمرين المتفائلين

[مخاوي الليل]

اعتدال في حركة الأسهم بعد عودة المستثمرين المتفائلين


مستثمر كوري يتابع مؤشرات الأسهم في سوق سيئول للأوراق المالية أمس. وارتفع مؤشر أسعار (كوسبي) المجمع لبورصة كوريا 19.69 نقطة ليصل إلى 1336.04. إ. ب. أ
ديف شيلوك من لندن
الاندفاع الذي شهدته أسواق الأسهم العالمية منذ أوائل آذار (مارس) تعرض للامتحان هذا الأسبوع، حيث أخذ المستثمرون بالتدريج يتبنون النظرة القائلة إن النزعة المتفائلة في الفترة الأخيرة حول الاقتصاد العالمي مبالغٌ فيها.
ولكن أصحاب النظرة المتفائلة في النهاية أكدوا وجهة نظرهم، ويعود قسم كبير من الفضل في ذلك إلى النتائج الربعية المشجعة لبنك ويلز فارجو Wells Fargo، التي أشعلت الآمال بحدوث الاستقرار في القطاع البنكي.
واتسم الجزء الأول من الأسبوع بزيادة حادة في العزوف عن المخاطر، ما دفع بالأسهم وعوائد السندات الحكومية وأسعار السلع إلى الأدنى، حيث كان من شأن المخاوف العميقة حول بيانات الأرباح المقبلة للشركات أنها أبرزت بصورة قوية مشاعر اللبس حول الاقتصاد بصورة عامة.
قال جيريمي باتستون كار، رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة تشارلز ستانلي، إن السوق متخوفة من أن الانتعاش الذي تمتعت به أسواق الأسهم على الأسابيع الأربعة الماضية قد لا يكون قابلاً للاستدامة. وقال: "الأساس لهذا الشعور بعدم قابلية الاستدامة يكمن في الحقيقة التي تقول إنه يظل حتى الآن لا يوجد قدر يذكر من الدليل الذي يؤكد أن الاقتصاد العالمي بدأ فعلاً في مرحلة التعافي في أعقاب صفقات التحفيز الكبيرة في المجال المالي وفي المالية العامة."

"المخاوف المتواصلة فيما يخص سلامة الميزانيات العمومية في القطاع البنكي، واقتران ذلك بعدم وجود دليل حقيقي على تحسن الأحوال في قطاع العقارات السكنية في الولايات المتحدة، والطبيعة التي لا تزال قاتمة حول آفاق أرباح الشركات، هي المشاعر المسيطرة."
ما يؤكد ذلك أن مجموعة الألمنيوم ألكوا Alcoak أعلنت خسائر ربعية للمرة الثانية على التوالي، حيث كان تقريرها هو الأول في سلسلة تقارير الشركات.
وما ساعد على بقاء المخاوف التعليقات السلبية التي أطلقها تيون جرايسما، رئيس قسم استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك مورجان ستانلي صاحب الكلمة المسموعة، حيث قال: "العلامات الثلاث التي نسترشد بها في تحديد نهاية فترة التراجع في السوق لا تضيء باللون الأخضر". حتى البنك المركزي الأمريكي أعطى تحذيراً حول سلامة الاقتصاد الأمريكي. في محاضر الاجتماع الأخير للجنة السياسة خفض البنك من توقعاته لمعدلات النمو في النصف الثاني من هذا العام وعام 2010. ولكن الروح المعنوية في الأسواق ارتفعت قرب نهاية الأسبوع بعد أن كشف صانعو السياسة في اليابان النقاب عن إجراءات جديدة، إذ أعلنت اليابان صفقة للتحفيز الاقتصادي بقيمة قياسية مقدارها 154 مليار دولار، في حين ذُكِر أن وزارة المالية على وشك توسيع برنامجها لإغاثة الموجودات المعتلة ليشمل فئة معينة من الأشخاص المؤَمِّنين على حياتهم.
في أوروبا، واصل المزاج العام الإحساسَ بالكآبة حول الآفاق الاقتصادية لمنطقة اليورو، بعد تخفيض معدل الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع.
لكن ألين شويلينج، وهي اقتصادية لدى بنك فورتيس، أشارت إلى أرقام مشجعة بصورة معتدلة في الإنتاج الصناعي الألماني وطلبات المصانع.
وقالت: "بصورة عامة فإن القطاع الصناعي والاقتصاد ككل لا يزال في مزاج الركود الاقتصادي العميق، ولكن هناك بعض الإشارات المبكرة للغاية تشير إلى أن معدل التقلص في حالة تباطؤ، حيث أخذت تخِفُّ بالتدرج مظاهر التراجع والتباطؤ في الطلبات الأجنبية بصورة خاصة."
ولكن الذي أشعل الاندفاع الحاد في أسهم "وول ستريت" هو بنك ولز فارجو، وهو اندفاع كان من شأنه أن جعل مؤشرات الأسهم الرئيسية الأمريكية في وضع طيب خلال الأسبوع. وقال البنك إنه يتوقع أن يُبلِغ عن صافي دخل للربع الأول من العام مقداره ثلاثة مليارات دولار، وهو رقم يفوق التوقعات على ما يبدو.
هذه الأرقام دفعت بأسهم البنوك الأخرى إلى الارتفاع بحدة، وأقفل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 نشاط الأسبوع بارتفاع مقداره 1.7 بالمائة. في أوروبا ارتفع مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 0.8 في المائة، وهو الارتفاع الأسبوعي الخامس له على التوالي، في حين أن مؤشر نيكاي 225 ارتفع بنسبة 2.4 في المائة.
لكن الأمر المهم هو أن مؤشر فيكس، الذي يقيس مقدار التقلب في سوق الأسهم (والمعروف كذلك بمقياس الخوف في وول ستريت)، أقفل دون مستوى الأربعين نقطة للمرة الثانية فقط منذ كانون الثاني (يناير).
وقد جاء الأداء المثير للإعجاب، الذي تفوق حتى على "وول ستريت"، جاء من أسهم الأسواق الناشئة. في روسيا قفز مؤشر آر تي إس بمقدار 8.6 في المائة، ومؤشر بي إس إي سينسيكس في الهند ارتفع بمقدار 4.4 في المائة.
السندات الحكومية الأمريكية والبريطانية شهدت أسبوعاً هادئاً نسبياً، حيث إنها استدلت بحركة أسواق الأسهم، وواصل البنك المركزي الأمريكي والمركزي البريطاني مشترياتهما من الأوراق المالية.
العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات أقفل الأسبوع بارتفاع مقداره ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 2.92 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات هبط بمقدار 13 نقطة أساس ليصل إلى 3.29 في المائة، بعد أن أكد المركزي البريطاني أنه سيواصل خطته في شراء الموجودات، في الوقت الذي أبقى فيه أسعار الفائدة على حالها في اجتماع السياسة النقدية يوم الخميس.
العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات أقفل الأسبوع بهبوط مقداره نقطة أساس واحدة، ليصل إلى 3.24.
في أسواق العملات، تلقى الدولار والين دعماً من تعمق مشاعر العزوف عن المخاطر خلال معظم الأسبوع، حيث تعافت العملتان من خسائرهما التي وقعت في أعقاب مؤتمر قمة العشرين في لندن.
ارتفع الدولار بنسبة 2.2 في المائة مقابل اليورو، وبنسبة 2 في المائة مقابل الفرنك السويسري، في حين أن الين ارتفع بنسبة 2.2 في المائة مقابل اليورو. في أسواق السلع أمضى سعر الخام الأمريكي وهو يتأرجح حول سعر 50 دولاراً للبرميل، مع تقلب المشاعر قوة وضعفاً حول الأسهم. كما أن الصور الأخيرة التي رسمت لمخزونات النفط أعطت صورة متباينة حول الطلب. خلال الأسبوع هبط سعر خام غرب تكساس المتوسط في بورصة نايمكس بنسبة نصف في المائة ليصل إلى 52.24 دولار للبرميل. ولامس النحاس أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر فوق سعر 4500 دولار للطن، في حين أن الذهب اقتفى أثر التقلبات في أسعار الأسهم والدولار، وتمكن من الانفلات من أدنى مستوى له خلال شهرين ونصف ولكنه ظل عالقاً في مستوى دون 900 دولار للأونصة.