اقتصادي خليجي في ورقة عمل أمام مؤتمر الاستثمار وأسواق المال في دمشق:
"الاقتصادية" من الرياض
أكد اقتصادي خليجي أن جذور الأزمة المالية العالمية الراهنة ترجع أساسا إلى تعطيل عمل الأجهزة المسؤولة عن الإشراف والرقابة على المؤسسات المالية من تأدية دورها بشكل صحيح خاصة البنوك المركزية الفاعلة وهيئات الأوراق المالية المؤثرة على مستوى العالم وإدارات المخاطر في المصارف التجارية والاستثمارية ومبدأ الرقابة الذاتية - SRO، إضافة إلى المؤسسات الدولية المغيبة.
بهزاد
ولفت الاقتصادي الدكتور فوزي بهزاد وهو مستشار في الأسواق المالية، إلى أن جميع المؤسسات المسؤولة عن نظام المالي المحلي والدولي لم تحرك ساكناً طوال السنوات الماضية فيما يتعلق بالممارسات الخاطئة والتمادي في التوريق والقروض العقارية والهندسية المالية وغيرها من أمور تتعارض بشكل أو بآخر مع النظم والمعايير المحلية. وطرح بهزاد، الذي كان يدير بورصة المنامة، هذه الرؤية حول الأسباب الحقيقية للأزمة المالية العالمية في ورقة عمل قدمها أمام المؤتمر الرابع للاستثمار وأسواق المال الذي استضافته دمشق في 24 شباط (فبراير) الماضي. وقال "إن الكثير من المحللين أرجع الأزمة المالية التي تمر بها الأسواق المالية العالمية في الوقت الحاضر إلى أمور مثل توريق الديون والقروض العقارية والهندسية المالية التي أفرزتها تعاملات البنوك وأنها هي المشكلة، إلا أنه لا بد من التفريق بين المشكلات وعوارضها". وأشار بهزاد إلى أن القراءة الصحيحة لهذه الأزمة تظهر لنا أنها مشكلة مؤسسية lnstitutional problem أدت إلى أزمة مالية تصعب السيطرة عليها, إضافة إلى فشل فلسفة إدارة القطاع المالي بين متبعي مبدأ تطبيق القواعد العامة للرقابة والإشراف managingbyprinciple أو مبدأ تطبيق النظم والقواعد والإجراءات التفصيلية managingbyrules أو كما يسمى بالنظام الذي اتبعه الآخرون وهو قليل من هذا وقليل من ذاك. وأضاف بهزاد أن هناك مشكلات أخرى لا تقل أهمية أدت إلى تفاقم الأزمة المالية والتي تتمثل في فقدان القدرة على تطبيق القوانين والإجراءات على المؤسسات المالية العالمية وأدواتها المالية بعد خروجها من دولها الأم في بيئات أخرى في ظل غياب الآليات الواضحة للرقابة والإشراف وتحديد المؤسسات المسؤولة على متابعة شؤونها، كذلك فتح الاقتصاديات والأسواق المالية في دول العالم المختلفة وربطها بعضها بعضاً دون تحديد أوجه المتابعة والمحاسبة. وأيضا ربط اقتصاديات كثير من الدول العالم بالاقتصاد الأمريكي وبعملته (سواء بالاختيار أو غيره), إلا أن متخذي قرارات السياسات النقدية الأمريكية ولمعالجة مشكلات اقتصادية محلية لا يأخذون هذه الاقتصاديات في الاعتبار عند تغير هذه السياسات مما يسبب الربكة والتناقض لهذه الدول، إلى جانب تهميش دور معظم دول العالم خاصة الدول العربية المتمكنة اقتصادياً ودول شرق آسيا ودول أمريكا اللاتينية من المشاركة في اتخاذ القرارات الجوهرية على مستوى دول العالم. وحدد الاقتصادي المؤسسات المسؤولة عن النظام المالي المحلي والدولي، وهي: صندوق النقد الدولي، البنك المركزي الأمريكي، البنك المركزي الأوروبي، وزارة الخزانة الأمريكية، اللجنة النقدية والمالية الدولية - صندوق النقد الدولي، مؤسسات التدقيق والتقييم، iosco، مسؤولية القائمين على الأجهزة المالية والرقابية، المعايير الدولية مثل معايير لجنة بازل، المعايير standards & codes، البنوك الاستثمارية تعمل تحت رادارات المراقبة، إدارة مخاطر الائتمان، معايير حوكمة الشركات، المؤسسات الإقراضية (الإسكان) الحكومية، وحجم سوق التوريق في بريطانيا وأمريكا. وكان اقتصاديون ومسؤولون ماليون عرب قد ألمحوا في وقت سابق إلى إخفاق اتفاقية "بازل 2" التي تتبنى موضوع فصل الرقابة المصرفية عن السياسة النقدية وألزمت جميع البنوك الاستثمارية بتطبيقها، في معالجة تأثيرات الأزمة المالية العالمية في اقتصاديات الدول، مطالبين بتدعيم جهود السلطات الرقابية الرامية إلى إرساء نظم متطورة وفاعلة لإدارة المخاطر في وحدات القطاع المصرفي والمالي في الدول العربية، إلى جانب تأكيد تشديد الرقابة الحكومية والإشرافية على المؤسسات المصرفية والمالية والتأمين وتعزيز الانضباط الأخلاقي الذاتي من قبل البنوك. وأوضح الاقتصاديون المشاركون في فعاليات المنتدى الاقتصادي والاجتماعي الذي عقد بالتزامن مع القمة العربية الاقتصادية في الكويت، أن جذور الأزمة المالية العالمية الراهنة ترجع أساسا إلى التوسع المتسارع والمنفلت أحيانا الذي شهدته أنشطة القطاعات المصرفية والمالية في مختلف دول العالم خلال السنوات القليلة الماضية, خصوصا في اقتصاديات بعض الدول المتقدمة, وأسهم في ذلك التوسع مجموعة من العوامل، أبرزها قصور أو غياب الضوابط التي تحكم بعض المعاملات المالية في عديد من الأسواق, ولا سيما المرتبطة منها بمعاملات كل من بنوك الاستثمار وصناديق الاستثمار والتحوط ومؤسسات الرهن العقاري وشركات التأمين, وما ترتب على ذلك من تنوع مذهل في الأدوات المالية المتداولة, وتوسع كبير في الاقتراض وبما يفوق الحدود المناسبة للرفع المالي للمؤسسات المشار إليها من جهة، ويتعارض مع الأسس السليمة المتعارف عليها في منح الائتمان من جهة أخرى. وأضافوا أنه نتيجة لتزايد وتنوع المعاملات المالية غير الخاضعة للرقابة تقلص تأثير ما تتخذه السلطات النقدية من إجراءات وتدابير في مجال تحقيق الاستقرار المالي, وترتب على ذلك أيضا الحد من فاعلية الأدوات التقليدية للسياسة النقدية في التأثير في المتغيرات النقدية الأساسية, مثل: حجم السيولة, الائتمان, ومستويات أسعار الفائدة.