الأزمة العالمية تهبط بحركة الاستقدام وأسعار التأشيرات"السوداء"

[مخاوي الليل]

الأزمة العالمية تهبط بحركة الاستقدام وأسعار التأشيرات"السوداء"

محمد البيشي من الرياض
تراجعت حركة وأسعار بيع وشراء تأشيرات العمالة بصورة غير نظامية في سوق العمل السعودية، إلى جانب تباطؤ في حركة الاستقدام النظامي للعمال الأجانب خلال الأشهر الأولى من عام 2009، ما فسره اقتصاديون ومراقبون على أنه تراجع في حركة النشاط التجاري في المملكة، بفعل تداعيات الأزمة العالمية.
ووفق مراقبين لسوق التأشيرات "السوداء" فإن قيم التأشيرات للعمال من الهند ومصر وباكستان مثلا كانت تراوح خلال عام 2008 ما بين 8 إلى 12 ألف ريال للتأشيرة الواحدة، ولكنها مع بدء العام الجاري تراجعت إلى أن بلغت في الفترة الأخيرة إلى مابين 4 إلى 6 آلاف ريال، وهو بحسب المراقبين تراجع بنحو 50 في المائة عائد إلى وفرة المعروض من تلك التأشيرات بعد تراجع الطلب عليها.
وهنا قال لـ"الاقتصادية" سعد البداح، المتحدث الرسمي باسم اللجنة الوطنية للاستقدام، إن الركود الاقتصادي الطفيف في الأعمال التجارية في المملكة أثر بصورة واضحة في حجم العمالة المستقدمة للمملكة، مؤكدا أن هناك عديدا من التجار والمقاولين الذين أجلوا بعض الخطط التوسعية وهو بالتأكيد ما يعني تأجيل الاستقدام.
وقال البداح" هناك سببان آخران يجب الإشارة لهما، وهما تطور الوعي لدى المستقدم السعودي في السنة الأخيرة حول عدم استقدام ما ليس له حاجة به، إلى جانب دور وزارة العمل التوعوي والقانوني في الحد من الاستقدام العشوائي".
وتوقع المتحدث الرسمي باسم اللجنة الوطنية للاستقدام، أن يستمر الهدوء في حركة الاستقدام لمدة ستة أشهر مقبلة، مشيرا إلى أن المملكة مقبلة على نشاط اقتصادي ضخم بعد تجاوز فترة الأزمة العالمية وتأثيرها في الاقتصاد العالمي، وبالتأكيد أن تلك النهضة ستحتاج إلى مزيد من الأيدي العاملة الوطنية والمستقدمة.
وفي تعليق على التأشيرات التي تباع في سوق غير نظامية"سوداء" قال البداح" أعتقد أنه لم يعد هناك سوق سوداء حقيقية للتأشيرات في المملكة بعد الجهود التي بذلت للقضاء على تجار الشنطة، لذلك لا أستطيع التعليق".
إلى ذلك كشف (سعود . م) تاجر تأشيرات سعودي أن شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) من العام الجاري شهد تراجعا حقيقيا في أسعار التأشيرات، وقال" كان من السهولة جدا أن نضع سعرا محددا للتأشيرة نظرا لمحدودية العرض في ظل الطلب العالي على العمالة خلال السنوات الماضية، ولكن في الفترة الأخيرة بات من الصعب تحديد السعر، وقد بعت خمس تأشيرات هندية بـ 25 ألف ريال، بعد أن كانت تساوي على الأقل 50 ألف ريال.
فيما قال عامل مصري تحدث لـ"الاقتصادية" إنه اشترى تأشيرة لأخيه بثمانية الآف ريال، بينما قدم هو على تأشيرة دفع ثمنا لها 12 ألف ريال قبل عام فقط.
وفي هذا الإطار قال اقتصادي سعودي ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ إنه يعلم أن هناك عددا غير قليل من شركات التجزئة الكبيرة التي أوقفت طلبات استقدام
تجاوز بعضها نحو 500 تأشيرة، وقال "هناك شركة تعمل في قطاع الأزياء والمطاعم والتجزئة، أوقفت طلبا لاستقدام 280 عاملا سبق وانتهت من كافة إجراءات استقدامهم.
ومن هنا يؤكد الاقتصادي " ذلك يجعلنا نتأكد من مدى ارتباط الاقتصاد السعودي بالاقتصاد العالمي، وأن التداعيات المحتملة للأزمة لم تتوقف بعد، ويمكن أن يؤثر الركود التجاري إذ استمر على أجزاء أخرى من الاقتصاد.
أما على صعيد الاستقدام فتشير التقارير الإحصائية المتوافرة لدى وزارة العمل إلى أنه تم استخراج 9708 تأشيرة خلال الفترة من أول محرم إلى نهاية شوال 1429هـ (2008) بزيادة مقدارها (38722) تأشيرة عن الفترة نفسها من العام الماضي وبنسبة بلغت 3.99 في المائة، فيما لم تستطع "الاقتصادية" الحصول على بيانات كانون الثاني (يناير) 2009 لمقارنتها مع بيانات كانون الثاني (يناير) 2008 والتي يؤكد المراقبون أنها تراجعت بنسبة عالية، رغم مخاطبة وزارة العمل على مدى أسبوع كامل.
ووفق بيانات 2008 فقد أصدرت وزارة العمل 1.7 مليون تأشيرة عمل منها (1212698) تأشيرة لمنشآت القطاع الخاص و(445106) تأشيرات للعمالة المنزلية و(51.935) تأشيرة للقطاع الحكومي.
وبلغت نسبة تلبية طلبات الاستقدام المقدمة من منشآت القطاع الخاص التي تستخدم 500 عامل فأكثر 97 في المائة من إجمالي الطلبات المقدمة منها في عام 1428هـ، كما بلغت نسبة تلبية طلبات المنشآت التي تستخدم 100عامل فأكثر 74 في المائة، علماً بأن هذه المنشآت التي تحظى بنسبة تلبية عالية لطلباتها، هي التي تتولى في الغالب تنفيذ العقود الحكومية.
ويعد بيع التأشيرات تجارة رائجة في المملكة يلجأ إليها البعض لاستغلال حاجة مواطنين من دول أخرى للعمل، لتوفير تأشيرات لهم مقابل مبالغ مادية تراوح من عشرة آلاف إلى 20 ألف ريال (5.2 آلاف دولار) للتأشيرة الواحدة، وقد يتم الاتفاق مع الكفيل بالحصول على مبلغ مقطوع مقابل توفير التأشيرة، على أن يتركه يعمل بحرية في أي مجال يريده.
وقد يستغل بعض الكفلاء مكفوليهم ويطلبون منهم مبالغ شهرية مقابل توفيرهم الغطاء القانوني لوجودهم في المملكة، أو يستغلونهم لطلب أموال لدى احتياج المكفول لقضاء أي معاملة حكومية تتطلب موافقة الكفيل.
وأصدرت وزارة العمل في حزيران (يونيو) 2004 قرارا يقضي بحظر بيع التأشيرات، والحصول على مقابل لتشغيل العامل وتحصيل مبالغ منه مقابل تأشيرة الدخول، وتأشيرة الخروج والعودة، ورخصة العمل ورخصة الإقامة، والإخلال بالالتزامات التعاقدية.
ونص القرار على معاقبة من يرتكب أيا من تلك المخالفات بمنعه من الاستقدام لمدة خمس سنوات، إلى جانب العقوبات المنصوص عليها في الأنظمة ذات العلاقة، وقد تضمن القرار عقوبات إضافية تشمل الحرمان من الاستقدام نهائيا في حال تكرار المخالفة.