الخلاف الأوروبي الأمريكي على السياسة المالية يظهر للسطح قُبيل قمة العشرين
الخلاف الأوروبي الأمريكي على السياسة المالية يظهر للسطح قُبيل قمة العشرين
د. عبدالعزيز حمد العويشق
لم يستخدم رئيس الوزراء التشيكي Mirek Topolanek العبارات الديبلوماسية يوم الأربعاء الماضي حين وصف خطة أوباما لتحفيز الاقتصاد بأنها "الطريق إلى الجحيم" ونصح أورويا ألا تحذو حذوها. ونظراً إلى أن تشيكيا تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر فإنه كان يعبر عن وجهة نظر معظم دول الاتحاد. وقبله بيومين حذر Jean Claude Trichet محافظ البنك المركزي الأوروبي بأن أية خطة تعتمد على إحداث عجز كبير في الميزانية قد تؤدي إلى تأثير عكسي وتضعف الثقة في الاقتصاد.
وظل رئيس الوزراء البريطاني المؤيد الرئيسي للخطة الأمريكية، خاصة أنه أنه اقترح خطة مشابهة للاقتصاد البريطاني، ولكن خطته تواجه معارضة داخل بريطانيا نفسها، فقد أبلغ ميرفن كنج، محافظ البنك المركزي البريطاني، لجنة برلمانية بأن الاقتصاد البريطاني لا يستطيع تحمل مزيد من عجوزات الميزانية، معارضاً بذلك الميزانية التي سيقدمها براون إلى البرلمان في أبريل القادم، والتي تحتوي على عجز كبير بالمقاييس التاريخية.
ظهر هذا الخلاف خلال التحضيرات لقمة العشرين نظراً إلى أن زيادة الإنفاق الحكومي هو أحد المواضيع المطروحة بقوة منذ قمة العشرين السابقة في نوفمبر 2008م، ولم تكن مثار خلاف كبير ذلك الوقت. إلا أن الخطة الأمريكية، كالعادة، جاءت بحجم فاق التوقعات، فبالإضافة إلى خطة إنقاذ المؤسسات المالية التي أقرت في نهاية عهد بوش، قدمت الإدارة الجديدة خطة طموحة لإنقاذ الاقتصاد عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي. ويُتوقع بذلك أن يصل عجز الميزانية إلى نحو 1.8 تريليون دولار، أو ما نسبته 12% من الناتج المحلي الإجمالي.
قارن هذا العجز المتوقع في الولايات المتحدة مع الهدف الأوروبي المنصوص عليه في اتفاقية ماستريخت، بألا يتجاوز العجز في الميزانية السنوية 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وللتخوف الأوروبي مبررات من تجربة أوروبا، التي لا يوجد ما يقابلها في التاريخ الاقتصادي للولايات المتحدة. ففي حين مرت بعض الدول الأوروبية بفترات من الفوضى الاقتصادية نتيجة التوسع في الإنفاق بنسب تفوق قدرة الاقتصاد على التأقلم، كانت تجربة الولايات المتحدة إيجابية بشكل عام في التعامل مع عجز الميزانية، باستثناء فترة الثمانينات التي عانت فيها من التضخم وارتفاع اسعار الفائدة نتيجة عجز الميزانية الذي استمر عدة سنوات في عهد الرئيس ريجان. ويُلاحظ أن الخلاف ليس على الحاجة إلى زيادة الإنفاق، فقد أقر قادة الاتحاد الأوروبي في بيانهم الختامي الأسبوع الماضي مبدأ تحفيز الاقتصاد عن طريق زيادة الإنفاق. وفي بريطانيا نفسها، كان محافظ البنك المركزي قد وافق على خطة الإنقاذ التي تبنتها الحكومة العام الماضي. الخلاف إذن هو على حجم الزيادة المناسبة في الإنفاق، ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي، وطريقة تمويل الزيادة المطلوبة. وبلا شك سيجعل هذا الخلاف من متابعة قمة العشرين أمراً مشوقاً.
|