أوكتال للبتروكيماويات قصة نجاح خليجية بدأت في صلالة

[مخاوي الليل]

تعتزم زيادة حصتها عالمياً إلى 20%

أوكتال للبتروكيماويات قصة نجاح خليجية بدأت في صلالة

جدة: وائل مهدي

مع تطور المنافسة بين شركات المنتجات الاستهلاكية، تطورت أساليب التسويق ومعها أساليب التغليف. هذه الفكرة البسيطة دفعت مجموعة من المستثمرين السعوديين والخليجيين والأمريكيين إضافة إلى مصارف خليجية ودولية إلى استثمار أكثر من مليار ريال (300 مليون دولار) في مجمع "أوكتال" الصناعي بمدينة صلالة العمانية لإنتاج مادة التغليف البلاستيكية "البوليثيلين تيريفتالات" أو (PET) كما يطلق عليها مصنعو هذه المادة. التقت "الوطن" في جدة الأمير فيصل السديري أحد الشركاء المؤسسين لشركة "أوكتال للبتروكيماويات" إضافة إلى المدير التنفيذي للشركة الأمريكي نيكولاس بركات ومواطنه ويليام بارنبيرغ الذي يشغل منصب رئيس العمليات، لمعرفة الأسباب التي دفعت كلا منهما إضافة إلى بنك "إتش إس بي سي" لإنشاء هذا المجمع الضخم ولماذا اختاروا مدينة صلالة تحديدا. وقبل كل شيء ما سبب اجتماعهم في جدة بعيداً عن الولايات المتحدة حيث يوجد العديد من الشركاء. يقول السديري " إن نمو الطلب وضخامة حجم قطاع التغليف هما العاملان الأساسيان وراء اختيار الشركاء للدخول فيه، إذ إن صناعة التغليف هي ثالث أكبر صناعة في العالم بعد صناعة الأسلحة والسيارات. وبعيداً عن الاسم المعقد لشرائح التغليف البلاستيكية والتي يتم تغليف الأغذية وألعاب الأطفال وأدوات الحلاقة وإكسسوارات الهواتف الجوالة بها، فإن الطلب على هذه الشرائح السميكة لا يزال ينمو بصورة كبيرة حتى مع كل التباطؤ الاقتصادي التي تشهده الأسواق الكبرى بسبب الأزمة المالية العالمية. ويشهد سوق التغليف العالمي باستخدام رقائق "البوليثيلين تيريفتالات الراتنجية" الشفافة الصلبة، نمواً سنوياً يتراوح بين 10-12%، مما يجعله أسرع قطاعات تغليف المواد الغذائية والاستهلاكية نمواً على المستوى العالمي. وكانت "أوكتال" قد باشرت عملياتها في "المنطقة الحرة بصلالة" في ديسمبر 2006، واستثمرت ما يزيد على 300 مليون دولار في خطوط إنتاج متطورة تساعدها على تحقيق هدفها في أن تصبح أكبر منتج في العالم لألواح التغليف المصنوعة من مادة "البوليثيلين تيريفتالات غير المتبلور" (APET)، وأكبر منتج في الشرق الأوسط لمواد البوليثيلين تيريفتالات الراتنجية (PET resins). أما عن سبب اختيار مدينة صلالة للمشروع فإن ذلك يعود لعاملين استراتيجيين أحدهما جغرافي والآخر اقتصادي. فموقع الشركة في مدينة صلالة، جنوب شرقي السلطنة، يوفر منفذاً سهلاً إلى أسواق الولايات المتحدة، وأوروبا، وآسيا، من خلال الممرات الملاحية نحو الشرق والغرب. وعن ذلك قال رئيس العمليات في "أوكتال" ويليام بارنبيرج " بإمكان الشركة شحن منتجاتها إلى أوروبا في أقل من أسبوع، وتحتاج البضاعة 14 يوماً لبلوغ ميناء نيويورك شرق الولايات المتحدة و26 يوماً للوصول إلى ميناء لوس أنجلوس في غربها. وبإمكان الشركة إيصال البضاعة إلى معظم موانئ العالم في غضون 12 - 18 يوماً. أما العامل الاقتصادي فهو "اتفاقية التجارة الحرة" بين سلطنة عمان والولايات المتحدة، التي تتيح لمنتجات "أوكتال" ميزة تنافسية فريدة عند تصديرها إلى الولايات المتحدة. ومشروع المصنع هو أحد المشاريع الخليجية التي تمتلك العديد من مقومات النجاح ابتداء من فكرة المشروع وموقعه الجغرافي ومصادر التمويل إضافة إلى المواد الخام الرخيصة التي توفرها شركة "سابك" السعودية وانتهاء بالزبائن الذين يريدون شراء البضاعة ولكن هل سينجح هذا المشروع في ظل هذه الأزمة؟ في الأشهر الثمانية الماضية أقفلت 8 شركات عالمية لتصنيع شرائح "البوليثيلين تيريفتالات" البلاستيكية أبواب مصانعها، لتخسر سوق "البوليثيلين تيريفتالات" ما يقارب من 1.56 مليون طن أي ما يعادل 10% من حجم السوق العالمي. وفيما أقفلت تلك المصانع أبوابها، زادت شركة "أوكتال" من إنتاجها وأضافت مصنعين آخرين. وتضاعفت مبيعات الشركة بنحو ثمانية أضعاف منذ انطلاقها لتصل بنهاية شهر مارس 2009 إلى125 مليون دولار مقابل 19 مليون دولار في عام 2007. والسر خلف هذا النجاح في هذه الأوقات هو طريقة تصنيع الشركة لشرائح "البوليثيلين تيريفتالات". فبفضل تطبيق تقنيتها المبتكرة الخاصة، تمكنت "أوكتال" من اختصار مراحل إنتاج رقائق "البوليثيلين تيريفتالات الراتنجية" في خطوة واحدة، عبر تصنيعها مباشرة من المواد الكيميائية الأساسية، الأمر الذي ساهم في خفض التكاليف واستهلاك الطاقة. وتقنية "التحويل المباشر إلى رقائق" (DPET) التي ابتكرتها "أوكتال"، هي تقنية مسجلة بموجب براءة اختراع في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمتلك الشركة نحو 32 دليل إثبات ملكية لها. أما السر الثاني خلف النجاح فيكمن في اعتماد الشركة على الإنتاج الضخم والتصدير إلى الأسواق الكبرى خاصة الولايات المتحدة وأوروبا. وبفضل تلك الاستراتيجية تتحكم "أوكتال" في نسبة 9 % من السوق العالمي بعد سنتين فقط من انطلاقها وتنوي زيادة هذه الحصة إلى 20% بحلول 2010. ويقول فيصل السديري: "آن لنا في دول الخليج أن نثق في أنفسنا وقدراتنا وأنه بإمكان شركة خليجية أن تصبح لاعباً عالمياً في صناعة متخصصة بعيداً عن النفط وإن كانت قائمة عليه." ويرى السديري أن المشروع نموذج حقيقي لقدرة الخليج على التكامل الاقتصادي على أرض الواقع وليس من خلال الشعارات والخطط الطموحة، إذ إن مستثمرين سعوديين وبحرينيين ومن الكويت وعمان وضعوا أموالهم على أرض خليجية لإطلاق شركة تسعى إلى أن تكون لاعباً عالمياً. ويضيف: "إن للأزمة المالية جوانب إيجابية كما لها جوانب سلبية ونحن نسعى أن نستغل الأوضاع الحالية في مصلحتنا." ومن هنا كان الاجتماع في جدة مهماً، حيث سيتقابل الشركاء لتحديد كيفية الاستفادة من الأزمة خاصة أن الشركة تنوي التوسع في الخليج والشرق الأوسط. ولا تزال المملكة هي السوق الأكبر في المنطقة ومن هنا كان الدخول إليها على قائمة التوسعات المستقبلية للشركة. ويعلق المدير التنفيذي لشركة "أوكتال" نيكولاس بركات على ذلك قائلاً: "نحن نقف اليوم على مفترق طرق بسبب الأزمة ويجب أن نحدد في أي اتجاه سنمضي... هل سنستثمر المزيد من الأموال للتوسع أم سنكتفي بما حققناه حتى الآن؟"