هل السيقان ترفع النمو الاقتصادي

[مخاوي الليل]

هل السيقان ترفع النمو الاقتصادي



مازن السديري
هل صحيح أصبحت سحابة القنوات الفضائية بأمطارها من برامج و مسلسلات تغيراً سلبياً كما كان يصفها من كنا نصفهم برجعيين و متخلفين.. وما شأن النقاش عن القنوات الفضائية في زاوية اقتصادية.
خلال السنوات التي عشتها وأعيشها في أوروبا أمام الجهاز الصغير الذي لا يحمل أكثر من خمس قنوات تهمس بالفرنسية بخلاف صراخ عشرات القنوات العربية التي أراها عندما أزور أصدقائي السعوديين هناك... فوجئت بعد تلك السنوات أن المسلسل السوري أصبح أكثر محافظة من نظيره الخليجي الذي يعتمد في بعض الأحيان استخدام الإغراء (بسيقان) و (أكتاف) خليجية لم يعتدها المشاهد الخليجي ويحتج البعض باسم الحرية بأنها أساس الفن و لماذا لا نناقش واقعنا و إلى آخره.
الحرية فعلاً ضرورية لإنجاح الفن و الفكر و لكن الفن هو سلخ صورة من الواقع ليحيلها الفنان إلى تناغم جميل كما يرسم الفنان لوحة تعبر عن حالة نفسية أو منظر طبيعي بعد أن تعلم من الطبيعة علاقة الألوان و كيفية تجانسها مثل الألوان الحرارية و الكلاسيكية و الألوان الباردة ...الأزرق لا يوضع بجوار الأحمر يحتاج الاثنان إلى لون كلاسكي (أبيض, أسود, بني) لكسر النشاز بين اللونين البارد و الحار ..الفن إبداع و ليس فوضى...كل ممثل أصبح منتجاً و أيضا كاتب العمل أحيانا بثقافة سطحية لشخصيات( متلاطمة) تفتقد المنطق و الربط ليباع على قنوات كثيرة و الطلب أعلى من العرض ...برنامج (أستار أكاديمي) يعطيه الفرنسيون ساعتين عند الغروب و العرب قناة خاصة على مدار اليوم...أمة تتابع تصرفات مراهقين طول النهار و المساء متى تعمل؟ على عكس إيران التي نتهمها بالتعصب علمت سوريا الدراما و قطعت شوطاً طويلاً في البحث النووي.
من المسلسلات إلى البرامج التي أغلبها(ملطوش) من الغرب حتى الديكور ولبس المذيع مثل برنامج (شكوماكو)التافه هو في الأصل برنامج (مساء السبت) الفرنسي و قس على ذلك الكثير من برامج (الفرفشه)...نشرة الأخبار الكئيبة أو المتحيزة بلا موضوعية و لكن لا أنكر ما أضافه عبدالرحمن الراشد على نشرة (العربية) من أخبار لم تكن تقدم سابقاً في عرف النشرات الإخبارية مما أكسبها مذاقا جديداً...و قنوات آخرى تروج الطائفية أو النعرة القبلية.
الإعلام أقوى من التعليم في التأثير في خلق مفاهيم الفرد ...الأسرة و التلفاز(أقوى عناصر الإعلام) و الأصدقاء و المدرسة هي عناصر البيئة التي ترسم الشخصية ...التلفاز بسرعة الضوء و باختيار المشاهد يخترق النفوس و المعلم في المدرسة بسرعة السلحفاة يحاول تفسير هذه المدخلات لطالب مكره على الدرس و يشعر بالملل.
والآن ما قيمة هذا كله اقتصاديا ...في الغرب في دول الحرية و الديمقراطية بعدد قنوات أقل بقرابة النصف و لكنها تشكل جزءاً من الدخل القومي و مناخاً لخلق فرص العمل مثل (rtl) المطروحة في أسواق المال تشغل أكثر من ثلاثين ألف موظف, أكتفي أن أقول إن برنامجاً مثل (جونيل) وهو برنامج ساخر يقدم شهرياً أكثر من 50 فرصة عمل لاكتشاف مواهب جديدة للحفاظ على الجودة في مناخ إعلامي شديد المنافسة لا يقبل الكسل و التكرير, و يعمل أيضاً آلاف الباحثين و المترجمين وعلماء اجتماع لدراسة الجمهور و خريجي إعلام لاكتشاف برامج جديدة ... ولا يتركون خريجي الإعلام كما في العالم العربي في أروقة الاستقبال بمسمى علاقات عامة, كل هذا التفاعل يخلق العديد من الفرص للعمل و التقدم. أسف إن كنت أطلت الحديث فيما هو ليس من تخصصي من فن و إعلام وأنا مختص بالاقتصاد والمال ولكن الاقتصاد يا سادة هو تنظيم أي قطاع و دورة العرض و الطلب فيه و الحفاظ عليها بما يرفع دخل الأول و استهلاك الثاني و زيادة فرص العمل بينهم وهكذا