تمويل .. يبحث عن تمويل ..؟
تمويل .. يبحث عن تمويل ..؟
عثمان سليمان العيسى*
عصامياً .. بالغ القسوة .. علينا دائماً .. لم ينخرط منذ نشأته في أي عمل .. حكومياً كان أم خاصاً .. فلسفته التي مللنا من إلقائها على أسماعنا .. فضلاً عن ألم الواقع الذي يعصر قلوبنا عند الإنصات إليه .. والذي كنا نخفيه عنه بإحكام : ( لا يمكن لي أن أكون مسخراً لأحد .. أريد للآخرين أن يسخرّوا للعمل الذي أُنشئه وأديره بنفسي ) .. رغم تنقله في مشاريع متعددة الأنشطة .. إلّا أن ذلك .. لم يكن لي على الأقل .. بادرة على الفشل .. فالرجل لم يجد النشاط .. الذي يحقق به ذاته .
عديدة سفرات العمل .. كثيرة بعدد خصلات الشيب .. التي ألهبت جانبي رأسه .. نعم .. صغير في العمر .. لكن حنكّته التجارب .. التي لم نعرفها بعد ..! كنت أعرف - لفرط معاشرتي إياه - حجم الألم .. الذي يكتنف صفحات وجهه .. رغم احترافه في إخفاء المشاعر .. تذكرت حديثه عن براعة اللبنانيين في هذه الميزة ( اللبناني .. عزيزي .. وإن كان يكرهك حد الألم .. فسيريك .. تأكد .. بالغ الحب والحرص على مصلحتك .. لأن مصلحته .. عند ذاك .. تكون معك ) .. ولأني أعرف ما يخفيه .. انطلقت بالحديث .. إلى مشروعه .. الفرانشايز .. الذي طالما حكى لي عن كونه محور اهتمام عالمي ملحوظ في الفترة الأخيرة .. لتحقيق أكبر قدر من الكفاءة .. فضلاً عن التقليل من حدة المشروعات الخاسرة .. ويحقق مع هذا وذاك رواج المشروعات ذات الطابع المالي الممتاز في أي وقت .. لكن ومع كل هذه الميزات عزيزي .. ومع سفرات القنص .. التي حققت بها أفضل نشاطات الامتياز .. وأكثرها خبرة .. إلا أن هذا .. لم يكن شفيعاً .. لمؤسسات الإقراض الحكومية .. أو حتى التابعة لمؤسسات المجتمع المدني .. الجميع بلا استثناء .. يريدون عقاراً .. يضمنون به القرض .. المفارقة .. أني متى ما كنت ممتلكاً للعقار .. هل يا ترى سأحتاج .. لمؤسسات الإقراض .. أليس الرهن عندها .. يكفيني ..؟! كنت مصغياً إليه باهتمام وهو يحدّثني عن أن المستفيد من القروض ليس المبتدئ في عالم التجارة الذي يملك من المبادرة والرغبة الشيء الكثير .. بل المستفيد الأعظم هو من يمتلك مشروعاً صناعياً يريد توسعته .. كان الكثير يصدّه بتشنيف الأسماع عن عدم كونهم مؤسسة تمويلية .. غاية ما يقدّمونه رفاهية لاحقة للنجاح .. من التأهيل والتدريب والاستشارات والمتابعة .. ومن كان وقحاً منهم .. صارحه بأن الأمر ليس ضماناً اجتماعياً .. ليقدّم له القرض .. بلا أي ضمانات ..! مع أن المشروع عزيزي - كذا كان حديثه مستمراً – ليس بلا ضمانات .. الكل عندما يرى العقود .. والبحث السوقي .. ودراسة الجدوى .. والخطة التسويقية .. يفتح فمه باندهاش .. لكن سرعان ما يغلقه .. على ما لديه من شروط .. كثيراً ما كنت أحدّثهم .. عن تلكم الشركة العربية التمويلية الضخمة .. والتي استندت في قرض التمويل على السير الذاتية .. للمدراء التنفيذين .. للشركة طالبة القرض ..! كيف يراد من الشباب السعودي .. توليد الدخل .. وتوفير فرص عمل لنظرائهم .. وإيجاد مجالات جديدة للعمل والإنتاج .. وتنويع هيكل القطاع الاقتصادي والخدمي .. واستيعاب قوة العمل المتوافرة والداخلة إلى سوق العمل لأول مرة .. ولمّا نوفّر بعد .. قاعدة غير تقليدية .. لمشاريع تنجح في تحقيق أهدافها.يبدو لي بأن هذه المؤسسات التمويلية .. عزيزي المستثمر اليائس .. لم يطلّعوا بعد على تجربة "لي كوان يو" .. عندما عمد إلى الثقة بالمسؤولين والموظفين الشباب الذين تمتعوا بالاستقامة والأمانة والذكاء والطاقة والدافع إلى القدرة على التنفيذ وإن افتقدوا الفطنة التجارية .. وهؤلاء هم من نتحدث عنهم في رحلة الصعود المذهلة لسنغافورة .. حيث لا مكان لعرف ( هل لديك عقار ) ..؟! * الباحث في أنظمة العقار
|