أكدوا أن الإرهابيين متخبطون والدليل رجوعهم إلى نظام التخفي القديم
خبراء: الأمن السعودي يؤسس منهجا جديدا في اكتشاف الخلايا الإرهابية
وجدي القرشي من مكة المكرمة
أكد خبراء أمنيون وأكاديميون أن النجاح الأمني غير المستغرب على رجال الأمن السعودي يؤكد مدى كفاءتهم وكسبهم الخبرات من خلال التجارب التي خاضوها من قبل في تفكيك الكثير من الخلايا الإرهابية السابقة، حيث جعلت أمر الكشف عن خلية إرهابية من الوسائل والطرق السهلة عليهم. وأضاف الخبراء أن توجه أفراد الفئة الضالة من استهداف المنشآت إلى استهداف رجال الأمن والقيام بعمليات الخطف واحتجاز الرهائن دليل على مدى ما وصلوا إليه من تخبط فكري يعيشونه من جراء تلك الضربات الاستباقية من قبل رجال الأمن. وأشاروا إلى أن الجهات الأمنية السعودية تستفيد دائماً من تصحيح أخطائها في عملية تأهيل العناصر الإرهابية والتي عدلت عن جادة الحق والصواب وآثرت الرجوع إلى براثن الفكر الضال، مضيفين أن عملية التأهيل تتطلب الإعداد والمواكبة والمتابعة، لأن هؤلاء الذين عدلوا بعد رجوعهم وتوبتهم كانوا محاطين بأناس لايزال الفكر الضال مسيطرا عليهم، أو أن العناصر الخارجية استطاعت الوصول إليهم عن طريق الإنترنت أو غيرها من الاتصالات الأخرى، واقترحوا أن تضمن تلك الجهود الأمنية في تفكيك الخلايا الإرهابية في مناهج التربية التي تدرس في المدارس أو الجامعات لكي يكسبوا الشباب الحصانة والمناعة من الفكر المنحرف وعدم استجابتهم لدعاياتهم الضالة. وأكد الخبراء والأكاديميون في حديث مع "الاقتصادية" عقب إعلان وزارة الداخلية القبض على خلية إرهابية كانت تخطط لاغتيال رجال أمن واحتجاز رهائن أن الاستراتيجية التي تتبعها الأجهزة الأمنية والمتمثلة في الضربات الاستباقية لتحقيق الأمن أدى إلى تكامل منظومة العمل الأمني من خلال المواجهات الحاسمة مع العناصر الإرهابية لإفشال مخططات تلك الجماعات الإجرامية، التي تسعى إلى تعكير صفو الأمن قبل تنفيذ مخططاتها الإجرامية ويسجل لوزارة الداخلية السعودية التراكم المعرفي والخبرات التي تجلت لرجال الأمن من جراء معالجتهم العمليات الإرهابية، وأضحت كل معالجة أمنية يحتذى به على الصعيد الأمني. يقول الدكتور أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية "إن هذه العملية تدخل في إطار المتابعة والملاحقة لشبكات الإرهاب وخلاياها داخل المملكة، وهذه العملية التي حدثت الآن أولا نعلم أن المملكة مترامية الأطراف، وهذه العملية التي حدثت لها عدة دلالات أول دلالة أن وزارة الداخلية نجحت في أنها جيشت جميع المجتمع السعودي في مواجهة هؤلاء، بهذا لم يتمكنوا من الحصول على ملاذ آمن من قبل المواطنين فاعتمدوا على الجبال والصحارى ليتخذوا منها مأوى ويضعوا أسلحتهم فيها".

وتابع: "الأمر الثاني أن هذا الأمر يسجل نجاحا للجهات المسؤولة لأن هؤلاء عدلوا فكرتهم السابقة في عمليات التخريب والتدمير وبدأوا في عمليات أخرى، وهي محاولة خطف رجال الأمن وأخذ الرهائن، أما الأمر الثالث أن هؤلاء جميعهم من السعوديين وبالتالي انحصار العنصر الأجنبي دليل على أن هناك سيطرة على المنافذ الحدودية وسيطرة على الأجانب، فإذن على المواطن أن يطمئن بأن العمليات الإرهابية في طريقها إلى الزوال، وعلينا كمواطنين أن نتربص لكل ما يحاك ضد هذا البلد الأمين". وعن موضوع الخلايا النائمة، قال: "إن قضية الخلايا النائمة تدخل ضمن استراتيجية القاعدة، فالقاعدة أول ما بدأت نشاطاتها زرعت خلايا نائمة في داخل السعودية وخارجها وفي عدة مدن وأقطاب، كان الغرض منها استنفار رجال الأمن لملاحقتهم، وأيضا كانوا يعتقدون أن المملكة ستستعين بعناصر أجنبية لمواجهتهم، لكن وزارة الداخلية كانت تعلم علم اليقين بنواياهم السيئة فلم تسمح لأي جهة أخرى ورفضت أي مساعدة سواء من الولايات المتحدة أو من غيرها من الدول الأخرى ما أسقط في أيدي القاعدة، لكن هذه الخلايا النائمة ما زالت تحاول أن تقوم بأي عمل من شأنه التشويش على الجانب الأمني داخل المملكة، وهذا لا يعني أنه ليس هناك عناصر أجنبية تغذيهم وتدفعهم إلى هذا العمل خصوصاً أن المطلوب الأمني العوفي قد بين ذلك، واعترافات المطلوب الأمني العوفي سيكون لها الأثر الكبير في توعية هؤلاء الذين يجب أن يعودوا ويتوبوا إلى رشدهم، وأن الذين كانوا يتعاطفون مع القاعدة والإرهاب آن الأوان أن يتراجعوا عن أفكارهم الهدامة والضالة، وأن يعمدوا إلى بناء بلدهم، وهذه من ثوابت المملكة أنها تتحمل أمنه". وأبان أن المملكة انتهجت استراتيجية فتح أبواب التوبة والعودة لهم حيث تعتمد هذه الاستراتيجية على أن هؤلاء الضالين عن جاد الحق والصواب لا تتعامل معهم شخصيا وإنما تقدمهم للعدالة، فجعلت خصم الإرهابيين هي العدالة وليست وزارة الداخلية، فالوزارة مهمتها القبض عليهم وتسليمهم للمحاكمة العادلة. وتطرق إلى أن الميزة في الجهات الأمنية أنها تستفيد من أخطائها، وأن تعمل دائما على تطوير ذاتها، فالمطلوبون السابقون الذين تمردوا وهربوا بعد أن شملهم العفو لم يؤهلوا التأهيل الكامل لأن التأهيل يتطلب الإعداد والمواكبة، الإعداد بالمناصحة والإقناع ومن ثم المواكبة بعد خروجهم من السجن بحيث يتابعون ويوجهون توجيها ذاتيا، وليس كل من تاب أن يعمل صالحا إلا إذا كانت هناك متابعة له لتثبيت القناعة لديه. ومع الأسف بعض ذوي هؤلاء وأصدقائهم ما زالت تعشعش في عقولهم الضلالة، وهذا الأمر يتطلب المناصحة الخارجية، كما هي المناصحة الداخلية، إضافة إلى نجاح العناصر الخارجية في الوصول لهم من خلال الإنترنت ومن خلال وسائل الاتصالات. من جهته، أكد اللواء سعد بن جابر الشنبري مدير شرطة العاصمة المقدسة سابقا وعضو مجلس منطقة مكة المكرمة أن هذه الضربة الاستباقية ليست غريبة على رجال الأمن البواسل في مملكتنا ولا هي المرة الأولى وجهودهم كبيرة وواضحة، وهذا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ثم من الدعم اللا محدود من ولاة الأمر. وأضاف "ورجال الأمن مهما تحدثنا عنهم فلن نوفيهم حقهم فهم العيون الساهرة على أمن وسلامة المواطن السعودي، وكذلك المقيم الذي يجب علينا كسعوديين أن نوفر له الأمن والأمان، ورجال الأمن لا شك أن لديهم كافة الإمكانات متوافرة التي تسهل لهم جمع المعلومات وكيفية المتابعة والرصد والضبط، وهذه أسباب سر النجاح، والنتائج المتوالية في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية ما هو إلا دليل على كفاءة رجل الأمن السعودي ومدى ما توافر له من أدوات التي شملت الدراسات وعلوم التقنية الحديثة في التعليم الأمني تساعده على النجاح في القضاء على أمثال هؤلاء الإرهابيين". وشدد على أن هؤلاء الإرهابيين مهما تخفوا ومهما فعلوا فجميع محاولاتهم سوف تتكسر على أيدي رجال الأمن البواسل، وهذه ليست مبالغة فرجال الأمن لديهم الوسائل والفكر الصحيح والسليم في كشف خدع هؤلاء الإرهابيين في أي زمان أو مكان حتى ولو كان المطلوب الأمني خارج حدود الوطن فسوف يتوصل إليهم رجالنا. وناشد الشنبري هؤلاء الفئة بالرجوع إلى جادة الصواب، فالمسؤولون في الدولة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فتحوا باب العودة والتوبة لعدولهم عن الفكر الضال الذي يحيون في براثنه، والتجارب في هذا الأمر أثبتت صدق ما ذهبت إليه حكومتنا في السماح والتسامح معهم، بل تجاوز الأمر إلى مساعدتهم ماليا واجتماعيا حيث وظفتهم وزوجتهم، وقلما تجد هذا الأمر في أي دولة أخرى تعاني مسألة الإرهاب، فهذه رحمة من الله علينا في أن يكون التسامح من شيم حكومتنا الرشيدة. فيما أكد اللواء عبد السميع سراج قاضي مساعد مدير شرطة العاصمة المقدسة للأمن الجنائي سابقا أن هذا الأمر ليس مستغربا على رجال أمننا، وهذا يأتي بفضل الله ثم بفضل الخبرات المتراكمة التي أكسبت رجال الأمن المتخصصين من نتائج التحريات والمتابعة الدقيقة حتى توصلوا إلى أن جسر المعلومات المتواصل من الأشخاص المتورطين في هذا الأمر أعطتهم حافزا ودليلا ومعرفة أماكنهم وتحركاتهم وتصرفاتهم، حتى أن هؤلاء الفئة الضالة ليست لديهم الطرق المبتكرة لتطوير أساليبهم فنشاهدهم يعودون إلى أساليبهم القديمة والبدائية في تخفيهم في الأماكن المهجورة وفي الصحراء والوديان، ويقومون بعملية دفن أسلحتهم ومتفجراتهم، وجميع هذه الطرق والوسائل لا تخفى عن أعين رجال الأمن البواسل الذين حفظوا ودرسوا تفكيرهم وأصبحوا يضربون هؤلاء المجرمين بضربات استباقية تشتت أذهانهم ويجعلونهم يتخبطون في تصرفاتهم. وعرج قاضي إلى أن أحد العلماء الغربيين في الجانب الأمني ذكر أن السعودية تعد مصدرا للحصول على المعلومات، واعتبرها في الصدارة في فن التعامل مع الإرهابيين وخلاياهم، وأصبحوا يدرسون طرق رجال الأمن في الكشف على طرق الإرهابيين والقبض على الخلايا الإرهابية، ونصح بالرجوع إلى المدرسة السعودية في هذا الجانب، وهذا دليل على مدى كفاءة رجل الأمن الذي تمرس في مجال عمله من خلال معرفته بتضاريس بلده والتي تعد قارة وليست دولة صغيرة تستطيع أن تحاصر الإرهاب داخلها. من جهته أشار الدكتور خالد برقاوي أستاذ الخدمة الاجتماعية المشارك في جامعة أم القرى أن النجاح الأمني الذي حققه رجال الأمن من شانه أن يعزز الاستقرار النفسي والطمأنينة على نفوس المواطنين والمقيمين. واقترح أن يتم تضمين الجهود الأمنية في القضاء على الإرهاب وخلاياه داخل مناهج التربية لكي يتم كشف جميع ألاعيب الفكر الضال للنشء والطلبة، وتأصيل الفكر السليم داخلهم ما يسهم في إكسابهم مناعة حصينة من عدم انجرافهم خلف الدعايات الكاذبة التي يطلقها الفئة الضالة بين الحين والآخر.